قررت النقابة الوطنية لعمال السكك الحديد الجزائرية مواصلة الإضراب الذي بدأته قبل أسبوع، وانتقدت بحدة موقف السلطات التي عمدت إلى اللجوء إلى العدالة لتخويف المضربين عن العمل. وأدى إضراب عمال السكك الحديد إلى شلل تام في تزويد المناطق الصناعية المواد الأولية والولايات البعيدة الوقود، كما توقفت حركة النقل عبر السكك الحديد التي تضمن يوميا نقل أكثر من 100 ألف مسافر عبر الشبكة. وجاء هذا القرار متزامناً مع لجوء السلطات إلى توقيف أكثر من 600 معلم في المدارس الثانوية عن العمل بعد رفضهم التوقف عن الإضراب الذي بدأو به الإثنين الماضي للمطالبة بتحسين أوضاعهم الإجتماعية والمهنية. وجاءت هذه القرارات في ظل متاعب كبيرة تواجهها الحكومة بسبب قرب حلول شهر رمضان، وتأثير الأزمة السياسية الناتجة عن "معركة" الاستحقاقات الرئاسية المقررة مطلع العام 2004 على الاستقرار في كثير من المؤسسات الحكومية. وبادرت الحكومة مساء السبت، إلى إصدار قرارات جديدة لوقف إضراب المعلمين الذي دخل يومه السابع، غير أن المجلس الوطني لمعلمي المدارس الثانوية والتقنية الذي يحظى بشعبية واسعة في أوساط معلمي المرحلة الثانوية جدد بمواصلة الإحتجاجات إلى حين استجابة الحكومة المطالب المهنية. وفي تصعيد جديد للحركة الاحتجاجية بدأ معلمو المرحلة المتوسطة أمس، حركة احتجاج في عدد من ولايات غرب الجزائر للمطالبة برفع الأجور وتحسين الظروف المهنية. وجاء الإضراب بعد يومين فقط من بدء معلمي الإكماليات في ولاية البويرة في شرق البلاد إضرابا غير محدود عن العمل احتجاجا على تدني الاجور. وكشفت تقارير حديثة صادرة عن المجلس الوطني الإقتصادي والإجتماعي تردي المستوى المعيشي لغالبية السكان بأكثر من 70 في المئة خلال العقد الماضي، مما أسفر عن ارتفاع عدد الفقراء من 7 ملايين إلى أكثر من 16 مليون، وفقاً لأرقام جديدة أعلنتها وزارة التضامن الجزائري. وأعلن رئيس الحكومة السيد أحمد أويحيى الثلثاء الماضي، أن احتياطات الجزائر بالعملة الصعبة بلغت نهاية أيلول سبتمبر الماضي أكثر من 30 بليون دولار أميركي وأنها لم تستغل في اقامة مشاريع تنموية أو إنعاش القطاع الصناعي، علما أن ديون الجزائر كانت في الفترة ذاتها 23 بليون دولار تدفع على مراحل في آجال تمتد على مدى 15 سنة. وأعلنت الحكومة الجزائرية بداية الشهر رفع الأجر القاعدي الأدنى بنسبة 25 في المئة بعد مفاوضات شاقة مع المركزية النقابية للعمال وأرباب العمل. وتتزامن الحركة الإحتجاجية مع أوضاع سياسية صعبة تشهدها الجزائر مع احتدام الصراع في شأن الإستحقاقات الرئاسية داخل هرم الحكم، مما يهدد بتحول هذه الإضرابات الإحتجاجية إلى ورقة ضغط ضد الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة ومؤيديه. وشبه مسؤول سابق في الحكومة هذه الأوضاع بما حدث في خريف العام 1988 عندما تحولت الإضرابات الاحتجاجية إلى ورقة دامية انتهت بإعلان التعددية السياسية وإبعاد الحرس القديم من قادة الحزب الحاكم سابقا.