أبٌ يتنازل عن قاتل ابنه بعد دفنه    وزير الدفاع يبحث مع نائب رئيس الوزراء السلوفاكي علاقات البلدين في المجال الدفاعي    أمير منطقة المدينة المنورة يستقبل المهنئين بشهر رمضان    عقوبات ضد الشاحنات الأجنبية المستخدمة في نقل البضائع داخلياً    تاسي: 339.1 مليار ريال استثمارات الأجانب    ضمن خارطة طريق بديلة لمواجهة تصفية القضية.. اليوم بالقاهرة.. إعمار غزة دون تهجير على طاولة القمة العربية الطارئة    ترامب يبحث ملف المساعدات.. وروسيا تشدد مواقفها.. مساع أوكرانية – أوروبية لإصلاح العلاقات مع أمريكا    في ذهاب دور ال 16 لدوري أبطال آسيا للنخبة.. الهلال والأهلي في ضيافة باختاكور والريان    استعرضا سبل تعزيز العلاقات الثنائية.. ولي العهد والرئيس عون يبحثان مستجدات أوضاع لبنان والمنطقة    ولي العهد يستقبل الرئيس اللبناني ويعقدان جلسة مباحثات رسمية    تعليق الدراسة وتحويلها عن بعد في عددٍ من مناطق المملكة    فيض من عطاء في بلد العطاء    مهرجان "سماء العلا" يستلهم روح المسافرين في الصحاري    مشروع الأمير محمد بن سلمان يطور مسجدًا تاريخياً عمره 100 عام    منعطف إجباري    غزارة الدورة الشهرية.. العلاج (2)    نائب أمير منطقة مكة يستقبل مدير عام فرع وزارة البيئة والمياه والزراعة    الأمير سعود بن نهار يستقبل المهنئين بشهر رمضان    نائب أمير منطقة مكة يطّلع على الخطط المستقبلية للمديرية العامة للسجون    ليالي الحاده الرمضانية 2 تنطلق بالشراكة مع القطاع الخاص    نائب أمير منطقة مكة يستقبل مدير عام فرع الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف    تعليم الطائف ينشر ثقافة الظواهر الجوية في المجتمع المدرسي والتعليمي    قطاع ومستشفى تنومة يُنظّم فعالية "اليوم العالمي للزواج الصحي"    أمير الرياض يكرّم الفائزين في مسابقة الملك سلمان لحفظ القرآن الكريم    أمير القصيم يرفع الشكر للقيادة على إعتماد تنفيذ مشروع خط أنابيب نقل المياه المستقل (الجبيل – بريدة)    والدة الزميل محمد مانع في ذمة الله    جمعية «أدبي الطائف» تعقد أول اجتماع لمجلسها الجديد    محمد بن علي زرقان الغامدي.. وجه حي في ذاكرة «عكاظ»    فينيسيوس جونيور يرفض صفقة العمر    نائب وزير الخارجية يشارك في الاجتماع الوزاري التحضيري لمجلس جامعة الدول العربية    الشلهوب يُرزق بشيخة    رد على «تهنئة رمضانية» يقود رئيس شركة للسجن!    حرس الحدود ينقذ (12) شخصًا بعد جنوح واسطتهم البحرية على منطقة صخرية    توصيل الإنترنت عبر الضوء    «الغذاء والدواء»: 1,450,000 ريال غرامة على مصنع مستحضرات صيدلانية وإحالته للنيابة    استخبارات الحوثي قمع وابتزاز وتصفية قيادات    أكبر عذاب تعيشه الأجيال    خديجة    الإيمان الرحماني مقابل الفقهي    وزارة الشؤون الإسلامية تنظم مآدب إفطار رمضانية في نيبال ل 12500 صائم    "حديث السّحر" ماشفت ، ماسويت ، ماقلت ، مدري    محافظ الخرج يشارك رجال الأمن وجبة الإفطار في الميدان    المشي في رمضان حرق للدهون وتصدٍ لأمراض القلب    تأثيرات إيجابية للصيام على الصحة النفسية    أطعمة تكافح الإصابة بمرض السكري    عينك على البحر.. عينك على المستقبل !    تقنيات مبتكرة للاستدامة الزراعية    قال «معارض سعودي» قال !    النصر يتعادل سلبيا مع الاستقلال في غياب رونالدو    الدوري أهلاوي    التسامح...    جيسوس يكشف أهدافه من مواجهة باختاكور    ولي العهد والرئيس اللبناني يعقدان جلسة مباحثات رسمية    دبلوماسية الردع عن بُعد    6 مجالات للتبرع ضمن المحسن الصغير    التعليم السعودي يفتح خزائنه في سباق العشرين عالمياً    فيصل بن مشعل يزور القضاة والمشايخ    مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية يعيد الأصالة العمرانية لمسجد الرويبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مطالب بتعديل نظم الجمارك والضرائب والاستثمار . الإصلاح الاقتصادي نجح في مصر دون خسائر اجتماعية
نشر في الحياة يوم 18 - 10 - 2003

لا تزال مطالبات الاصلاح الاقتصادي قائمة، ويسعى اليها الحكوميون والمعارضون في آن، أملا في تجاوز عقبات عدة يرى معنيون انها في حاجة ماسة الى الشطب نهائياً من قاموس التعاطي مع المستجدات الدولية والاقليمية، وربما انتهز كثُر مرور 22 عاماً على تولي الرئيس مبارك الحكم في 14 تشرين الاول اكتوبر وبداية السنة ال23 ليطرحوا رؤاهم لما ينبغي عمله اقتصادياً في ظل قناعة تامة أن السنوات الماضية حفلت بانجازات ابرزها الحفاظ اللافت على البعد الاجتماعي رغم التحول الاقتصادي الى آليات السوق. فمصر بمقاييس ما حدث في دول نامية عدة مثل المكسيك والارجنتين وتركيا وفنزويلا آمنة من تقلبات اقتصادية حادة رغم ما تمر به البلاد من ازمات منذ عام 1998 وحتى الآن.
سبق اصلاحيون جدد وحكوميون بارزون المعارضة في طرحهم لاستحقاقات ينبغي عملها في السنوات المقبلة في مقدمها شطب البيروقراطية التي سكنت سلوكنا الوظيفي العام وباتت عنوان تأخرنا النسبي عن ركب التقدم دولياً واقليمياً، وهو ما يستلزم تغييرا جوهريا في القوانين القائمة، اضافة الى تغيير شامل في عقلية المواطن الذي يسعى الى وضع اجتماعي افضل من الحالي يعينه على مواجهة ما يحدث في الداخل ومفرمة العولمة الاتية من الخارج.
ويرى بارزون في مجالات اقتصادية عدة ان فلسفة الرئيس مبارك في تحقيق ذلك قائمة على اتجاهين، الاول احداث التغيير المطلوب بأقل ضرر على المواطن، وثانياً سياسة المصارحة والمكاشفة وان يكون رجل الشارع شريكا حقيقيا في عبور الازمات وليس الدولة فقط. ودائماً ما يكون تدخل الرئيس مبارك في القضايا لحل الجدل والنقاش انتصاراً لهذه الفلسفة، فمنذ عام 1982 والقضايا الاقتصادية القائمة عادية لا استثناء فيها ولم يشعر غالبية المواطنين بالتحول القائم في العملية الاقتصادية سوى في السنوات الخمس الماضية، ومع تأثرنا البالغ بالاوضاع القائمة مثل ما حدث في جنوب شرقي اسيا وحادث الاقصر السياحي والانتفاضة الفلسطينية واحداث ايلول سبتمبر والركود العالمي المستمر، بدأ المواطن يشعر بمخاطر آليات السوق والدخول في معترك الكون الاقتصادي البالغ التعقيد. وبلغت الامور ذروتها في الشهور الماضية مع بروز مشاكل داخلية تمس حياته مباشرة، فهناك الخلل في سعر الصرف وتدني ملحوظ لقيمة العملة الوطنية بلغ نسبته 65 في المئة أمام الجنيه أدى ذلك الى ارتفاع في أسعار السلع الاساسية ويرافق ذلك للاسف، زيادة سكانية لا حل لها مع توقعات بأن يصل عدد السكان الى مئة مليون شخص في غضون سنوات مقابل 69 مليونا في الوقت الراهن، وهو ما يعني توفير متطلبات هذه الزيادة علماً أن متطلبات ال 69 مليونا لم تُتح كاملاً حتى الآن، وهناك جهد ملموس لانعاش الامور لكن هناك يقينا رسميا ان هذه الزيادة تلتهم وستلتهم كل تنمية قائمة.
ويشدد هؤلاء على ضرورة تبني منهج جديد يستند الى رؤية وتوجّه يقوم على اجراء تغييرات جذرية وسياسات حاسمة ومتكاملة تهدف الى تحرير السياسة التجارية وزيادة نشاط القطاع الخاص الى جانب تحديث الاطار المؤسسي والاداري وتحديث المصانع وزيادة قدرتها التنافسية وانشاء المرافق التحتية وتطوير ادارتها وانشاء مؤسسات وطنية قادرة على نقل وتطويع التكنولوجيا الحديثة.
ودعا هؤلاء الى اجراء التعديلات التشريعية المطلوبة في قوانين الضرائب والجمارك والحاجة الى إدراج مشاريع قوانين على الجدول التشريعي للبرلمان لاقرارها ومنها مشروع قانون الشركات، الذي يهدف الى توفير تشريع مناسب ومشجع للشركات لحمايتها وحماية حقوق المساهمين فيها، وتحقيق الشفافية والافصاح مع ضرورة الفصل بين قانون الشركات وقانون سوق رأس المال.
وهناك حاجة لتعديل قانون "سوق رأس المال" الرقم 95 لسنة 1992. ويتضمن هذا المشروع احكام التنظيم القانوني لنشاط الشركات العاملة في مجال توزيع المستحقات المالية طويلة ومتوسطة الاجل لملاحقة التطور في المجال الاقتصادي.
ودعا اقتصاديون الى تعديل قانون الاستثمار بهدف الحفاظ على الاستثمارات القائمة وتشجيع اقامة استثمارات جديدة من خلال اجراء التعديلات المطلوبة وادخال تعديلات جديدة ترتكز على خفض الكلفة الحقيقية التي تنشأ عن الاجراءات البيروقراطية.
وطالبوا باقرار مشروع قانون المحاكم الاقتصادية الخاصة لتحقيق مزيد من التحسن في مناخ الاستثمار وحل مشاكل تأخر الفصل في القضايا الاقتصادية بواسطة قضاة متخصصين في المسائل الاقتصادية وتعقيداتها من خلال جمع الشقين المدني والجنائي للمنازعات وكذلك مشروع قانون لتنظيم مساهمة القطاع الخاص في مشاريع البنية التحتية من خلال اجراءات تنافسية تتسم بالشفافية والكفاءة وتتفق وطبيعة هذه المشاريع.
إنجاز كبير:
يرى رئيس اللجنة الاقتصادية في البرلمان سعيد الألفي أن مجرد انضمام مصر للاقتصاد الدولي من دون أي عقبات مقارنة مع الدول النامية الاخرى يعد انجازاً كبيراً في حد ذاته، ويقول: ما يحدث من اوضاع اقتصادية صعبة على رغم ما نمر به حالياً لا يقارن بما حدث في غالبية الدول النامية حين انضمت مصر للاقتصاد الدولي. وهذا يدل على نظرة واعية ذات بُعد اجتماعي لتحويل الاقتصاد من المسار الحكومي الى اقتصادات السوق. ويستطرد الألفي قائلاً: "نحن نتأثر بالعالم الخارجي اقتصاديا فالعالم وحدة واحدة ولكن التأثير ليس بالدرجة التي تستدعي القلق وذلك لمراعاة الرئيس للبعد الاجتماعي في التحول الاقتصادي".
وعلى رغم النجاح في هذا الإطار إلا ان الالفي يشدد على ضرورة جذب الاستثمارات العربية والاجنبية والتي لا تزال ضعيفة في البلاد، وذلك نتيجة للبيروقراطية الحكومية التي نعاني منها وهذه احدى مشاكل التحول الاقتصادي في غالبية الدول النامية ونأمل بسرعة التعامل مع هذه البيروقراطية الطاردة للاستثمار. ويشدد الالفي على ضرورة وجود دوائر خاصة بالامور الاقتصادية لسرعة وحُسن التقاضي في مثل هذه القضايا وتفعيل ما تقرره لجنة فض المنازعات في مجلس الوزراء كخطوة مهمة لتحقيق التقاضي المطلوب.
ويرى الألفي أن اي علاج للخلل القائم في السوق النقدية يمكن التغلب عليه بالنظر جدياً الى الوضع الاستثماري وذلك عن طريق تعديل قانون الاستثمار الذي سيعرض على الدورة البرلمانية المقبلة وتغيير فكر وسلوكيات المواطن وإزالة أية عقبة يمكن ان تكون عامل طرد للمستثمر الاجنبي الراغب في الاستثمار.
من جهته يرى الخبير الاقتصادي البارز الدكتور سعيد النجار ان وضع الاقتصاد المصري بعد أكثر من عقد من حكم الرئيس مبارك يقف على اعتاب مرحلة تحول جديدة بعد تجربة الاصلاح الاقتصادي، التي بدأت في اوائل صيف عام 1991 واصبحت الآن في حاجة الى اعادة النظر في آليات العمل الجديدة والاهداف التي صارت من المتعين التركيز عليها لتقديم ثمار يمكن للمواطن اجتناؤها كما حدث في منتصف التسعينات خصوصاً في ظل المتغيرات السلبية التي طرأت على بيئة النشاط الاقتصادي الدولي والاقليمي، بدءاً من ازمة دول جنوب شرقي اسيا وحتى الوضع الراهن في كل من العراق وفلسطين وهو الوضع الذي ترك انعكاسات مماثلة على الوضع الداخلي.
ويشير الى انه على رغم النجاحات التي تحققت الا أنها تكاد تكون الجهاد الاصغر بالنسبة الى الجهاد الاكبر الذي تواجهه البلاد في المرحلة المقبلة وينصب فيه الاصلاح بصفة اساسية على ازالة الاختلالات الهيكلية الناجمة عن ضعف الاداء في الوحدات التي لا تزال باقية من القطاع العام، اضافة الى رفع كفاءة برنامج التخصص وتحرير التجارة الخارجية واصلاح النظامين الضريبي والجمركي ورفع كفاءة الجهاز المصرفي والمالي.
على أن البطالة لا تزال تمثل عقبة امام انطلاق المرحلة الجديدة من الاصلاح في نظره، إذ يؤكد أن علاجها هو المقياس الحقيقي لنجاح الاصلاح، فلا يكفي خفض معدل التضخم واستهدافه فحسب، كما لا يكفي استقرار سعر صرف الجنيه وتحسين نسبة العجز في ميزان المدفوعات وانما لا بد من العمل على حل هذه المشكلة التي تمثل بؤرة اهتمام المواطن العادي، وازاء ذلك لا بد أن يكون نمو الاقتصاد سنة بعد اخرى على المستوى الذي يسمح بتوفير هذا القدر الكبير من فرص العمل المنتجة، وهو ما يفرض ان يكون هذا المعدل في حدود تتراوح بين 6 و8 في المئة لايجاد حل لهذه المشكلة وهو ما لم يتحقق حتى الآن.
التصدير... وجذب الاستثمارات:
ويلاحظ الخبير الاقتصادي الدكتور عبدالمنعم راضي نائب رئيس جامعة عين شمس ان أداء الاقتصاد على مدار عقدين من الزمن شهد العديد من التحولات ولكن هذا، حسب وجهة نظره، ما تتعرض له الدول في اغلب الاحيان إذ أن هناك ما يشبه الدورة الطبيعية للنشاط في مراحل تطوير الاقتصادات الناشئة، الا ان ما ينبغي تسليط الاضواء عليه هو العمل على رفع معدلات التصدير الى الاسواق الخارجية لزيادة موارد النقد الاجنبي، وهو ما بات الاقتصاد الوطني في حاجة ملحة اليه، وهو تحدٍ حقيقي، لانه يسهم بصورة غير مباشرة في زيادة رقعة سوق العمل، ما يعني وصول الاقتصاد الوطني الى وضع يُشعر المواطن بنتائج الاصلاح الاقتصادي.
ويرى راضي ان من الضروري في هذه المرحلة تبني حزمة من سياسات الاصلاح النقدي والمالي التي تهدف الى استعادة ميزة جذب الاستثمارات الاجنبية إذ لا يتحقق هذا الا في ظل سوق صرف مستقرة تمكن المستثمر الاجنبي من تفادي تقلبات اسعار الصرف وخسارة جانب من ارباحه في عمليات التحويل، وهذا المستثمر يحتاج كذلك الى اعادة النظر في النظامين الضريبي والجمركي لمساعدة المستثمر الاجنبي على العودة الى السوق المصرية بعد خروجه منها في الاعوام الثلاثة الماضية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.