من مغالطات المنطق العقيمة لدى بعض الناس، القول، كلما حاربت أميركا الإرهاب، ان الإرهاب الذي شهدناه بداية في أفغانستان، هو صنيعة أميركية" محاولين بذلك الصاق الذنب بأميركا. والحقيقة التاريخية تثبت ان كل المنظمات الدينية المتطرفة، وكل الدول المناهضة للشيوعية فوّضت آنذاك أميركا لكي تسلحها وتقودها في حربها ضد الاتحاد السوفياتي انطلاقاً من أفغانستان خصوصاً. وهذه الأطراف إذاً هي التي طلبت المساعدة من أميركا، وليس العكس. كان من المتوقع، بعد زوال الاتحاد السوفياتي، أن ينشب صراع بين الأطراف المتواطئة. أما خلفية هذا الصراع فهي اجتماعية، تتمثل في اضطرار سكان العالم الثالث، بتشجيع من السلطات، الى الهجرة الى أوروبا وأميركا بسبب الانفجار السكاني في هذه الدول النامية، وصعوبة شروط العيش، واستحالة تقاسم الثروات لتركزها في أيدٍ محدودة وقليلة. لذلك فأحداث أيلول سبتمبر الأميركية كانت متوقعة في يوم من الأيام وفي شكل من الأشكال. وفي السياق نفسه كان قرار تغيير النظام في العراق متخذاً قبل هذه الحوادث، منذ حُكم كلينتون. فلم تكن حوادث أيلول إلا ذريعة لذلك. وفي الأساس لو لم يكن العراق يُشكّل تهديداً للسلام العالمي لما كان هذا القرار. وكذلك لم يكن من داعٍ لأميركا أن تضرب نفسها في أحداث أيلول، فتتذرع بذلك لتقاتل غيرها، كما يعتقد بعض أصحاب العقول المتوقدة. والقول ان الإرهاب صنيعة أميركية يُحسب ضد هذه المنظمات المتطرفة، وليس ضد أميركا. فهذه المنظمات، انطلاقاً من علاقاتها بأميركا، لا يحق لها زعم الدفاع عن فلسطين أو العراق. وهي نفسها، في السابق، كانت تحارب السوفيات، أبرز المناصرين للعرب والقضية الفلسطينية. والمغالطة الثانية التي يقع فيها أصحاب هذه الآراء هي القول ان السلطة الفلسطينية مُدانة لأنها تؤمِّن أمن اسرائيل حين تمنع التسلّل لتنفيذ العمليات "الاستشهادية". لكن سرّ العملية التفاوضية السلمية هو، بصورة مجازية، أن يُعطي كل طرف سلاحه للآخر، وهو جاهز للإطلاق في حال أخلّ هو بالاتفاقات. هكذا اضطر الاسرائيليون الى تسليم أنفسهم للفلسطينيين، والبقاء تحت رحمة السلطة الفلسطينية. وكان الفلسطينيون يحافظون على أمن اسرائيل طالما الاسرائيليون يسيرون في الحل السلمي وينفذون تعهداتهم. وعندما كانوا يخلّون بتعهداتهم، كان الفلسطينيون يرفعون "الحماية" عن الاسرائيليين. لبنان - بيتر قشوع