عاشت مؤسسة صنع القرار الفلسطيني امس حالاً من الفوضى والتخبط في اليوم الذي كان من المقرر فيه طرح الحكومة الفلسطينية الجديدة الثقة امام المجلس التشريعي، وذلك بعد فشل الاطراف المعنية في التوصل الى اتفاق على "شكل" هذه الحكومة، ومدى قانونية خضوعها لمصادقة المجلس، وذلك في ظل انباء متضاربة عن تقديم رئيس الوزراء أحمد قريع ابو علاء استقالته للرئيس ياسر عرفات. وفي الوقت ذاته حمل رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون في شدة على اليسار الصهيوني وحزب العمل المعارض الذي حمله مسؤولية "ادخال آلاف الفلسطينيين" الذين وصفهم ب"القتلة" من خلال اتفاقات اوسلو مما عكس نيته تصفية ما تبقى من "منجزات" هذا الاتفاق، خصوصاً لجهة تعزيز قوات الاحتلال في كل انحاء الضفة الغربية وقطاع غزة كما كان الوضع لثلاثين عاماً قبلها. مجلس الأمن من جهة اخرى طلبت سورية امس نيابة عن المجموعة العربية في الاممالمتحدة عقد جلسة طارئة لمجلس الامن لمناقشة مشروع قرار ينص على ان "استمرار اسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، بتشييد الجدار في الاراضي المحتلة بما يخرج عن خط الهدنة للعام 1949، غير قانوني بموجب الاتفاقات الدولية ذات الصلة، ويجب الكف عنه والغاؤه" راجع ص 4 و5. واكتظت قاعة المجلس التشريعي بالأعضاء بمن فيهم نواب قطاع غزة الذين وصلوا الى رام الله للمشاركة في التصويت على تشكيلة الحكومة وبرنامجها السياسي، عندما بدت ملامح أزمة وصفتها عضو المجلس التشريعي حنان عشراوي بأنها "دستورية" تتكشف في الاجتماع الذي ترأسه الرئيس الفلسطيني عرفات للجنة المركزية لحركة "فتح" والذي استمر اكثر من ساعتين. واعلن نائب رئيس المجلس التشريعي ابراهيم ابو النجا عن تأجيل الجلسة حتى اشعار آخر، معتذراً من الحضور واوضح ان سبب التأجيل التباين بين وجهات نظر النواب وعدم وجود وقت كاف للتوصل الى اتفاق. الخلافات وذكرت مصادر فلسطينية مطلعة ل"الحياة" ان الخلاف تمحور حول وجهتي نظر: الاولى التي طرحها وتمسك بها الرئيس عرفات وتقضي بعرض الحكومة للثقة ولكن بالشكل الذي اعلن عنه في المرسوم الرئاسي، اي "حكومة طوارئ"، والثانية ما رآه آخرون من وجوب إلغاء البند الذي جاء في المرسوم الرئاسي والذي حدد الحكومة بأنها "حكومة طوارئ" وتسميتها ب"حكومة ضيّقة" ليتم التمكن من طرح الثقة بها. وترددت انباء بشأن نية الرئيس الفلسطيني إقالة اللواء نصر يوسف من منصبه كوزير للداخلية بسبب اصرار الأخير على إلغاء القرار الرئاسي بأن تكون الحكومة التي سيشارك فيها حكومة طوارئ. غير ان مراقبين أكدوا ان ليس أمام عرفات مرشح آخر لهذا المنصب بالمواصفات المطلوبة. وعندما فشلت الأطراف في التوصل الى اتفاق، اعلن عن إرجاء الجلسة، وأشارت مصادر فلسطينية الى ان أحمد قريع ابو علاء هدد بتقديم استقالته. فيما نفى نبيل ابو ردينة مستشار الرئيس الفلسطيني النبأ. وتضاربت الأنباء في شأن جدية التهديد الذي أطلقه "ابو علاء" اثناء مغادرته مكتب الرئيس، لكن مصادر مطلعة قالت ل"الحياة" ان عرفات لن يقبل استقالة "ابو علاء" في اي حال. واعلن رئيس المفوضية الاوروبية رومانو برودي مساء امس، ان استقالة قريع ستكون "مساهمة سلبية في عملية السلام" في الشرق الاوسط. واتصل وزير الخارجية الفرنسي دومينيك دو فيلبان من فاس حيث يرافق الرئيس جاك شيراك في زيارة للمغرب بالرئيس الفلسطيني ليحضّه على الإسراع في تشكيل الحكومة الفلسطينية لأن الفراغ لا يخدم الفلسطينيين ولا السلام. ونفى الوزير صائب عريقات ان يكون السبب وراء تأجيل الجلسة الحالة الصحية لعرفات الذي ادعت صحيفة "معاريف" العبرية في تقرير على صفحتها الاولى امس اصابته بمرض خطير "يهدد حياته". وقال عريقات انه شاهد عرفات وهو "يتمتع بصحة جيدة جداً وممتازة". وكان عدد من الاطباء المصريين وصلوا الى رام الله الاربعاء للاطمئنان الى صحة عرفات. وذكرت مصادر مطلعة ان الاطباء المصريين سيجرون مزيداً من الفحوصات مستخدمين اجهزة طبية متقدمة سيتم نقلها الى داخل مقر الرئاسة في الساعات المقبلة. وذكر واحد من كبار مساعدي عرفات رويترز أن فريقاً طبياً مصرياً برئاسة الطبيب الخاص للرئيس المصري حسني مبارك فحصوا عرفات و"أخذوا عينات دم وأجروا عدة فحوص اخرى. النتائج الأولية التي توصلوا اليها هي انه يعاني من نزلة برد شديدة وفيروس في معدته إلا ان النتائج النهائية ستقدم لاحقاً".