شهد أمس أول مواجهة بين بغداد والمفتشين، إذ اتهمهم الرئيس صدام حسين بأعمال "استخباراتية" فردوا رافضين وصفهم بأنهم "جواسيس". وفي إطار ما بدا استكمالاً ل"تعبئة" دعا صدام العراقيين إلى الاستعداد للحرب، ووعدهم ب"النصر"، قائلاً: "لن نهاب أحداً"، فيما رفض البيت الأبيض اتهاماته للمفتشين، وندد باشادته ب"الاستشهاديين الفلسطينيين". وأعلن المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي ليلاً ان الاختبارات المعملية للعينات العراقية لم تثبت عثور المفتشين على شيء مريب حتى الآن. وكشفت صحيفة "نيويورك تايمز" ان إدارة الرئيس جورج بوش تضع اللمسات الأخيرة على خطط لإدارة العراق بعد اقصاء صدام، تتضمن وجوداً عسكرياً أميركياً كبيراً في هذا البلد لمدة 18 شهراً على الأقل، ومحاكمات عسكرية لكبار المسؤولين "الأساسيين" وسيطرة سريعة على حقول النفط العراقية لتمويل إعادة الإعمار راجع ص4. وتواصلت وتيرة الحشد العسكري الأميركي في منطقة الخليج سريعة، وأبلغ أكثر من 10 آلاف جندي من قوات الاحتياط والحرس الوطني الاستعداد لاحتمال التحرك إلى الخارج والانتشار بسرعة بين 10 كانون الثاني يناير الجاري وأواخر شباط فبراير. ونقلت صحيفة "واشنطن بوست" عن مسؤولين في البنتاغون ومحللين، أن الولاياتالمتحدة تحشد قوة برية قد يتجاوز عديدها مئة ألف جندي تمهيداً لهجوم أميركي محتمل على العراق. وأوضحت ان الانتشار الأميركي يفترض أن يشمل ثلاثاً من أربع فرق للأسلحة الثقيلة وفرقة مجوقلة وأخرى للبحرية وقوات للعمليات الخاصة. وابحرت السفينة المستشفى "كومفورت" التابعة للبحرية الأميركية إلى الخليج. في الوقت ذاته، اعتبر وزير الخارجية البريطاني جاك سترو أن الحرب على العراق ليست حتمية، مشيراً إلى تراجع احتمالاتها، لكنه شدد على أن "الإرهابيين والدول المارقة مثل العراق وكوريا الشمالية يعتبرون جزءاً من الصورة ذاتها". وفيما كان رئيس الوزراء التركي عبدالله غل يجري محادثات في عمّان مع الملك عبدالله الثاني، ويتفقان على "خطورة تقسيم العراق"، طالب وزير الخارجية التركي يشار ياكيش ب"كلمة مسموعة" لبلاده في تقرير مستقبل المناطق الغنية بالنفط في شمال العراق، في حال شن حرب. ونقلت صحيفة "حريت" عن ياكيش قوله إن أنقرة تتداول في هذه القضية "الحساسة" مع الأميركيين الذين "يتفهمون مخاوفنا ويشاركوننا الرأي". وزاد: "إذا كانت لدينا حقوق علينا أن نشرحها لشركائنا، وضمان الحصول عليها"، موضحاً أنه اطلع على معاهدات ابرمت مطلع القرن العشرين لمعرفة هل لتركيا حق في حقول النفط العراقية المحيطة بمحافظتي الموصل وكركوك. وسجلت أمس خطوة إيرانية لافتة تمثلت بتأجيل وزارة الخارجية زيارة لطهران كان مقرراً أن يقوم بها وزير الخارجية العراقي ناجي صبري، وسط تلويح برلماني باستجواب نظيره كمال خرازي. لكن مساعد قائد سلاح الجو الإيراني عرفاني أعلن ان بلاده "ستدافع بحزم عن مجالها الجوي ضد أي معتد"، في حال شنت أميركا حرباً على العراق. وفي حديث إلى "الحياة" رفض وزير الطاقة الروسي ايغور يوسوفوف تأكيد أو نفي أنباء عن وجود عرض لصدام باللجوء إلى موسكو، وقال قبل مغادرته الرياض: "لو كان مثل هذا الاقتراح موجوداً فإنه يعتمد على قبول القيادة العراقية والدول صاحبة القرار". وكان مسؤول أردني رفيع المستوى أكد ل"الحياة" أمس أن عمّان "ترفض أي اقتراح من شأنه التدخل بالشعب العراقي وقيادته".