استطاع وزراء خارجية دول اتحاد المغرب العربي في نهاية اجتماعات الدورة العشرين لمجلسهم امس في الجزائر، تخطي القضايا السياسية العالقة، واصدروا مجموعة من التوصيات لاجراء إصلاحات واسعة في النظام المؤسساتي نحو تحقيق المزيد من الاندماج بين اقتصاديات دول المنطقة المغاربية. وفي خطوة عكست انفراجاً "مرحلياً" للعلاقات بين الجزائر والمغرب، اوصى وزراء الخارجية بعقد قمة لقادة دول الاتحاد، واقترحوا منتصف شباط فبراير المقبل موعداً لها. أنهى وزراء خارجية دول الاتحاد المغاربي اجتماعاتهم امس في الجزائر بعدما تأخرت يوماً اثر خلافات برزت "اخر لحظة" مساء الجمعة، وصدر البيان الختامي مؤكداً على تجاوز العقبات السياسية في سبيل إجراء إصلاحات في هياكل الاتحاد ومؤسساته. وفي حين أكد البيان النهائي على نجاح الدورة في تحقيق نتائج مهمة في شأن "تطوير مناهج الاتحاد وأساليب عمله"، تجاهل قضية الصحراء الغربية التي كانت سبباً أساسياً في الجمود الذي يشهده الاتحاد منذ سنوات، وأكد المواقف العربية في شأن قضيتي العراق وفلسطين. وعن موضوع القمة الرئاسية لدول الاتحاد المغاربي علمت "الحياة" من مصادر وزارية جزائرية ومغربية، أن مجلس وزراء الخارجية أقر اقتراحاً يستعجل عقد القمة في منتصف شباط فبراير المقبل بعدما كان رفع الوزراء المنتدبون للشؤون المغاربية توصية بعقد القمة قبل نهاية آذارمارس المقبل. وأفيد أن خطوة استعجال القمة تؤكد رغبة الدول المغاربية في تحقيق انفراج في علاقاتها السياسية من خلال إعادة جمع مجلس رئاسة الاتحاد للمرة الاولى منذ آخر لقاء في نيسان ابريل 1994، ومن المقرر أن يتم تحديد الموعد "عبر القنوات الديبلوماسية" علماً بأن البيان الختامي اكتفى بالحديث عن توصل مجلس وزراء الخارجية إلى "نتائج مهمة من شأنها أن تدفع بالمشروع الاتحادي وأن تهيئ السبل لاستحقاقات مغاربية مهمة". وكان وزير الخارجية الجزائري عبدالعزيز بلخادم أكد مساء الجمعة أن القمة ستعقد "في أجل قريب" مشيراً إلى وجود إجماع لدى قادة الدول بضرورة الالتقاء في ما بينهم قبل انعقاد قمة جامعة الدول العربية في البحرين خلال آذار المقبل. وحملت تصريحات وزراء خارجية الدول الأعضاء تأكيدات في شأن إمكان نجاح قمة الدول الخمس، خصوصاً في ظل تقارب وجهات النظر في ما يتعلق بأهمية التكيف مع التطورات الدولية الجديدة المتميزة بالعولمة والنزعة الدولية للتكتل. واجتمع الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة مساء أمس مع وزراء خارجية دول الاتحاد إلى مأدبة غداء نظمها على شرفهم في قصر الشعب في العاصمة. وكان وزراء الخارجية مددوا اجتماعاتهم مساء الجمعة "لتعميق التشاور في شأن القضايا السياسية" التي ظلت تعترض إصدار بيان ختامي يكفل تأكيد التوافق وتجاوز مفترق الطرق الذي تحدث عنه وزير خارجية الجزائر. وشدد السيد عبدالعزيز بلخادم في كلمته على تأكيد نجاح القمة من خلال تحلي الأعضاء "بروح المسؤولية والموضوعية والجدية التي سادت المداولات" لافتاً إلى أن موعد عقد قمة رئاسة الاتحاد ستكون "محطة مهمة في مسيرتنا المغاربية لمواصلة بناء الاتحاد على أسس واقعنا والتمكن من مواجهة التحديات". واستناداً إلى الوزير الجزائري فإن مجلس وزراء خارجية الاتحاد تبنى مجموعة من التوصيات التي تهدف إلى تكريس "التوجهات الإصلاحية في تفعيل المؤسسات من خلال اللجوء إلى أدوات خفيفة وفاعلة تسمح باتخاذ القرارات"، لافتاً إلى أن "تجديد المنظومة المغاربية تسمح بالتجاوب مع تطلعات شعوبنا في التنمية والرقي والرفاه". وعبر وزير شؤون الوحدة الافريقية الليبي علي عبدالسلام التريكي عن اقتناعه بنجاح الدورة "بكل المعايير" لافتاً إلى "أن الإجراءات التي اتخذت تؤكد أننا نسير في الطريق الصحيح ونحن نعمل لنعوض ما فات لنحقق هذه الأهداف". وكلف مجلس وزراء الخارجية، استناداً الى البيان الختامي، كلاً من الوزير الجزائري بلخادم والأمين العام للاتحاد الحبيب بولعراس "إجراء الاتصالات والمساعي" للافراج عن المواطن الليبي عبد الباسط المقرحي "المسجون في اسكتلندا في قضية لوكربي لأسباب سياسية لا تمت إلى القانون بصلة".كما جدد التضامن مع ليبيا وطالب "برفع الحظر المفروض عليها فوراً". وعبر الاتحاد عن ارتياحه لمواصلة الحوار في إطار تجمع دول غرب البحر المتوسط "5"5"، خصوصاً مع قرب انعقاد القمة التي ستحتضنها تونس خلال السنة الجارية. وحض قادة الاتحاد على المزيد من التشاور فيما يتعلق بقضايا "التنمية وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة"، ورحب باجتماع رؤساء برلمانات دول المنطقة في طرابلس خلال السنة. وفي موازاة إدانته الإرهاب "بمختلف أشكاله وأنواعه باعتباره ظاهرة دولية تستوجب تفعيل الاتفاقات ذات العلاقة والتعاون وتنسيق الجهود الجهوية والدولية لمكافحته"، أكد وزراء خارجية دول الاتحاد رفضهم "الخلط بين الإسلام والإرهاب" ودعوا إلى "التمييز بينه وبين حق الشعوب في مقاومة الاحتلال الأجنبي".