قال خبراء مصرفيون في الخليج ان مجموعة دول مجلس التعاون الخليجي تكبدت منذ مطلع السنة وحتى الان خسائر كبيرة تُقدر بمئات ملايين الدولارات بسبب الانخفاض الكبير الذي سجلته اسعار صرف الدولار الاميركي تجاه اليورو الذي ارتفع بنسبة عشرة في المئة. وتوقع المصرفيون ان ترتفع خسائر الخليجيين كثيراً في الشهور المقبلة اذا استقر سعر صرف الدولار عند معدلاته المنخفضة الحالية او اذا واصل تراجعه مع تزايد الاحتمالات بشن حرب على العراق في الاسابيع المقبلة واشاروا الى ان تلك الخسائر قد تتجاوز في المتوسط حاجز ال16 بليون دولار على مدار سنة 2003. وقال خبير مصرفي في دبي ل"الحياة" ان الخسائر التي تحققت او تلك المتوقع تحقيقها ناجمة اساساً عن انخفاض القيمة الشرائية الحقيقة للدولار الاميركي وبالتالي انخفاض القيمة الشرائية الحقيقة للعملات في دول مجلس التعاون الخليجي التي ترتبط بالعملة الاميركية عبر حقوق السحب الخاصة التابعة لصندوق النقد الدولي. واشار الى ان الدول ستتكبد في حال استمرار حال اسعار الصرف قرابة اربعة بلايين دولار في فاتورة وارداتها من السلع القادمة من الاتحاد الاوروبي البالغة قيمتها سنوياً نحو 40 بليون يورو، وذلك في متوسط زيادة سعرية قدرها عشرة في المئة ناجمة عن اسعار الصرف الجديدة. اما الخسائر الاكبر فهي ناجمة عن انخفاض القيمة الحقيقية لعائدات نفط مجموعة دول مجلس التعاون الخليجي المسعرة بالدولار الاميركي. ويتوقع ان تبلغ ضمن اسعار النفط الحالية بين 12 بليون و13 بليون دولار ، اي ما يعادل تقريباً عشرة في المئة من قيمة العائدات النفطية الخليجية التي دارت عام 2002 حول 120 بليون دولار. ولفت الخبير الى مخاوف اضافية من امكان تكبد المستثمرين الخليجيين خسائر غير مباشرة ببلايين عدة من الدولارات ناجمة عن انخفاض القيمة الحقيقية لاستثماراتهم في اسواق الاسهم الاميركية وكذلك في البورصات الآسيوية تُضاف الى الخسائر الاساسية التي كانوا تكبدوها نتيجة تراجع مؤشرات الاسهم في تلك البورصات على مدار العام الماضي. وقال تجار في الخليج ان مئات الموردين للسلع الاوروبية في منطقة الخليج اصيبوا بخيبة امل نتيجة الانخفاض السريع في سعر صرف الدولار الذي تراجعت اسعار صرفة بمتوسط دار حول 10 في المئة منذ بداية السنة تجاه اليورو، وسط مخاوف من استمرار تراجع العملة التي تقوم بها الصادرات الاوروبية امام الدولار وما يحمله ذلك من انعكاسات سلبية على قيمة السلع الاوروبية التي يجري تسويقها في دول مجلس التعاون الخليجي. يُشار الى ان اوروبا اكبر شريك تجاري لاسواق دول مجلس التعاون الخليجي اذ تقدر صادراتها الى اسواق المنطقة بنحو 40 بليون يورو طبقاً لاحصاءات عام 2000. ويعتقد تجار ووكلاء لسلع اوروبية ان منتجاتهم ستلاقي في المرحلة المقبلة صعوبات تسويقية نتجية ارتفاع اسعارها مقابل السلع المستوردة من الولاياتالمتحدة وجنوب شرقي آسيا حيث عملات تلك الدول ثابتة امام العملات الخليجية في اشارة الى ان تنافسية السلع الاوروبية ستتأثر سلباً بالعامل السعري الذي يلعب دوراً مهماً في تحديد اتجاهات الشراء في الاسواق الخليجية. لكن التجار يعتقدون في مقابل ذلك ان الموردين الاوروبيين سيضطرون الى تعديل اسعارهم في المرحلة المقبلة لان اداء اقتصادات بلادهم لا تسمح لهم بالتشبث بالاسعار السابقة وبالتالي من المرجح ان يلجأ هؤلاء الى امتصاص الجزء الاكبر من الفروقات السعرية الجديدة من هامش ارباحهم ليتمكنوا من ابقاء تنافسيتهم عالية المستوى. في مقابل ذلك من المتوقع ان يترك استمرار بقاء العملة الاوروبية مرتفعة في موازاة الدولار تأثيراً يجابياً في السياحة الخليجية من ناحية التدفق الاوروبي اذ اصبحت دول مجلس التعاون الخليجي اكثر شهرة بالنسبة الى الاوروبيين في رحلاتهم الطويلة حيث امضوا في دول المجلس العام الماضي 20 مليون ليلة جاء الجزء الاكبر منهم من بريطانيا بواقع نصف مليون زائر ومن المانيا 300 الف زائر ومن فرنسا عدد مماثل ومن روسيا 200 الف زائر. في حين يقدر ان يكون متوسط انفاق الاوروبي في رحلة الى بلدان الخليج نحو 1400 دولار بواقع 124 دولاراً في الليلة الواحدة.