مع قلة توافر فرص العمل للمرأة في الاردن، لجأت بعض النساء الى مهنة مندوبات مبيعات منزلية، التي وجدن فيها فرصة اقتصادية وحلاً مبدئياً لمشكلة تواجهها ربات البيت سواء من خريجات الجامعات او من الامهات اللواتي لا يستطعن الابتعاد عن بيوتهن. اجتذبت هذه المهنة سيدات من مختلف مضامير الحياة يقمن بتنظيم لقاءات وعروض بيع في المنازل ويشرحن بإسهاب ميزات منتجات تابعة لشركات عالمية لا تتوافر في الاسواق المحلية وذلك لقاء عمولة معينة. وغالباً ما تكون المنتجات طناجر او أواني او مكانس كهربائية ذات تقنيات عالية او ماكياجاً. وعلى رغم ان بعض الناشطات النساء اعتبرن هذه المهنة جزءاً من استغلال الشركات للمرأة في مجتمع يعاني الفقر والبطالة، الا ان السيدات اللواتي انضممن الى هذه المهنة وجدن في البيع من طريق العروض المنزلية فائدة لتحسين دخل الاسرة. قالت ام نبيل وهي واحدة من اصل 60 امراة وظفتهن إحدى الشركات انها استطاعت تحسين دخل اسرتها بخاصة انها المعيل الوحيد لعائلتها بعد ان فقدت زوجها. وأضافت: "حاولت ان اعود الى عملي السابق الذي تركته لأتفرغ لرعاية اولادي، إلا ان المدرسة التي علّمت فيها رفضتني. واعتمدت لفترة طويلة على الفائدة من مدخرات زوجي ولكنها سرعان ما تتبخر". واسترسلت: "عندما وجدت عملاً كمندوبة مبيعات منزلية، سررت بالفكرة لأنني استطعت ان احصل على مدخول بعد انقطاعي عن العمل لسنوات طويلة وان أدّخر للمستقبل من دون المساهمة في اي رأسمال". لكن هدى بدورة ام لسبعة اولاد قالت انها تفضل هذه المهنة لتتسلى في وقت فراغها بخاصة انها لا تستطيع الالتزام بوظيفة بسبب المسؤوليات. اما ام نديم، فكانت مترددة في العمل موظفة في مكتب هندسي لأن الراتب لم يكن كافياً فضلاً عن انها انجبت طفلها الثالث. وبعد حصولها على عمولة في اول عرض منزلي لها، انخرطت في هذا العمل، وتقول: "استطيع ان املأ وقت فراغي بشيء مفيد لا يتعارض مع مسؤولياتي كأم في الوقت عينه". وعلى رغم ان نسبة الأمية عند المرأة الاردنية هي من ادنى النسب مقارنة بالدول العربية، الا ان نسبة مشاركتها في الحياة العملية تبلغ 12 في المئة فقط. وفي هذا الصدد، اشارت رئيسة اتحاد المرأة الاردنية آمنة الزعبي الى انه مع انتشار البطالة "اصبح هناك عدد كبير من الخريجات لا يستطعن العمل في مضمارهن". وشددت على ان "عدم توافر فرص عمل حقيقية للنساء ادى الى تراجع القوى الانتاجية للمجتمع وضعف في توظيف الكفايات". وقالت: "نحن نطالب بعمل المرأة لأنها تتمتع بالكفاية". أما موسى شتيوي، الخبير الاجتماعي في الجامعة الاردنية فعلّق على اسباب تدني مشاركة المرأة في الحياة العملية، وعلى رأسها التباطؤ الاقتصادي وانخفاض نسبة هجرة الذكور نتيجة ازمة الخليج في عام 1991 فعلى اثرها، عاد الى الأردن ما لا يقل عن 300 ألف مغترب أردني ما أدى الى ارتفاع نسبة البطالة وانخفاض تحويلات الأردنيين العاملين في الخارج. وأضاف شتيوي ان التمييز في سياسات العمل تجاه المرأة بخاصة في القطاع الخاص اسهم في الحدّ من مشاركتها في الحياة العملية. وأشار الى ان معظم الدراسات التي اجراها قسم البحوث يؤيد عمل المرأة ضمن شروط معينة. وأن شريحة "كبيرة" من المجتمع لا تنتج وهذا يؤثر سلباً في الاداء الاقتصادي، في حين هناك الكثير من النساء المتعلمات. ونتيجة لذلك، تشعر المرأة بتدني مكانتها الاقتصادية والاجتماعية والأسرية". في هذا الإطار، تبنت وزارة العمل في الاردن خطة لتدريب النساء وتوظيفهن في محافظات المملكة الجنوبية حيث ينتشر الفقر وتراوح نسبة البطالة بين 14 في المئة و27 في المئة في بلد يبلغ عدد سكانه نحو 5,2 مليون نسمة بحسب الأرقام الرسمية والمستقلة. أدرجت هذه الحملة تحت شعار "الاردن اولاً"، عبر وثيقة تهدف الى تحقيق اصلاحات ادارية، قضائية واجتماعية، اطلقها العاهل الاردني الملك عبدلله الثاني في شهر تشرين الاول اكتوبر من العام الماضي.