على قمة هرم الغنى في روسيا يتربع ثلاثة اشخاص، بينهم قواسم مشتركة. فهم دون الأربعين وكلهم يهود، تضاعفت ثرواتهم خلال سنة، إذ بلغت الزيادة مبلغاً يعادل نصف مجموع مداخيل... كل سكان روسيا الذين يقدر عددهم بحوالى 150 مليون شخص. يتصدر القائمة ميخائيل خودوركوفسكي 39 سنة صاحب شركة "يوكوس" النفطية الذي قدرت ثروته ب8 بلايين يورو، بعدما كانت لا تتعدى خمسة بلايين فقط العام الماضي. ويليه في القائمة روسان ابراموفيتش احد اقطاب ومؤسسي "العائلة" التي حكمت روسيا في عهد الرئيس السابق بوريس يلتسن، وما برحت تتمتع بنفوذ يرى مراقبون ان الرئيس الحالي "يحسدها" عليه. وأضاف ابراموفيتش الى شركة "سيبنفط" المسيطرة على حقول سيبيريا، شركة "سلافنفط" التي ذكرت الصحافة الروسية ان الحكومة تنازلت عنها بثمن يقل عشرة اضعاف عن قيمتها الفعلية. وعلى رغم المشاكل الاقتصادية المتفاقمة في البلد، تمكن ابراموفيتش 36 سنة من زيادة ثروته في سنة من 1.56 الى 3.5 بليون يورو! ولم يتخلف عن الاثنين زميلهما ميخائيل فريدمان مالك مجموعة "الفا" المالية التي تعدّ من اهم "ممولي" القيادات السياسية العليا، علاوة على ان فريدمان شخصياً يعد "راعي" المؤتمر اليهودي الروسي. وبفضل صلاته المتشعبة استطاع "الرجل الفريد" ان يرفع رقم حساباته من 1.5 الى 2.6 بليون يورو. بذلك يكون ما دخل جيوب الثلاثة في سنة واحدة زهاء ستة بلايين يورو، بينما اكدت لجنة الدولة للاحصاء ان مجموع مداخيل المواطنين في روسيا بلغ 527 بليون روبل أي ما يقارب 13 - 14 بليون يورو. ووضعت مجلة "يورو بيزنس" اسماء تسعة من الروس الذين تربو ثروة كل منهم على بليون يورو في قائمة تضم 188 بليونيراً اوروبياً. لكن الخبراء الأوروبيين يضعون تقديراتهم وفق قواعد وأصول ليست متبعة في روسيا حيث صار التلاعب بالأرقام أو اخفاء الحقائق معتاداً. فعلى سبيل المثال لم ترد في القائمة اسماء "عمالقة" مثل بوريس بيريزوفسكي الذي قدّرت مجلة "فوربس" ثروته بخمسة بلايين دولار، أو الأخوين ليف وميخائيل تشيرتي اللذين يسيطران على استخراج الأحجار الكريمة وتسويقها، وأقاما "جسراً ماسياً" بين روسيا واسرائيل بعدما حصلا على جنسية الدولة العبرية كونهما يمتلكان، شأن بيريزوفسكي وغالبية أثرى الأثرياء في روسيا، حقاً مكتسباً بالولادة في الانتقال الى "ارض الميعاد". وثمة سمة تميز أثرياء روسيا عن زملائهم في اوروبا، فمعظمهم شبان دون سن الأربعين، باستثناء من عمل في قيادات الحكومة والدولة مثل فيكتور تشيرنوميردين رئيس الوزراء السابق سفير بلاده لدى اوكرانيا حالياً، والذي كانت صحيفة "لوموند" اشارت الى انه جمع خمسة بلايين دولار بفضل قيادته مؤسسة "غاز بروم"، لكن "يوروبيزنس" تولت "خفض" المبلغ الى 1.35 بليون يورو. "صُنعت" كل الثروات في حقبة زمنية سريعة بفضل عملية التخصيص التي كانت خلالها ممتلكات الدولة تباع بسعر "النوى"، مثلاً كانت المنشآت النفطية تحول ملكيتها الى شخص أو مجموعة اشخاص بسعر رمزي يجعل "المشتري" مسيطراً ليس على المعدات والبنى التحتية فحسب، بل على ما في باطن الأرض من ثروات الى أبد الآبدين. وهذا الثراء الفاحش الذي يرى كثيرون انه غير مشروع، يتعاظم على خلفية فقر مدقع ومخيف لغالبية السكان. وللمقارنة تكفي الاشارة الى ان الاستاذ الجامعي الحاصل على لقب "بروفيسور" يتقاضى زهاء 100 دولار شهرياً اي انه كي يجمع المبلغ الذي تراكم لدى خودوركوفسكي في سنة، عليه ان يعمل 2.5 مليون سنة!