شرعت وزارة البناء والاسكان الاسرائيلية بالعمل على بناء بؤرة استيطانية جديدة في حي واد الجوز في قلب الجزء الشرقي من مدينة القدسالمحتلة عام 1967، وذلك في اطار خطة رئيس الوزراء الاسرائيلي القديمة التي تعرف ب "بوابات القدس" وتهدف الى زرع مستوطنين في قلب الاحياء العربية الخالصة في المدينة لقطع الطريق امام اي تسوية سلمية مستقبلية. جاء ذلك في وقت تكشف فيه ان مجلس المستوطنات في الضفة الغربية شرع بوضع خريطة تحدد مسار "جدار الفصل" بين هذه المستوطنات وباقي الاراضي المحتلة على اساس "اقصى حد من الارض والمستوطنين واقل عدد ممكن من الفلسطينيين". أكدت مصادر صحافية اسرائيلية ان مسؤولين في وزارة البناء والاسكان الاسرائيلية طالبوا مهندس مشروع مستوطنة وادي الجوز وسط القدسالمحتلة، والتي جمد بناءها قبل عشرة اعوام بسبب انتقال السلطة الى حزب "العمل"، باستئناف العمل لاقامة المستوطنة. وتشمل البؤرة الاستيطانية، وفقا للخطط الاسرائيلية، بناء نحو 200 وحدة استيطانية جديدة ستقام في منطقة "كرم المفتي" في القدس على مساحة 30 دونما تعود ملكيتها الى شركة "الفنادق العربية -امباسادور"، واعتبرتها سلطات الاحتلال "املاك غائبين". وكان رئيس الحكومة الاسرائيلية ارييل شارون وزيرا للبناء والاسكان عام 1992 عندما وضع الخطوط العريضة لمخطط "بوابات القدس" المتمثل باسكان المستوطنين داخل حدود بلدية القدس كما رسمها الاردن ابان سيطرته على الضفة الغربية قبل احتلالها عام 1967 ، وذلك للحيلولة دون اعادة هذا الجزء من المدينة الى الفلسطينيين مستقبلا بحجة وجود سكاني يهودي فيها. ونفذ حتى الان الجزء الاكبر من هذا المخطط من خلال زرع بؤر استيطانية في احياء رأس العامود اقيمت فيها 120 وحدة استيطانية، وجبل الزيتون اقيمت بؤرة استيطانية صغيرة تحمل اسم بيت اورون، والشيخ جراح مستوطنة الصديق شمعون، وجبل المكبر، والان حي واد الجوز، اضافة الى نحو 60 بؤرة استيطانية داخل اسوار البلدة القديمة للقدس ومشروع اقامة حي استيطاني في بلدة ابو ديس المجاورة التي تطل على البلدة القديمة. وذكرت صحيفة "كول هعير" الاسبوعية العبرية ان الهدف من اقامة البؤرة الاستيطانية الجديدة في واد الجوز هو "خلق تواصل استيطاني" بين هذه البؤر. ويرى اليمين الاسرائيلي ان تحويل الاحياء العربية الى احياء "مختلطة" يهودية وعربية على غرار السياسة التي اتبعتها الدولة العبرية داخل "الخط الاخضر"، من شأنه ان يعزز سيطرتها الكاملة على الارض الفلسطينية لتهويدها من جهة وقطع الطريق امام اي تسوية سياسية لحل مسألة القدس على اساس تقسيم المدينة الى شطرين غربي وشرقي، كما طرح في محادثات قمة كامب ديفيد صيف العام 2000. وكانت مؤسسة الاحصاء السكاني الاسرائيلية لفتت اخيرا الى ما اعتبرته توجها نحو "الخلل في الميزان الديموغرافي" في مدينة القدس لصالح المواطنين الاصليين. ويعتبر الاستيطان داخل الاحياء العربية خطوة متقدمة على طريق احكام السيطرة على الجزء الشرقي من مدينة القدس بعد ان احاطت بها المستوطنات الكبيرة المقامة على اطرافها الاربعة في محيط دائري محكم. واشار الخبير في شؤون الاستيطان في قسم الخرائط التابع لبيت الشرق خليل تفكجي ان مخطط التوسع الاستيطاني في قلب الاحياء العربية يستهدف مواقع عربية محكومة سلفا بمدى تطورها المستقبلي لجهة زيادة عدد السكان الفلسطينيين، الامر الذي يستوفي اغراض هذا المخطط بضم اكبر مساحة ممكنة من الارض مقابل اقل عدد ممكن من الفلسطينيين. وفي اطار السياسة ذاتها، كشف امس ان رؤساء ما يسمى "مجلس المستوطنات" في الضفة يشع يعكفون على اعداد "مسار جدار الفصل" للمستوطنات المقامة في محيط منطقة رام الله وسط الضفة على اساس الاستيلاء على اكبر مساحة من الارض وزرع اكبر عدد من المستوطنين فيها بأقل عدد ممكن من الفلسطينيين. ويدور الحديث بالتحديد عن المستوطنات المقامة غرب مدينة رام الله على اراضي قرى راس كركر والجانية ودير عمار وغيرها على رؤوس التلال التي تشرف على هذه القرى، بما فيها بيرزيت. واوضح تفكجي ان المسار الاستيطاني الذي يجري الاعداد له يهدف الى ازاحة "الخط الاخضر" الوهمي الذي يفصل اراضي ال 1967عن اراضي 1948 في هذه المنطقة بعمق 15 كيلومتر. واستولت المستوطنات والطرق المقامة لخدمة قاطنيها على ما يزيد عن سبعة كيلومترات في عمق الضفة. واوضح ان المخططات الاستيطانية الجارية من جانب المجلس الاستيطاني تهدف الى مضاعفة مساحة الارض بمعزل عما تخططه اذرع الاحتلال الحكومية والامنية. وقالت مصادر صحافية اسرائيلية ان مجلس المستوطنين ينوي تقديم خريطة المسار التي وضعها الى جهاز الامن على شكل "توصية". وذكرت مصادر فلسطينية ل"الحياة" ان المستوطنين في هذه المنطقة لا ينتظرون ردود الجهات الرسمية وانهم يحاولون اقامة سياج على طول مسار خط الفصل الذي يريدونه.