أثار الفنان المسرحي المغربي نبيل لحلو ضجة كبيرة أخيراً إثر ظهوره في "بانيو" استحمام أثناء عرض مسرحيته الأخيرة "أنتيكون" على خشبة مسرح محمد الخامس في الرباط. وردّاً على الانتقادات التي تعرّض لها لحلو من المحافظين، كتب رسالة احتجاجية شديدة اللهجة هاجم فيها مُنتقديه الذين لم يفهموا أنه لا يبحث عن الاستفزاز المجاني الرخيص، لكنه كان منخرطاً في عمل فني محض... وهو غير مسؤول عن الوعي المتردّي للجمهور الذي لم يتلقّ أي تربية فنية. وكان الجمهور يومها أجبر نبيل لحلو على إيقاف العرض بعد أن تعالت صيحات الاستنكار والاحتجاج على المنظر"غير اللائق" الذي ظهر عليه نبيل وهو يؤدي دور الملك "كريون" في مسرحية سوفوكل الشهيرة. وكان حشد واسع من طلاب الثانوي أمّ يومها المسرح لمشاهدة هذه المسرحية المدرجة في إطار المقرّر الدراسي لطلاب البكالوريا. وأضاف لحلو أن ردّ فعل جمهوره الشاب تلك الليلة أبان نقصاً رهيباً في النضج الأخلاقي والفكري والأدبي والروحي، وهو ما جعله يخشى من أن تتسرّب روح الفوضى التي اكتشفها إثر احتكاكه بهم في المسرح، إلى الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، خصوصاً بعد القرار الملكي القاضي بتخفيض سن التصويت إلى 18 سنة. لست عميلاً لفرنسا! ويبدو أن المسرحي المغربي لم يكن راضياً على الاتجاه الذي أخذته قضيته حينما تحوّلت إلى معركة حامية الوطيس بين الجرائد الإسلامية والأسبوعيات الفرنكوفونية، خصوصاً بعدما بادرت بعض الصحف إلى انتقاد السياسة الثقافية الفرنسية في المغرب على اعتبار أن مسرحية "أنتيكون" كانت من إنتاج المركز الثقافي الفرنسي. وأكّد لحلو في حوار خص به جريدة "التجديد" ذات التوجه الإسلامي أنه ليس عميلاً لفرنسا، وكل ما في الأمر أنه طلب اللجوء في أحضان هذه اللغة بعد أن بدأت أعماله تتعرّض للمنع منذ بداية السبعينات من القرن الماضي، إذ مُنعت مسرحيته "السلاحف" 1971 و"الموسم الكبير" 1972، ليجد نفسه مجبراً على اختيار الفرنسية منفى لغوياً لإبداعاته المسرحية. ولم يترك لحلو فرصة الحوار مع الجريدة الإسلامية المعارضة تمر من دون أن يُوجّه انتقاداته الشديدة الى وزير الثقافة المغربي محمد الأشعري الذي لم يكن نبيل يتمنى أن يظهر اسمه في تشكيلة الحكومة الجديدة. فالأشعري، بحسب نبيل لحلو، قتل المسرح الاحترافي وشجّع المسرح الانحرافي الذي يتكون من فرق شبه هاوية تضم موظفين بسطاء في وزارتي التعليم والثقافة، إضافة إلى الأولوية التي يخص بها رفيقيه في الحزب عبدالواحد عوزري وثريا جبران. ولأن نبيل لحلو الذي تبقى مسرحياته "النخبوية" كما يصفها الصحافيون، من أرقى ما يقدّم على الخشبة المغربية، يحرص كلما سنحت له الفرصة على أن يذيق الجميع من فلفله، فقد وجه انتقادات لاذعة أيضاً للبرجوازية المغربية المتفرنسة التي لا تأتي إلى المسرح المغربي... بل تذهب عند الفرنسيين فقط: "إنهم يذهبون مطأطئي الرؤوس لمشاهدة مسرحيات فرنسية تافهة، لا تساوي شيئاً أمام ما نقدمه من أعمال تعنيهم، ويمكن أن يأتوا لمشاهدتها برؤوس مرفوعة".