افتتحت سلطات الاحتلال الاسرائيلي النصف الثاني من العام الدراسي في فلسطين بتكثيف اجراءاتها التعسفية ضد القطاع التعليمي في المدارس والجامعات على السواء فقتلت تلميذا فلسطينيا بينما كان يجلس على مقعد الدراسة في طولكرم أمام رفاقه، واصدرت اوامر عسكرية باغلاق جامعتي "الخليل" و "بوليتكنيك-فلسطين" في مدينة الخليل وذلك في عودة الى سياسة الحكم العسكري الاسرائيلي السابقة في معاقبة المؤسسات التعليمية الفلسطينية التي انتقلت المسؤولية عنها الى السلطة الفلسطينية منذ العام 1994. وبدأ طلبة مدرسة الفاضلية الثانوية صباح يومهم الدراسي امس على مشهد الدماء التي سالت من جسد احد زملائهم هزاع شديد 16 عاما بعدما اصابته رصاصة قاتلة على مقعده في الصف العاشر جراء اطلاق جنود الاحتلال النار عشوائيا ما ادى الى استشهاده على الفور. وبذلك يرتفع عدد التلامذة الفلسطينيين الذين استشهدوا برصاص قوات الاحتلال الاسرائيلي منذ ايلول سبتمبر عام 2000 وحتى الان الى 299 شهيدا وشهيدة جميعهم دون سن الثامنة عشرة. واصيب في الفترة ذاتها حسب احصاءات وزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينية 2780 بجروح مختلفة خلفت عددا كبيرا من الاعاقات الدائمة، فيما قتل 18 معلم ومعلمة اثناء رحلة الذهاب الى المدارس واصيب 66 منهم بجروح مختلفة. وكان التلميذ منتصر حجاج 15 عاما فقد عينه اليسرى اثناء وجوده ايضا داخل الصف الدراسي في احدى مدارس غزة قبل يومين فيما اصيب زميل له بجروح جراء ارتداد الرصاصة ذاتها. وتعاني المسيرة التعليمية في الاراضي الفلسطينية في ظل اعادة الاحتلال وسياسة الحصار ومنع التجول من اوضاع سيئة تزداد رداءة يوما بعد يوم. وحرم نحو 76500 تلميذ وتلميذة و 3165 معلم ومعلمة من الوصول الى مدارسهم جراء هذه السياسات. واغلقت قوات الاحتلال 135 مدرسة بسبب حظر التجول فيما تم تحويل 260 مدرسة الى معتقلات ثلاثة منها باتت ثكنات عسكرية امتلات بها الدبابات والاليات العسكرية الاسرائيلية بدل التلاميذ والمعلمين. وتعرضت 260 مدرسة الى القصف الاسرائيلي ما ادى الى تدمير عدد منها تدميرا شاملا او جزئيا. وأكد وزير التربية والتعليم العالي الفلسطيني نعيم ابو الحمص انه تم الزج ب 301 تلميذ في الفترة ذاتها في السجون واعتقل ايضا 67 معلم ومعلمة. ويتتقل ما يزيد عن 45 معلما ومعلمة فلسطينية عبر الوديان والجبال والطرق الوعرة للتمكن من الوصول الى اماكن عملهم فيما ادى اغلاق 400 قرية فلسطينية بالكامل الى تعطيل توزيع نحو ملايين الكتب على طلبة المدارس. استئناف الحرب ضد الجامعات وبعد انقطاع موقت لسياسة اغلاق الجامعات الفلسطينية التي اتبعتها اسرائيل منذ احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة في اطار العقوبات الجماعية التي تفرضها ضد الفلسطينيين، اقتحم جنود اسرائيليون حرمي جامعتي "الخليل" و"بولتيكنيك-فلسطين" واغلقوا ابواب اقسامهما ومختبراتهما بالشمع والحقوا اضرارا بالغة في محتوياتهما واعلنوا عنهما منطقتين عسكريتيين يحظر على اي انسان الاقتراب منهما. وفرق الجنود بالقوة عددا من الطلبة احتشدوا بالقرب من مدرسة الخليل احتجاجا على قرار الاغلاق. وكانت قوتان عسكريتان اقتحمتا منزلي رئيسا الجامعتين وسلمتاهما قراري الاغلاق لمدة 14 يوما "مع التفكير باغلاقهما لستة شهور" كما ورد في القرارين. وقدم محافظ مدينة الخليل احتجاجا رسميا الى القنصل الاميركي العام في القدس على قرار اغلاق الجامعتين خلال لقاء جمعهما امس. ويتضرر جراء هذا القرار نحو 6000 طالب وطالبة. وكان الجيش الاسرائيلي اقتحم حرم جامعة النجاح الوطنية في نابلس في منتصف الشهر الماضي وطرد الطلبة منها. واعقب ذلك اقتحام الجامعة الاميركية في جنين واحتجاز الطلبة في البرد القارس في الثاني والعشرين من الشهر ذاته وبعد ذلك باسبوع عطلت الدراسة في جامعتي بيت لحم وبيرزيت. وكان لطلبة الجامعات حصتهم في عدد الشهداء الفلسطينيين في انتفاضة الاقصى اذ استشهد 149 منهم برصاص جنود الاحتلال فيما اصيب 684 منهم بجروح. وتتعرض مساكن الطلبة في معظم الجامعات الفلسطينية خصوصا في بيرزيت الى عمليات دهم واعتقال طاولت المئات منهم. وتحول الحواجز العسكرية المقامة على مداخل الجامعات دون وصول اعداد كبيرة من الطلبة الذين يخضعون لشتى اساليب الاهانة والقهر عليها اضافة الى الاعتقال والحجز تحت المطر والبرد لساعات طويلة. واكد الوزير الفلسطيني ابو الحمص ان الاجراءات الاسرائيلية الاخيرة ضد المؤسسات التعليمية الفلسطينية تأتي في اطار انتهاك الدولة المحتلة لحق الانسان في التعليم. واشار في مؤتمر صحفي عقد في مدينة البيرة امس ان تداعيات الاجراءات الاسرائيلية على الصحة النفسية للطلبة لا يمكن ان توصف بالارقام والاحصاءات، مشيرا الى تزايد عدد تلامذة المدارس الذين يتلقون رعاية صحة نفسية من قبل الوزارة لمساعدتهم على تجاوز تجاربهم مع الاحتلال بما في ذلك الجرحى منهم الذين لم يتمكن بعضهم حتى الان من العودة الى مقاعد الدراسة ويتلقون دروسا في بيوتهم.