هل يمكن إقرار قانون يعاقب الفتيات على تدخين الشيشة في الأماكن العامة؟ سؤال يطرح نفسه بعد التصريح الذي أدلى به رئيس جمعية مكافحة الإدمان في مصر عن إعداد الجميعة لمشروع قانون يقضي بفرض عقوبات مالية على الفتاة التي تدخن الشيشة في مكان عام!. فهل يمكن أن يظهر مثل هذا القانون؟ ولماذا يقتصر العقاب على الفتيات دون الشباب؟ وهل أصبح تدخين الشيشة ظاهرة نسائية بالفعل؟ وهل يمكن أن نرى في بعض الأماكن العامة لافتة تقول: "تدخين الشيشة للشباب فقط"؟ وغيرها من علامات الاستفهام التي تبحث السطور المقبلة عن إجابات واضحة وحاسمة له. الاحصاءات تؤكد أن نسبة المدخنات في ازدياد مستمر وأن تدخين الشيشة تحديداً أصبح ظاهرة نسائية حيث تفضلها الكثيرات على السجائر وهو ما دفع جمعية مكافحة الإدمان المطالبة بقانون يفرض عقوبة على الفتاة التي تدخن الشيشة في مكان عام! فما رأي الفتيات؟ ولماذا تقبل الفتاة أصلاً على تدخين الشيشة؟ في البداية تقول ميرهان نبيل 22 سنة خريجة جامعية إنها تدخن الشيشة مع صديقاتها في الأماكن العامة وأنها لا تخفي هذا عن والديها لأنهما أيضاً من مدخني الشيشة!. وتضيف: "أدخن الشيشة "التفاح" وهو نوع نسائي بعيداً عن أنواع الشيشة التي يفضلها الرجال مثل القص والسلوم والزغلول.. التفاح أخف وأقل ضرراً وقد جربته مرة فأعجبني فقررت أن أدخنه كلما جلست مع صديقاتي في مكان عام لكنني لست مدمنة للشيشة، ومعظم صديقاتي يدخن الشيشة أيضاً ونعتبرها شيئاً عادياً لا يستدعي الدهشة". وتكمل: "أنا مندهشة من الكلام عن تشريع يعاقب الفتاة التي تدخن في مكان عام لأن التدخين حرية شخصية طالما لا يؤذي ولا أعتقد ان مثل هذه الفكرة قابلة للتطبيق". * زوجي السبب: ندى 25 سنة زوجة حديثة تعترف أنها من المدخنات للشيشة بشراهة، وعن حكايتها مع الشيشة تقول: زوجي هو السبب فهو مدمن للشيشة وعندما كنا نجلس في أماكن عامة أيام الخطبة كان يطلب مني أن أجربها وفعلتها مرة، فأعجبتني ومنذ ذلك الوقت وأنا أدخن الشيشة سواء مع زوجي أو صديقاتي عندما نجلس في مكان عام بل انني أصبحت اشترط على صديقاتي عندما نخرج معاً اختيار مكان يقدم الشيشة. وزوجي الآن يقول لي إنه نادم لأنه جعلني أدخن الشيشة وأنه كان يعتقد انني سوف ادخنها مرة أو اثنين او حتى في المناسبات فقط ولكنني اعتدت عليها، وفي منزلنا شيشة خاصة بزوجي ولكن هذا لا يمنع استخدامي لها احياناً وإن كان زوجي يدخنها في الشرفة أما أنا فلا استطيع أن أفعل ذلك خجلاً من الجيران، أما توقيع عقوبة على المرأة التي تدخن الشيشة في مكان عام فهو طلب غريب وحتى لو تم تنفيذه فلن يقضي على ظاهرة تدخين المرأة. أما بثينة صاحبة محل كوافير حريمي ومن مدخنات الشيشة فتقول: "لا أحد يستطيع أن يمنعني من تدخين الشيشة في أي مكان أريده طالما أنهم لا يمنعون الرجال أم أن تدخين الشيشة حلال على الرجال حرام على المرأة، وأنا دخنت الشيشة من التوتر والضغوط الكثيرة التي أواجهها وعندي ظروف صعبة لا أريد أن أحكيها لأنها لا تهمكم لكن عموماً معظم البنات والنساء اللاتي يدخن الشيشة يكون دافعهن الرئيسي التخلص من التوتر والقلق". * تفرقة: وتقول نهى - طالبة جامعية - ما العيب في أن أدخن شيشة؟ ولماذا يراها البعض عيباً على الفتاة فقط من دون الشاب؟ هذه نظرة غريبة من المجتمع ونحن نعيش في القرن الحادي والعشرين الذي لم يعد فيه فارق بين البنت والولد وأنا أصلاً ضد سؤالي عن سبب تدخين الشيشة لأنكم لا تسألون الولد عن سبب تدخينه لها وهذا يعني أن هناك تفرقة وتمييزاً، أما الكلام عن الأضرار الصحية للتدخين فهو كلام يشمل الشاب والفتاة معا أيضاً وليس الفتاة وحدها. وتضيف نهى: عندما قادت المرأة السيارة اعتبر البعض هذا مشهد غريب ولكنهم اعتادوا عليه بعد ذلك وهو ما سيتكرر أيضاً مع مشهد تدخين المرأة للشيشة. وتعليقاً على مشروع القانون الذي تنوي جمعية مكافحة الإدمان التقدم به للبرلمان المصري لتوقيع عقوبة على الفتاة المدخنة للشيشة في أماكن عامة يقول وليد أبو جريشة عضو البرلمان المصري: "مشاريع القوانين تتقدم بها الحكومة الى البرلمان حيث تتم مناقشتها في مجلسي الشعب والشورى وإدخال التعديلات المناسبة عليها ثم إقرارها ولا يحق لأي جمعية أهلية مثل المذكورة أو غيرها التقدم بأي مشاريع قوانين ولكن يمكنها فقط التقدم باقتراح بما تريده الى الجهات المختصة التي تتولى بعد ذلك صياغة هذا الاقتراح في شكل مشروع قانون أو حتى فقرة في أحد القوانين، كما أن فكرة فرض عقوبة على الفتاة التي تدخن في مكان عام مخالفة للدستور الذي يساوي بين الرجل والمرأة واذا كانت هناك عقوبة ستفرض على الفتاة فيجب أن تفرض العقوبة نفسها على الرجل. ورأى أن المشكلة لا يمكن حلها بمثل هذه الطريقة لأن انتشار التدخين بين الفتيات عموماً له اسباب كثيرة منها انتشار المقاهي الحديثة التي يطلق عليها "الكوفي شوب" وعدم جدوى حملات التوعية. * الشاب والفتاة معاً: وترفض أستاذة طب المجتمع الحديث الدكتورة شفيقة ناصر عن تدخين المرأة بصفة خاصة وتقول: "اذا تكلمنا عن التدخين فيجب أن نتكلم عنه بوجه عام عند الشاب والفتاة معاً لأن لا معنى للفصل هنا، فإذا كان المجتمع ينظر للتدخين على أنه جريمة فيجب أن تكون تلك النظرة شاملة للرجل والمرأة معاً لا المرأة وحدها. ولا أدافع عن المدخنات ولست مدخنة وكثيراً ما طالبت بضرورة إقلاع المرأة عن التدخين سواء للسجائر أو للشيشة لأن أضرار التدخين يعلمها الجميع وتبدو أكثر وضوحاً على المرأة لأنها تضر بجمالها". ويقول أستاذ الطب النفسي الدكتور عمر شاهين: "هناك أسباب خاصة بالمرأة من دون الرجال تدفعها الى التدخين فبعض الفتيات يرى في تدخين الشيشة نوعاً من الوجاهة الاجتماعية وبعضهن يجد فيها نوعاً من الدلال أو محاولة للفت نظر الجنس الآخر، وإن كان التدخين ليس قاصراً على نساء الطبقات الراقية وحدهن فقد اصبح منتشراً أيضاً بين نساء الطبقات الفقيرة، كما انه ليس مرتبطاً بمستوى تعليمي معين فقد تجد فتاة متعلمة تدخن الشيشة وقد تجد صاحبة محل جزارة مثلاً تدخنها ايضاً. فالتدخين ظاهرة انتشرت بشدة بين النساء لكن مواجهتها لا تكون بفرض عقوبة وانما بتقديم رسالة اعلامية مكثفة ومكتملة تحمل التحذير العلمي الدقيق من أخطار التدخين على المرأة بوجه خاص".