بدا اليمن امس على أبواب أزمة حادة اطلقتها الاغتيالات الأخيرة واكدتها الاتهامات التي تنذر بمواجهات سياسية ساخنة في شأن الارهاب والتشدد والعلاقات مع تنظيم "القاعدة"، واظهر التقرير الذي قدمه رئيس الوزراء عبدالقادر باجمال أول من أمس الى مجلس النواب ان العلاقة بين الحكم والتجمع اليمني للإصلاح الاسلامي المعارض تمر بمرحلة حرجة بعدما اتهم باجمال أطرافاً حزبية وسياسية بحماية الارهاب ومده بفتاوى دينية. ووجهت النيابة العامة اليمنية نيابة استئناف شمال العاصمة صنعاء أمس استدعاء الى أمين عام "التجمع اليمني للاصلاح" محمد اليدومي لاستجوابه وسماع أقواله حول حادث اغتيال جارالله عمر الأمين العام المساعد للحزب الاشتراكي اليمني السبت الماضي اثناء جلسة افتتاح المؤتمر العام الثالث للتجمع الذي أعاد انتخاب اليدومي أمينا عاماً، كما أعاد انتخاب الشيخ عبدالمجيد الزنداني رئيس جامعة الايمان رئيساً لمجلس الشورى. وانتقد "الاصلاح" ما سماه تعمد النيابة العامة استدعاء أمينه العام اليوم بالتزامن مع تشييع جارالله عمر الذي اعتبره "شهيداً للاصلاح والديموقراطية وأحزاب اللقاء المشترك". وأعلن اليدومي انه سيلبي دعوة النيابة "التزاماً بالقانون الذي نتمنى سيادته على الجميع والالتزام به من الجميع". وكانت مصادر حكومية يمنية حملت اليدومي مسؤولية الاجراءات الأمنية التي اعتمدت اثناء جلسة افتتاح المؤتمر العام ل"الاصلاح"، بعد رفضه الاجراءات الأمنية التي عرضتها وزارة الداخلية لتأمين الصالة الرياضية المغلقة التي عقد فيها المؤتمر، ما أدى الى حادث اغتيال جارالله عمر داخل القاعة من قبل علي أحمد جارالله، الذي تقول السلطات بأنه ينتمي الى "الاصلاح" وطالب في جامعة الايمان التي يديرها الزنداني. ودان الحزب الحاكم المؤتمر الشعبي العام حادث اغتيال الاميركيين الثلاثة وجرح رابع في مستشفى السلام في منطقة جبلة بمحافظة إب أول من أمس، واعتبره عملاً ارهابياً "نفذه متطرفون ارهابيون لا يفقهون شيئاً من سماحة الدين الاسلامي الحنيف واحترامه لحياة وحقوق الآمنين والأبرياء ولا يقدرون الخدمات الانسانية لهؤلاء الضحايا الأبرياء". وأكد "التجمع اليمني للاصلاح" ادانته لهذا العمل الاجرامي المشين غير أن البيان الاصلاحي الذي صدر امس هدف الى نفي انتماء القاتل عايد عبدالرزاق الكامل الى التجمع واعتبر ما قالته وزارة الداخلية بهذا الشأن عارياً عن الصحة، وانه يفقد الاجهزة الأمنية صدقيتها ويساهم في اشاعة البلبلة والفتنة الداخلية وتهديد السلم الاجتماعي ويلحق الضرر بالمصالح العليا للوطن. ومما يزيد من وتيرة الصراع والمواجهة بين الحكم و"تجمع الاصلاح" ما تضمنه تقرير الحكومة حول مكافحة الارهاب الذي قدمه رئيس الوزراء باجمال الى مجلس النواب واتهم فيه اطرافاً حزبية سياسية بحماية الارهاب والتستر على عناصره ومدهم بالفتاوى الدينية بهدف عزل اليمن عن العالم وضرب اقتصاده في الداخل. وجاء هذا الاتهام في اتجاه الايحاء أن المقصود هو "التجمع اليمني للاصلاح"، من دون أن يذكره التقرير صراحة. وكان باجمال اكد في التقرير أن الحكومة اليمنية استعانت بالامكانات الفنية المتطورة للولايات المتحدة لرصد واغتيال "أبو علي الحارثي" زعيم تنظيم "القاعدة" في اليمن وخمسة من اتباعه في صحراء مأرب مطلع تشرين الثاني نوفمبر الماضي، بعدما فشلت كل المحاولات والاجراءات للقبض عليهم أو استسلامهم طوعاً ومحاكمتهم محاكمة عادلة. وفي هذا السياق اكدت ل"الحياة" مصادر مطلعة في صنعاء بأن محققين تابعين لمكتب التحقيقات الفيديرالي اف بي آي يشاركون في التحقيقات التي تجريها اجهزة الأمن اليمنية مع قاتل الاطباء الاميركيين في جبلة عايد عبدالرزاق الكامل وقاتل جارالله عمر المدعو علي أحمد جارالله بعدما تأكد وجود علاقة تنسيق بين القاتلين واحتمال ثبوت انتمائهما الى تنظيم "القاعدة"، غير أن الملحق الاعلامي والثقافي في السفارة الاميركية جون بالين قال ل"الحياة" أمس ان هذه المسألة المشاركة الاميركية في التحقيق لا يمكن التحدث عنها بوضوح. وأكد الديبلوماسي الاميركي دفن اثنين من ضحايا مستشفى جبلة هما الدكتور وليام كوين مدير المستشفى والطبيبة الصيدلية مارثا مايرز في محيط المستشفى بمدينة جبلة أمس بحضور القنصل الاميركي في صنعاء وعدد من الديبلوماسيين في السفارة والرعايا الاميركيين في المنطقة، فيما سينقل جثمان الضحية الثالثة الى الولاياتالمتحدة، اما الطبيب الجريح فقد نقل الى صنعاء لمواصلة العلاج في حين ان نقله الى الولاياتالمتحدة مرهون برغبته هو. وأضاف أن عائلات الدكتور كوين والطبيبة مايرز طلبت دفن جثمانهما في جبلة بناء على وصية لهما دوناها منذ فترة خصوصاً وأنهما أمضيا 22 عاماً في اليمن. وأكد الديبلوماسي الاميركي أن السفارة الاميركية أجلت رعاياها من مدينة جبلة الى صنعاء موقتاً نافياً أن تكون السفارة الاميركية طلبت من رعاياها مغادرة اليمن، ومشيراً الى انها طلبت منهم الاحتراز. يذكر ان جثمان السيد جارالله عمر سيشيع اليوم في صنعاء الى مثواه في مقبرة الشهداء.