تزايدت ردود الفعل الغاضبة في أوساط المعارضة اليمنية إثر اغتيال جارالله عمر، الأمين العام المساعد للحزب الاشتراكي المعارض، أول من أمس، اثناء افتتاح المؤتمر العام الثالث ل"التجمع اليمني للإصلاح" في صنعاء. وانتقد "التجمع" ما وصفه ب"كذب" السلطات في شأن هوية القاتل، في حين نفى الأمين العام للتجمع محمد اليدومي تلقيه أي مذكرة استجواب من النيابة العامة. وأكدت "جامعة الايمان" أن القاتل ليس طالباً فيها. خفف استجواب القاتل علي أحمد جارالله لدى زعماء أحزاب المعارضة وفي منزل الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر زعيم "التجمع" رئيس مجلس النواب، حال التوتر، وحافظ على جدار التحالف بين "التجمع" وأحزاب مجلس التنسيق الأعلى للمعارضة التي يتزعمها الحزب الاشتراكي في ما يُعرف ب"أحزاب اللقاء المشترك". وكان القاتل أقر بأنه ارتكب فعلته عن اقتناع شخصي وبدافع "الواجب في الدفاع عن الدين الإسلامي" في مواجهة "الذين يريدون تعطيل الشريعة"، وذكر منهم جارالله عمر وزعماء آخرين في المعارضة، لم تتح له الفرصة لاغتيالهم. وعلى رغم الإدانة الواسعة لعملية الاغتيال التي اعتبرها الرئيس علي عبدالله صالح في برقية تعزية بعث بها إلى أسرة جارالله عمر، "نتيجة للعنف والتطرف والتعبئة الخاطئة ممن آمنوا بالعنف وسيلة لفرض رؤاهم وأفكارهم المتعصبة والمتحجرة"، تبددت آمال الحزب الحاكم المؤتمر الشعبي العام بإمكان شق التحالف بين "الإصلاح" و"الاشتراكي". واستغرب مصدر مأذون في المؤتمر الثالث للتجمع اليمني للإصلاح "استمرار الإعلام الرسمي في نشر أكاذيب عن هوية قاتل المناضل جارالله عمر، على رغم تصريحات المسؤولين في الإصلاح التي أكدت أن لا علاقة للمجرم بالإصلاح أو بمؤتمرهم العام، وعلى رغم اعترافات المجرم في التحقيقات التي حضرها ممثلون عن الأحزاب اليمنية عقب الحادث مباشرة". وأكد المصدر في تصريحات إلى "الصحوة نت" ان الإصلاح "سيلجأ إلى القضاء لمواجهة الكذب الذي تروّجه وسائل الإعلام الرسمية التي لم تحترم أحكام القوانين التي تجرم استباق إعلان أي معلومات عن الجريمة، فضلاً عن اختلاق معلومات لا أساس لها". إلى ذلك، أكد محمد اليدومي ل"الحياة" أنه لم يتلق أي مذكرة استجواب من النيابة العامة عن مسؤوليته في رفض الاجراءات الأمنية التي كانت اقترحتها وزارة الداخلية على تجمع الإصلاح، في مقر انعقاد مؤتمره الثالث، وأن ذلك أدى بالتالي إلى جريمة اغتيال جارالله عمر. وقال اليدومي: "أنا مستعد للإجابة عن أي استدعاء يوجه إليّ من النيابة العامة للتحقيق في الجريمة التي أودت بحياة المناضل جارالله عمر". وأضاف: "تلقيت اتصالاً من مسؤول حكومي مهم، حاول استجوابي هاتفياً لكنني رفضت، وأبلغت أنني مستعد للاستجواب أمام هيئة النيابة أو القضاء، إذا تطلب الأمر". واتهم اليدومي مسؤولين في الحكومة "يعرفهم جيداً" بالسعي إلى ذلك الاستجواب و"الترويج له في وسائل الإعلام". ونشرت صحيفة "الصحوة" الناطقة باسم "تجمع الإصلاح" على موقعها على الانترنت أمس تصريحاً للشيخ عبدالمجيد الزنداني رئيس مجلس شورى الإصلاح والذي يرفض الادلاء بأي تصريح صحافي منذ هجمات 11 أيلول/ سبتمبر، عبر فيه عن استغرابه لتركيز الإعلام الرسمي على أن القاتل جارالله عمر، من طلاب "جامعة الايمان" التي أسسها الزنداني ويديرها. وأوضح ان القاتل فُصل من الجامعة قبل 7 سنوات ولم يدرس فيها إلا سنة، مضيفاً انه خريج كلية الشريعة في جامعة صنعاء، ودرس فيها أربع سنوات. وفي سياق ردود فعل الأوساط الحزبية المعارضة، وصف الدكتور محمد المخلافي عضو المكتب السياسي ل"الاشتراكي" الجريمة بأنها "اغتيال سياسي"، وأشار الى ان غياب جارالله عمر سيؤثر في الحياة السياسية في البلاد، رافضاً أي اشارة الى اتهام تجمع الاصلاح بالمسؤولية عن الحادث. واعتبر ان الاغتيال "لن يؤثر في علاقة التحالف بين الاشتراكي والاصلاح". وعزا علي سيف حسن عضو اللجنة المركزية للتنظيم الوحدوي الناصري، ما حدث الى "خشية المستفيدين من الوضع الحالي في اليمن من نجاح مشروع التغيير الديموقراطي السلمي". وزاد: "هؤلاء المستفيدون هم من اقترف الجريمة لمحاولة افشال اللقاء المشترك تحالف المعارضة الذي تُبنى عليه آمال تغيير ديموقراطي سلمي في اليمن". ودعا خالد سلمان رئيس تحرير صحيفة "الثوري" الناطقة باسم "الاشتراكي" الى "الحوار والتقارب والعمل المشترك لكل القوى السياسية الخيّرة في اليمن"، معتبراً ان هذه كانت "رسالة الشهيد جارالله عمر ووصيته". وقرر المكتب السياسي للحزب الاشتراكي في اجتماع استثنائي عقد امس تشييع جثمان جارالله عمر بعد غد الأربعاء الى مثواه الأخير في مقبرة الشهداء في صنعاء، بعدما صدرت توجيهات رئاسية بدفنه في هذه المقبرة. وكانت أحزاب "اللقاء المشترك" أصدرت بياناً دانت فيه "القتل والعنف والتطرف والارهاب والتكفير ثقافة وممارسة"، وطالبت بمحاكمة قاتل جارالله عمر علناً. ووصفت جارالله عمر بأنه "شهيد الحركة الوطنية والديموقراطية والتعددية السياسية في اليمن". الى ذلك، استأنف تجمع الاصلاح جلسات مؤتمره العام الثالث التي تعطلت أول من أمس اثر جريمة الاغتيال، واعيد انتخاب الشيخ عبدالله الأحمر رئيساً للهيئة العليا للتجمع زعيماً له، وانتخب الشيخ ياسين عبدالعزيز القباطي المرشد العام للاخوان المسلمين في اليمن سابقاً نائباً لرئيس الهيئة، فيما يتوقع اعادة انتخاب اليدومي أميناً عاماً.