اغتال متشدد اسلامي ثلاثة أطباء اميركيين طبيباً وطبيبتين وجرح رابعاً بإطلاق وابل من رصاص مسدسه داخل مستشفى السلام المعمداني في مدينة جبلة في محافظة إب اليمنية 250 كيلومتراً جنوبصنعاء. وفيما اعلنت وزارة الداخلية ان القاتل عابد عبدالرزاق الكامل 30 سنة ينتمي الى "تجمع الاصلاح"، اكدت مصادر متطابقة في جبلة ل"الحياة" انه ينتمي الى تنظيم "الجهاد الاسلامي". وقال قياديون في "الاصلاح" ل"الحياة" ان الجاني كان عضواً في هذا الحزب وتركه قبل 4 سنوات. وجاء الحادث بعد يومين على اغتيال الأمين العام المساعد للحزب الاشتراكي المعارض السيد جارالله عمر، ودانت فرنسا وبريطانيا بشدة اغتيال الأطباء الثلاثة. اكدت ل"الحياة" مصادر متطابقة في جبلة ان قاتل الأطباء الثلاثة ينتمي الى تنظيم "الجهاد الاسلامي" وشوهد مرات خلال الاسابيع الماضية ملتحياً وهو يتردد على المستشفى. وتابعت المصادر ان عابد عبدالرزاق الكامل الذي بدا حليقاً امس غافل حراس المستشفى وتعذر بحاجته الى معالجة جرح في كفه اليمنى، ولدى دخوله غرفة الأطباء شهر مسدسه وأطلق النار عليهم بدم بارد. ونقلت عن مصادر قريبة من التحقيق ان القاتل قال للمحققين انه كان على علاقة بعلي أحمد جارالله قاتل جارالله عمر، وانه كان يستمع الى خطبه التي يحرض فيها على العنف دفاعاً عن العقيدة الاسلامية، ويشن حرباً على العلمانيين والحركات التبشيرية في اليمن. وتابعت ان قاتل الأطباء ينتمي الى محافظة ذمار مئة كيلومتر جنوبصنعاء، وكان نسق مع قاتل جارالله عمر لارتكاب الجريمة في مستشفى جبلة المعمداني، فيما يحاول المحققون اليمنيون ومعهم فريق تحقيق اميركي ارسلته سفارة الولاياتالمتحدة في صنعاء الى محافظة إب التوصل الى التنظيم أو العناصر الارهابية المتطرفة التي ينتمي اليها القاتلان، وإبطال أي خطة لتنفيذ عمليات مماثلة. وأكد بيان لمصدر أمني في وزارة الداخلية اليمنية ان عابد الكامل ينتمي الى التجمع اليمني للاصلاح الاسلامي المعارض، وقتل الأطباء الاميركيين بالتنسيق مع قاتل جارالله عمر في اطار "تشربهما معاً بؤر الحقد والأفكار الظلامية السوداء ذاتها، المجبولة على العنف والتعصب والتحجر والسلوك الاجرامي المنحرف الذي يتنافى مع عقيدتنا الاسلامية ومبادئ شعبنا اليمني واخلاقه النبيلة وقيمه". وكشف المصدر اسماء ضحايا حادث مستشفى جبلة، وقال انه أسفر عن مقتل الدكتور بيل كوهن 70 سنة، والدكتورة مارثا ماريست 65 سنة والدكتورة كاتي كريتين 65 سنة، وإصابة الدكتور توني كاستان 45 سنة الذي أفادت مصادر طبية في محافظة إب ان حاله الصحية مطمئنة، بعدما نجا من المجزرة. وروى ل"الحياة" شهود من أبناء منطقة مدينة جبلة أن العلاقة بين أبناء المدينة ومحافظة إب عموماً، وبين أطباء المستشفى الأجانب 64 عاملاً وطبيباً واخصائياً ينتمون الى جنسيات مختلفة وبينهم 25 اميركياً كانت ودية جداً، وان الأطباء يتمتعون بتقدير الناس الذين باتوا يعرفونهم، خصوصاً الثلاثة الذين قتلوا وعملوا في المستشفى 22 سنة. وقال ل"الحياة" الدكتور خالد الفرياني مدير مكتب البعثة الطبية المعمدانية في صنعاء ان الجريمة نفذت أثناء عملية تسليم الادارة الاميركية للمستشفى المعمداني الى الحكومة اليمنية، اذ يفترض ان يصبح ملكاً لها في 1 كانون الثاني يناير 2003. وذكر ان بعثات أوروبية وعربية تعاقبت على المستشفى "لكن الأطباء الثلاثة فضلوا البقاء فيه، إذ شعروا براحة في التعايش مع اليمنيين على مدى 22 سنة". واضاف ان 160 عاملاً وموظفاً واخصائياً وطبيباً في المستشفى هم يمنيون. الى ذلك، دانت السفارة الاميركية في صنعاء اغتيال الأطباء، وقدمت العزاء لهم ولعائلاتهم، مطالبة الحكومة اليمنية بتقديم المسؤولين عن الجريمة الى العدالة. ونصح بيان للسفارة الرعايا الاميركيين في اليمن بتعزيز اجراءات السلامة الشخصية، مطالباً بحماية اضافية لهم. وأكدت الداخلية اليمنية ان اجهزة الأمن ضاعفت تدابيرها واحتياطاتها الأمنية لحماية الاجانب في البلد، وملاحقة كل من له علاقة بالجرائم التي "تسيء الى سمعة اليمن ومصالحه العليا". التجمع يرد على الداخلية ورد "التجمع اليمني للاصلاح" الذي أنهى أمس مؤتمره العام الثالث، على اعلان الداخلية انتماء قاتل الاطباء الاميركيين الى التجمع. ودان مصدر مأذون له في التجمع ما وصفه ب"انجرار اجهزة الأمن الى مخططات العبث بالأمن العام". ودعاها الى "القيام بواجبها الاخلاقي والمهني والقانوني تجاه الأحداث، باعتبار الجميع أبناء هذا الوطن". وذكر المصدر بأن التجمع "يستغرب استعجال وزارة الداخلية في منح قاتل الاميركيين في مدينة جبلة عضوية التجمع، على رغم ان القاتل أفاد أنه عضو في تنظيم "الجهاد" وهاجم حزب الاصلاح لعدم اتخاذه مواقف عدائية من الغرب والاميركيين". وشدد على ان محافظ محافظة إب نفى في تصريح الى صحيفة "الصحوة" الناطقة باسم "الاصلاح" أي كلام للجاني يفيد انه طالب في "جامعة الايمان" التي يديرها الشيخ عبدالمجيد الزنداني أحد أبرز زعماء التجمع، واكد انه ترك حزب "الاصلاح" لأن الحزب لا يتخذ مواقف عدائية من الغرب والاميركيين. تنديد فرنسي - بريطاني الى ذلك أ ف ب، دانت باريس "بشدة" الهجوم المسلح الذي أدى الى مقتل الأطباء الاميركيين. وقال الناطق باسم الخارجية الفرنسية فرنسوا ريفاسو ان "فرنسا تدين بشدة هذه الجريمة التي لا يمكن إلا ان تؤجج التوتر الذي سبق وشهد تصعيداً مع اغتيال مسؤول في الحزب الاشتراكي اليمني". واضاف خلال لقاء صحافي: "نقدم الى السلطات الاميركية واليمنية وعائلات الضحايا أحر التعازي". وفي لندن، دان وزير الدولة للشؤون الخارجية مايك اوبراين اغتيال الأطباء، معتبراً ان "من الفظاعة ان يقع الذين ينذرون أنفسهم للاعتناء بالآخرين ضحايا عنف كهذا".