يمن جار الله عمر وبول أدامز ولاري كوكس وجاكلين لاوسن سميث هو يمن الطريق "القاعدي" من أفغانستان الى أفريقيا. يمن الهجوم على ناقلة "ليمبورغ" الفرنسية قبل شهرين فقط. يمن الهجوم، قبل عامين ونيف، على مدمرة "كول" الأميركية ومقتل 17 فرداً. لكن اليمن هذا مُصغّر العالم العربي مدفوعاً الى حالة قصوى. لنتأمّل قليلاً في ما عرفه ذاك البلد في أقل من نصف قرن. لنتأمّل الموقع الذي احتله داخل السجالات الأساسية التي شقّت العالم العربي، ولا يزال بعضها يشقّه. عرف شماله النظام الإمامي، وجنوبه الاحتلال البريطاني. عرف الشمال الجمهورية ذات النظام العسكري على النمط الناصري، فالحرب الأهلية التي تواصلت في حرب أهلية عربية. عرف الجنوب الكفاح المسلح ضد الاستعمار ثم الحرب الأهلية بين قوميي "الجبهة القومية" وقوميي "جبهة التحرير"، ثم عرف ارتداد يساريي الجبهة القومية على يمينييها وإقامة نظام اشتراكي ماركسي-لينيني. عرف التحالف مع معسكري الحرب الباردة، السوفياتي والغربي. عرف صراعات الرفاق في الجنوب ونزاعات القبائل والأفخاذ ومؤامرات الضباط في الشمال. عرف الشطران الوحدة. عرفا حرباً أرادها البعض للانفصال والبعض لتجليس الوحدة. عرفا الصعود الأصولي الذي حالفته السلطة. عرفا الرأسمالية التي على طريقة العالم الثالث، ممزوجةً بحاكمية تبزّها سوءاً. عرفا التعاطف مع العراق "ضد الغرب"، ثم التعاطف الاستراتيجي مع الغرب "ضد الارهاب". وفي هذه الغضون، كان اليمن مسرحاً للمفاضلة بين التحديث والتقليد. بين الجمهورية والملكية. بين اليسار واليمين. بين المدني والعسكري. بين الناصري والماركسي. وفي بضع سنوات جنوبية بين السوفياتي والماوي. كل شيء جُرّب. واليمن هو اليمن: بائساً. فقيراً. مشكلةً لأهله. مشكلةً للعالم. هذا المسار الكئيب يحض على طرح أسئلة كئيبة ومن النوع الجذري: على عرب اليمن وعلى العرب خارج اليمن. على الذين قالوا إن الحل بالوحدة والقومية، أو بالاشتراكية، أو بالثورة، أو بالرأسمالية، أو بالإسلام، أو بالتحالف مع الغرب، أو بالعداء للغرب. يحضّ على طرح أسئلة تتعدى الأفكار المجردة واليافطات الايديولوجية الى الواقع والوقائع والمؤسسات، وفي الصدارة منها مؤسسة الدولة. تتعداها الى التعليم، وخصوصاً الى أنظمة القيم وفي المتن منها انتشار السلاح. من يتدبّر أمر اليمن؟ كيف يُتدبّر أمر اليمن؟ من يتدبّر أمرنا؟ كيف يُتدبّر؟