نشرت "الحياة" في 15 آب أغسطس مقالاً بقلم السيد محمود الريماوي كاتب أردني تحت عنوان: "نقاش هادئ حول مقولة أطماع أردنية في العراق"، ينفي فيه الكاتب وجود مساعٍ أردنية جدية للاتصال بالمعارضة العراقية، وأطماعٍ أردنية و"هاشمية" في العراق تدفع الأردن الى مباركة ضربةٍ عسكرية له. "فالصحيح"، يقول السيد الريماوي "ان الأردن رفض أن يكون منطلقاً لأي هجوم على هذا البلد". وليس لدى كاتب هذه السطور اعتراض على هذا الطرح. لكن الذي يلفت النظر أن الكاتب، بعد عرض هيئات المعارضة المختلفة، يقرر أن الأردن لم يقم باتصالات تذكر مع أركان المعارضة العراقية. ويفرد "الحركة الملكية الدستورية" العراقية بالتقليل من شأنها قائلاً: "إن هناك ادراكاً للحجم المتواضع الذي تتمتع به الحركة الملكية الدستورية... على رغم ان عراقيين كثراً من عامة الناس وصفوتهم"، يقول الكاتب، "باتوا يترحمون علناً على أيام الملكية مقارنةً بما تلاها". أليس في هذا الكلام قدر كبير من التباين يصل الى حافة التناقض؟ وهل يلزم التقليل من شأن "الحركة الملكية الدستورية العراقية" لإثبات براءة الأردن من "أطماعٍ له في العراق"؟ والأنكى من ذلك أن السيد الريماوي يتمادى في حملته. فيضيف قائلاً: "إن زعيم تلك الحركة الشريف علي بن الحسين لا ينظر اليه في الأردن كهاشمي. إن في هذا القول تطاولاً على الحقائق التاريخية التي لا يصح تجاوزها لأغراض سياسية أو دعائية آنية. ان شجرة العائلة الهاشمية المدونة في وثائق تاريخية، عربية وأجنبية، ... تبيّن بوضوح ان الشريف الحسين بن علي المتوفى في لندن عام 1998، والد الشريف علي، زعيم الحركة الملكية الدستورية العراقية والمرشح لعرش العراق، ينحدر مباشرةً من الشريف محمد بن عبدالمعين بن عون، أمير مكةالمكرمة 1790 - 1858م، جد العائلة الهاشمية الأكبر. وجدّ الشريف الحسين بن علي هو الشريف عبدالله بن محمد، شقيق الشريف علي بن محمد، والد الشريف حسين، وهو والد الملك علي، والملك عبدالله، والملك فيصل والأمير زيد. وتقول الأميرة بديعة بنت الملك علي وحفيدة الملك حسين بن علي في مذكراتها ص 211: "أستطيع أن أروي هنا أن جدي الشريف الحسين بن علي قد تزوّج ابنة عمه، جدتي الشريفة عبدية، وهي في الوقت نفسه عمة زوجي الشريف حسين أخت والده الشريف علي بن عبدالله، تزوجها سنة 1875م، وأنجبت له ثلاثة ملوك علي وعبدالله وفيصل". وازاء هذه الحقائق كيف يجوز لأي جهةٍ أن تشكك في "هاشمية" الشريف علي بن الحسين؟ انني لا أظن أن أي جهة مطلعة، في الأردن أو غيره، تذهب هذا المذهب أو تؤيده. ان التشكيك في الأنساب، كما هو الحال في اختلافها، أمر في غاية الخطورة. ولا يجوز إلقاء الكلام فيه على عواهنه، كما فعل السيد الريماوي. والحقائق لا يمكن اخفاؤها، كما ان الشمس لا تحجب بغربال. والله من وراء القصد. لندن - عبدالغني الدلي وزير وسفير في العهد الملكي - العراقي