تابع العراقيون المقيمون في الأردن، انباء تدهور صحة العاهل الأردني بقلق لا يقل كثيراً عن ما أبداه الاردنيون. فهم على اختلاف مشاربهم يقرون بأن حال الانفراج النسبي التي شهدتها حياتهم بعد دخولهم الأردن والاقامة فيه موقتاً او بشكل دائمي نسبة قليلة تعود اصلاً الى مجموعة من القرارات والمبادرات الانسانية اتخذها الملك الحسين، اوصت في مجملها بپ"معاملة انسانية خاصة" للعراقيين. ويقرّ العراقيون انهم في بلد عربي لا يسألهم عن تأشيرة دخول، وفتح لهم الأبواب بعد حرب الخليج الثانية عام 1991 لاستنشاق هواء لم تلوثه غازات الحروب وأبخرة البارود في وقت اوصدت فيه عليهم من كل الجهات. بل ان الأردن هو النافذة التي تمكن اكثر من مليوني عراقي الوصول من خلالها الى اوروبا والولايات المتحدة واستراليا ضمن مسلسل بحثهم عن "مناطق آمنة" بعيداً عن وطنهم الذي انهكته الحروب والعقوبات. ويكاد يجمع اكثر من 100 ألف عراقي يقيمون حالياً في الأردن، ان تغاضي السلطات الأردنية عن "تجاوزاتهم" في ما يخص الاقامة المحددة حالياً بستة اشهر فقط، عائد اصلاً الى توصيات العاهل الأردني بحسن التعامل مع العراقيين وابداء قدر اكبر في مساعدتهم لتجاوز ظروفهم الراهنة. ويقول المهندس المعماري صباح عبدالله 34 عاماً انه تلقى اخبار انتكاسة صحة العاهل الأردني بحزن شديد لما يجده في الملك الحسين من طابع متسامح انساني وخصوصاً مواقفه من العراقيين: "ها أنا أقضي سنتي الثالثة في الأردن. لم يتعرضني أحد هنا ولم يسألني شخص عن هويتي عدا بعض المعاملات الرسمية. وهذا امر لم اكن احصل عليه في وطني. من هنا يأتي تقديري للأردن وللعاهل الملك الحسين خصوصاً". ويعتبر استاذ الأدب العربي في احدى الجامعات الأردنية وكان يدرس في جامعة بغداد قبل وصوله الأردن قبل عامين، ما يتعرض اليه الملك حسين من محنة في صراعه مع المرض "حظاً عاثراً آخر للعراقيين". ويضيف: "القدر الاهوج يعصف بالأخيار والطيبين ويبقي الاشرار". ويلمح كاتب عراقي الى اكثر من هذا فيقول: "ان شراً كلياً ينتظم فيه خطاب نظام الرئيس العراقي صدام حسين، ظهر واضحاً من خلال مقالة صحيفة بابل المملوكة لعدي النجل الأكبر للرئيس صدام "عاش الملك.. مات الملك" وفيها يظهر نشوته من تدهور صحة العاهل الأردني الذي اظهر منذ السنوات الثلاث الماضية انتقاداً اكبر للقمع الذي يعانيه العراقيون في وطنهم". ويرى المعارضون العراقيون في الأردن، ويشكل المثقفون نسبة كبيرة منهم "ان نضال العراقيين ضد الديكتاتورية سيسجل للملك حسين انه الذي ذكر بجراح وآلام شعب انتهكت كرامته بين القمع والحروب". واعتبر بعضهم استقبال الأردن لصهري الرئيس حسين وصدام كامل بعد هروبهما من العراق في آب اغسطس 1995 ومن ثم الموافقة على فتح مكتب لحركة الوفاق الوطني العراقي المعارضة منذ نيسان ابريل 1996 في عمّان والسماح لها بالعمل السياسي والاعلامي، تأكيداً لسعي العاهل الأردني الى التذكير بما يتعرض اليه العراقيون من مصاعب سببها سياسات حكومية عراقية قبل ان تكون نتيجة لعقوبات دولية. ويجد سعد باقر تاجر، 46 عاماً ان العلاقة بين العراقوالأردن قد لا تتغير كثيراً وان غاب العاهل الأردني عن ادارة دفة الحكم في بلاده، على رغم انه كان يتمنى "طول عمر لرجل صنع موقعاً لبلاده يشك في انها كانت ستحققه بدونه". وترى فاتنة ابراهيم 23 عاماً وتعمل سكرتيرة في مكتب للاعلان "ان القلق سيزداد عند العراقيين في الأردن بعد الملك حسين، فمن يدري ما الذي سيتعرضون اليه؟ وأتمنى ان يمن الله على الملك حسين بالعافية". وتعتبر آمنة خضير 42 عاماً وتعمل بائعة للسجائر في مجمع مواصلات "رغدان" وسط العاصمة الأردنية، ان روح التسامح لن تكون غائبة عن العائلة الهاشمية، ومن سيحكم الأردن منها سيظل على طريقة الملك حسين يفتح الباب للعراقيين ويساعدهم. وتقول: "من خلال عملي هنا أتدبر شؤون عائلتي في العراق. معي ابني الاصغر يساعدني لكنني منذ مساء الخميس وبعد اخبار مو زينة حملت اغراضي وعدت الى السكن". ويأمل طبيب الاسنان علي حسين كاظم 30 عاماً ان ينعم الأردن بالاستقرار ويعتقد ان ما رسخه الملك حسين من تقاليد حكم جعلت الأردن يستحق مكانة مميزة بين الدول، وهذا ما يبعده عن المفاجآت السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وقال عضو المكتب السياسي لحركة "الوفاق الوطني العراقي" المعارضة، ضرغام كاظم التي سمحت لها الحكومة الأردنية بافتتاح مكتب في عمّان لممارسة العمل السياسي والاعلامي في نيسان ابريل 1996، ان انتكاسة الوضع الصحي للملك الحسين "تحزننا كثيراً وخسارة كبيرة، وعلى رغم المرارة والألم الا ان املنا قائم في ولي العهد على استمرار نهج مناصرة قضية الشعب العراقي". وأضاف ان اتفاق الحركة على العمل في الأردن "اتفاق مع مؤسسات دولة وسنبقى مع الأردن على نهج الحق والحقيقة من اجل شعبنا العراقي وشعوب المنطقة". واعتبر المعارض العراقي موقف العاهل الأردني من مسألة الشعب العراقي موقفاً مبدئياً يتعلق بمعاناة الشعب العراقي، التي تأخذ ابعاداً مأسوية مع "استمرار سلطة غاشمة كسلطة نظام الرئيس صدام حسين في حكم العراق".