نجح القائد السياسي الفلسطيني مروان البرغوثي في الجلسة الثانية لمحاكمته أمام القضاء الاسرائيلي في تسليط الأضواء على وجود الاحتلال الاسرائيلي في الأراضي الفلسطينية ونزع الشرعية القانونية عن محاكمته امام محكمة اسرائيلية وصفها بأنها "محكمة احتلال عسكرية" عندما أغلق اذنيه بيديه رافضاً الاستماع الى لائحة الاتهام الموجهة ضده، فيما رفعت حرارة العواطف التي عبر عنها أطفاله الثلاثة الذين حضروا الجلسة ومنعوا من معانقة والدهم سخونة الجو في قاعة المحكمة الاسرائيلية في تل ابيب. ورفض النائب في المجلس التشريعي الفلسطيني أمين سر حركة "فتح" في الضفة الغربية الذي تتهمه اسرائيل بالقتل والتحريض وقيادة تنظيم "ارهابي" التعامل مع المحكمة الاسرائيلية وخرج ممثلو الدفاع من قاعة المحكمة فور افتتاحها وأعلن البرغوثي انه يرفض التعامل مع المحكمة، وقال موجهاً حديثه الى القضاة بعبرية متقنة: "ليس لكم الحق في محاكمتي. هذه محكمة عسكرية انتم محكمة احتلال لا تهتمون بمعاناة شعب بأكمله. تدير حكومتكم حرب ابادة، وأنا أناضل من أجل الحرية والاستقلال للشعبين والدولتين". وتابع البرغوثي: "هنالك خطأ في الجهة التي يجب أن تقف هنا في قفص الاتهام هي الحكومة الاسرائيلية وليس أنا. أنا قائد منتخب من قبل الشعب الفلسطيني، أنا عضو في البرلمان الفلسطيني". ورفضت القاضية الاسرائيلية طلباً للبرغوثي عندما قال انه يود أن يوجه اتهامات ضد حكومة اسرائيل. وقالت القاضية انه "ليس الشخص المناسب لتقديم مثل هذا الاتهام". وصم البرغوثي اذنيه بيديه لتفادي الاستماع الى لائحة الاتهام التي قرأت في الجلسة ورفض تعيين محام اسرائيلي جلبته المحكمة بعدما امتنع محامو البرغوثي، بناء على طلبه، عن تمثيله في الجلسة. وأجل النظر في قضية البرغوثي الى الثالث من تشرين الأول اكتوبر المقبل. ورفعت الجلسة فور بدايتها لدقائق بعدما حاول أبناء البرغوثي الثلاثة شرف وعرب وربى معانقة والدهم فور دخوله القاعة وهم لم يروه منذ اختطافه على يد و"حدات خاصة" اسرائيلية في الخامس عشر من نيسان ابريل الماضي. وأجهش الأطفال الثلاثة بالبكاء داخل القاعة. ولم تسمح السلطات الاسرائيلية للمرة الثانية على التوالي لزوجة البرغوثي المحامية فدوى وابنه الأكبر قسام بحضور الجلسة. وشهدت جلسة محاكمة البرغوثي تغطية اعلامية واسعة شملت تغطية حية جزئية لوقائعها على شبكة الاخبار الاميركية "سي ان ان" وحضور العشرات من ممثلي وسائل الاعلام الأجنبية. وجرت مشادات كلامية تطورت الى العراك بالأيدي بين مجموعة من الفلسطينيين ونواب عرب في البرلمان الاسرائيلي وأفراد من عائلات اسرائيلية قتلوا خلال عمليات فلسطينية جلبتهم وزارة الخارجية الاسرائيلية الى المحكمة ضمن حملة اعلامية نظمتها بعد نجاح البرغوثي في الجلسة الافتتاحية لمحاكمته في 14 آب اغسطس في التحدث الى وسائل الاعلام ومخاطبته الاسرائيليين بلغتهم واعلانه انه رجل سلام وان السلام لن يتحقق إلا بزوال الاحتلال. ومن المقرر ان يمثل البرغوثي في الجلسات المقبلة محاميان فرنسيان. يذكر أن وزارة الخارجية الاسرائيلية اعلنت انها ستستخدم محاكمة البرغوثي على انها "قصة اسرائيل"، فيما اعلنت لجنة الدفاع عن البرغوثي ان المحاكمة التي تعتبرها محاكمة سياسية بالدرجة الأولى ستستخدم لوضع الاحتلال الاسرائيلي في قفص الاتهام. محامون اسرائيليون يتطوعون للدفاع وأعلنت مجموعة من المحامين الاسرائيليين وأنصار معسكر السلام استعدادها للدفاع عن البرغوثي أمام المحكمة الاسرائيلية. وصرح المحامي شماي ليبوفتش، حفيد المفكر الاسرائيلي يشعياهو ليبوفتش الذي كان أول من توقع ممارسات الاحتلال القمعية في المناطق الفلسطينية المحتلة عام 1967 وغداة احتلالها، للاذاعة العبرية بأنه وزملاءه يرون في البرغوثي "مناضلاً من أجل حرية شعبه واستقلاله" وان المحكمة الاسرائيلية لا تملك صلاحية محاكمته. وتابع يرد على وزير الأمن الداخلي عوزي لنداو الذي وصف البرغوثي ب"مجرم ضد الانسانية" ان المجرم الحقيقي هو الاحتلال "المسؤول عما آلت اليه أوضاعنا". وقال ان البرغوثي أعلن بملء فمه في الجلسة الأولى من محاكمته انه رجل سلام ويناضل من أجل السلام ويعترف بحقنا في العيش في دولة يهودية لكنه يطالب بكنس الاحتلال. ورأى ان المحاكمة جاءت لتؤكد رفض اسرائيل وقف المشروع الاستيطاني في الضفة الغربية وقطاع غزة "فشنت حرباً على الفلسطينيين".