لندن - "الحياة" حصلت "الحياة" في لندن على رسالة خطية كتبها احد المعتقلّين اليمنيين في سجون جهاز الامن السياسي الاستخبارات على خلفية احداث 11 ايلول سبتمبر الماضي بعث بها ل"الهيئة الوطنية للدفاع عن الحقوق والحريات" هود في 20 ايلول الجاري شرح فيها ظروف اعتقاله من جانب عناصر الامن السياسي العام الماضي، بعد هجمات واشنطن ونيويورك من منزله في محافظة إب اثر عودته لليمن من السعودية لقضاء اجازة شهر رمضان الماضي بين اهله وذويه بعد عامين من العمل هناك. واستهل كاتب الرسالة الذي رمز لإسمه ب م ج وتحتفظ "الحياة" بإسمه كاملاً بتوضيح اسباب سفره بداية الى باكستان قبل خمس سنوات مع "جماعة الدعوة" وقال: "لم اتكيّف مع مناخ باكستان الحار، وكذلك بسبب مرض زوجتي في تلك الفترة لم امكث في باكستان سوى 14 يوماً فقط. ولدى المحققين تفاصيل الرحلة كاملة وتاريخ الدخول والخروج في جواز سفري الذي اطلعوا عليه". ويضيف: "بعدها بحوالى سنتين، وبسبب الظروف المادية الصعبة وحالة المعيشة في بلادنا كان لا بد من طلب الرزق وتحسين مستوى المعيشة خصوصاً وان والدي اصبح كبيراً في السن وغير قادر على العمل، ولديّ زوجة وطفلان بالاضافة الى اخوتي الصغار، فكان لزاماً ان اشق طريقي طلباً للرزق وتأمين مستقبل اولادي وباقي اسرتي، فاتصل والدي بأقارب له في السعودية للحصول على إذن عمل لي هناك. وفعلاً حصلت على اذن العمل على ان أسدد قيمته بعد تمكني من العمل". واضاف: "سافرت الى جدة واغتربت لمدة سنتين بين كدّ وتعب وغربة ليس لشيء وانما لأسدد ديوني، ولم اتمكن من سدادها حتى الآن وفكرت العام الماضي بزيارة اهلي وصيام شهر رمضان مع اولادي، لكنني بدأت غربة جديدة … وفرحتي بأهلي لم تتم. ففي 5 شوال العام الماضي وجدت نفسي في زنازنين الامن السياسي مع انني لم أُسجن من قبل حتى في قسم شرطة". واضاف: "حضرت الى الامن من تلقاء نفسي بعدما جاء الى منزلي من يطلبني للامن لمدة خمس دقائق فقط لغرض الاستفسار ثم اعود… واستمرت الخمس دقائق هذه حتى كتابة هذه الرسالة" 20 ايلول الجاري. واكد م ج في رسالته انه لم يستطع اقناع الامن ببراءته و"حاولت مراراً ان أُبيّن لهم بأنني لم أذهب الى افغانستان ولم افكر في يوم من الايام بالذهاب الى هناك، وانه ليست لي اي علاقة لا من قريب ولا من بعيد بما يسمى تنظيم "القاعدة"، كما ان ظروفي الشخصية لا تسمح لي بالبقاء في السجن لأنني على سفر وتأشيرة الخروج والعودة ستنتهي اذا لم اسافر، ولكن من دون جدوى". واضاف: "لم اتمكن من استعادة جواز سفري الذي سلّمته لهم طواعية من دون ان يطلبوه كي أُبيّن لهم صدق كلامي عن "الفيزا" وكذلك سفري الى باكستان… وبعد تسعة أشهر تسلّمت جواز سفري ولكن بعد فوات الاوان، بعدما بلغت ديوني اكثر من 37000 ريال سعودي اضافة الى خسارة والدي مبالغ كبيرة في المراجعة والتوسط ومواصلات وتنقلات بين محافظتي صنعاء وإب من دون اي فائدة". واشار م ج في رسالته الى "تدخل الشيخ عبدالله بن حسين الاحمر رئيس مجلس النواب بعدما تمكن والدي من مقابلته، حيث اتصل الشيخ الاحمر بفرع الامن السياسي في إب وكانت النتيجة في اليوم التالي ان قال مسؤول امني لوالدي: سنُرحّل ابنك الى كوبا! فكانت الفاجعة لأمي وأبي وزوجتي وبقية اسرتي". وشكا المعتقل م ج في رسالته بمرارة من "معاملة السجان الذي يبلغ من العمر 65 عاماً وهو غير متعلّم برتبة نقيب، اذ انه يتلذّذ ويتفنّن في الحرب النفسية معنا وكذلك مع الزوّار وهو مصاب بالضغط والسكري اضافة الى جهله بما يقول الله … فهو لا يتقي الله فينا ابداً". ووصف هذه الفترة بأنها "صعبة جداً على الحيوان فما بالك بالانسان عندما تُقفل علينا الزنازين الانفرادية ولا يسمح لنا بقضاء الحاجة الا بمبلغ 500 ريال او 1000 ريال وعندما يكون السجّان هادئاً نشتري الصحف بمبلغ 400 ريال للصحيفة". واضاف: "عندما نسأل لماذا كل هذه المعاملة والقسوة يقول السجّان: لديّ اوامر بأن لا تخرجوا من السجون الا وانتم مجانين، وهل تريدون ان تخرجوا من عندي ابطالاً؟". وقال ان المسؤول الامني توعدهم بالعقاب في زيارته لهم ثاني ايام عيد الاضحى المبارك عندما طلب احد السجناء كتاباً في اللغة العربية ليطالع فيه … فكان نصيب صاحبنا الذي طلب الكتاب ان سُجن في زنزانة انفرادية ومُنعت عنه الزيارة 14 يوماً حتى ان أباه جاء لزيارته في اليوم التالي من منطقة السياني في محافظة إب وجلست الام والأب على التراب تحت الشمس في باب الزيارة لأكثر من ثلاث ساعات والام تبكي ولدها وتسأل عن سبب منع الزيارة عن ابنها، فيما يُمارس السجّان اسلوب التطفيش مع الزوار إما بالتحقيق معهم عند الباب و ابلاغهم بأن السجين تم تحويله للسجن المركزي كما حصل معي، او التخويف باحتجازهم في السجن الانفرادي لنصف يوم او بضع ساعات. وهكذا نحرم من الزيارة ومن يزورنا يكون مغامراً". وتحدث م ج عن احواله المادية واحوال رفاقه المعتقلين، فقال انها "تدهورت الى حدّ كبير وصرنا نعتمد في مصاريفنا على هبات الزوار والاصدقاء، ونحن لم نتعوّد على مثل هذا من قبل ولأن وجبات الغداء تأتينا يومياً من منازلنا حيث لا يصرفون لنا الا "الكدم والارز" في الغداء فقط"، مضيفاً: "اننا نعاني هذه المعاملة من دون ان نعرف ما الذي اقترفته ايدينا". واشار المعتقل م ج في ختام رسالته ب"تحسن طفيف في معاملتنا عندما عرفوا بأن هناك لجنة لحقوق الانسان ومحامي يهتم بنا، فأصبحنا نشتري الصحف، وكذلك حصل انفراج نسبي في الزيارات بعدما كانوا يردّون حتى اولياء الامور".