"مجلة الأيام" مجلة تهتم بماضيك. كل ما فيها قديم... لكنه جديد اكثر من اخبار الغد! هكذا عرف الصحافي العربي العراقي عامر بدر حسون مجلته "مجلة الايام"، حين صدر العدد الاول منها وكما ذكر في كلمته على الصفحة الاخيرة من العدد الاول: "وما نفعله هنا هو محاولة للملمة جزء من شظايا تلك الذاكرة في مطبوع مخصص... هل ثمة فائدة في هذه الذاكرة؟". سؤال وجهه رئيس التحرير عامر بدر حسون للقارئ والباحث والمثقف السياسي الذي خصه بالذكر. وهذه المجلة يترأس تحريرها، ويعدها ويطبعها، وجميع محرريها، هو عامر بدر حسون الذي اعفى محرريه من المسؤولية، ام هم اعفوه، لأنهم سكنوا بيتهم الآخر بعد ان تركوا اقلامهم التي لمّا تزل تكتب، وتركوا قصاصات ورقهم تعلن استمرارية ما مضى، لأنه حاضر الآن وسيكون مستقبلاً ليصبح بعد ذلك ذكرى. وهنا عليه ان يذكرنا إن نفعت الذكرى، وهي نفعت، لأن بعضاً من الجيل الحالي يبحث عن الاخبار القديمة "البائتة"، على رغم ان الاعلام بكل وسائله يسبق الحدث ليقدمه لنا. اما عامر بدر حسون فهو يعود مع الزمن قليلاً ليكتب عن الحدث الذي وقع منذ عهود، في اواخر القرن التاسع عشر والقرن العشرين، لأن الغاية من ذلك أن يعرف ابناء هذا الجيل بما حدث قديماً لأنه لا يعرف الا احداثاً قليلة رئىسة بعناوينها فقط. فها هو الصحافي عامر بدر حسون يقدم الحدث لي، ولأمثالي من ابناء هذا الجيل، ممن فاتته فرصة معايشة الحدث وقراءته، سواء أكان حدثاً سياسياً، أم فنياً، ام اجتماعياً. فكثيراً ما اجد متعة وأنا اتصفح المجلة، اقرأ اخبارها القديمة جداً وكأنني اقرأ اخبار اليوم او البارحة وأجد فيها الفائدة والمتعة، فالحدث نفسه يتكرر على رغم مرور الزمن عليه. فهل الزمن يدور من خارج ذواتنا حتى انه تتم دورته، ويبدأ بأخرى ولا نشعر بذلك؟ وعناوين الاعداد العشرة الاولى عناوين ما زالت كلماتها تتردد، سواء مشافهة بين الناس او وسائل الاعلام. فالعدد الاول، عن التصوير ايام زمان، اعتقد ان بعض القراء يعيش بواسطته الحادثة مرتين في دورة الخمسين عاماً من عمره. مثل إعدام ريا وسكينة. وهذه القصة عرفناها من خلال المسرحية الكوميدية. ولكن العدد الاول يقدمها من الارشيف 9/5/1952. وكذلك ملف عن طرد دمشق لبلفور في 21/11/1934. وأم كلثوم تكتب عن علاقتها بأحمد رامي في 1948. هذه اهم العناوين التي اوردها رئيس التحرير في عدده الاول. من منا، الآن، لا يعرف او يسمع رائعتي فيروز، اطال الله بعمرها، وأم كلثوم، رحمها الله. وعلى رغم ان المقابلات جرت كلها في القرن الماضي، فكم هي ثمينة هذه المجلة اذا استمرت او اعيدت طباعتها بعد، مثلاً، مئة عام قادم! مؤكد، الى وقتها، سيبقى لأم كلثوم صيت ذائع، وكذلك اسم فيروز سيكون مردداً مع اغانيها الجميلة. اما اهم عناوين العدد الثاني، فلقاء مع العلامة فارس الخوري في 1935 ورسالة بخط الشاعر المرحوم نزار قباني الى المطربة نجاة في 30/4/1960. مع عنوان لافت للانتباه، ولقاء مع فريد الاطرش في 9/12/1952. ولكن الاجمل والاهم ادبياً هو ما نشرته المقتطف في 1923 لمي زيادة، وكذلك ما نشر في 12/11/1946، عن قائد الثورة العراقية الذي لجأ الى السعودية، وتحقيقات، وقضايا ساخنة وأمور سياسية باخراج مميز، وعناوين موفقة، وأحداث نجهلها كلنا. الرقة سورية - سحر سليمان