تقول الحكمة التجارية.. لولا اختلاف الاذواق لبارت السلع. تأمل السائرين في الطريق.. إن احدهم يلبس "جاكتة" غامقة وبنطلوناً رمادياً فاتحاً، وهذا يشبه لبس الديبلوماسيين، وهناك من يرتدي "جاكتة" لونها بيج ومعها بنطلون بني غامق.. وهذا لبس الرياضيين. وهناك من يرتدي "البلوفر" بدلا من "الجاكتة"، وهناك من يرتدي القميص. وستلحظ في ملابس الناس اختلاف الوانها واذواقها والمادة التي صنعت منها..كان لنا صديق قصير القامة، والاصل المفترض ان هؤلاء لا يرتدون جاكتة بمربعات لان هذا يزيد في قصر قامتهم او بالأحرى يزيد في احساس الناس بذلك، ولكن صاحبنا لا يأبه بكلام الناس.. ثم ظهر فيلم من افلام المافيا كان بطله آل كابوني، ولم يكن آل كابوني - على رغم قصره - يرتدي سوى "جاكتات" بمربعات.. وقلنا لصاحبنا - انك تلبس مثل آل كابوني، وربما اختلط الامر على السلطات التي تطارد الارهابيين والمافيا فأمسكت بك ما دمت تلبس مثلهم. وعبثا حاولنا معه ولكنه لم يقتنع، ثم عزم اخيراً على الزواج فتقدم لخطبة امرأة. وارتدى لها "جاكتة" بمربعات، وبنطلونا من اللون والنوع نفسه، وصار منظره كواحد من عتاة المافيا، ويبدو ان العروس اوجست منه خيفة ولم يعجبها ذوقه في اختيار ملابسه وفشل الموضوع برمته. والحق ان الالوان تعبر عن الشخصية، واحيانا تعبر عن الحال النفسية. ان الشاب يرتدي الوانا تختلف عن الوان الكبار.. يحدث هذا عند الصبيان وعند البنات. يمكن فتاة في سن المراهقة ان ترتدي قميصاً احمر، ولكن هذا القميص نفسه لو ارتدته سيدة طعنت في السن فانه يثير انتقاد الناس.. والشباب هذه الايام يرتدي قمصانا فيها الوان الطيف السبعة، وقد ضاقت الفجوة بين الاولاد والبنات، فأصبحت البنات يرتدين ملابس الرجال، وحدث العكس فصار الرجال يرتدون قمصان البنات.. والاصل الغالب على ملابس الشباب هو الالوان الزاهية. إن الشباب - في ذاته - فترة زاهية من فترات العمر.. او قل انها فترة مبهجة، ومن الطبيعي ان يرتدي لها الشباب الواناً مبهجة. كنت في شبابي ميالاً الى الالوان الداكنة، وكان اللون الرمادي والرصاصي والاسود هي الالوان التي افضلها.. وكان هذا يثير انتقاد ابي ودهشته.. كانت المشكلة انني اريد ان اعطي ايحاءً بأنني اكبر مما أبدو، وساعدتني على ذلك الملابس الغامقة اللون. يحدث هذا في فترات المراهقة عادة.. ثم تمر الايام، ويكبر الشاب المراهق.. ويختلف ذوقه عن ايام المراهقة.. إن الالوان الكابية تستبدل الآن بألوان مبهجة مفرحة، ويظهر هذا في ربطات العنق عادة. ومثلما ان الالوان لها علاقة بالحال النفسية، يمكن القول ايضاً ان لها علاقة بالشخصية.. إن الشخصيات التي تميل الى الحزن ترتدي ملابس هي الاسود بألوانه ودرجاته.. وترتدي النساء المصريات ثياباً سوداً في العزاء.. وهناك شعوب يرتدي افرادها اللون الابيض في العزاء.. اما الشخصيات التي تميل الى الفرح والتفاؤل فتنتقي لنفسها عادة ملابس مبهجة.. والاصل ان الالوان رموز... تعبر عن اشياء.. الوردة البيضاء رمز للحب الصافي.. اما الوردة الحمراء فرمز للحب الجريح الموشى بالدم.. اما الوردة الصفراء فترمز الى الغيرة.. وكثيرا ما استخدمت لغة الزهور لتعبر لكل حبيب عن احوال حبيبه. والالوان درجات منها الساخن كاللون البني والاصفر ومنها البارد كاللون الابيض والازرق وكل لون له ذبذبات وتأثير ودرجة حرارة.. وكل لون هو في ذاته لغة بأكملها.. وكثيراً ما تقود الالوان الى اكتشاف الجرائم قبل ان تقع.. ومثال ذلك ما حدث لزوجة لاحظت ان زوجها يرتدي ملابس لا تليق بسنه التي تجاوزت الخمسين اشترى "جاكتة" حمراء. وظلت الزوجة ترصد تحركاته حتى اكتشفت انه بصدد انشاء علاقة بامرأة اخرى.. وهكذا قادت "الجاكتة" الحمراء الزوجة الى اكتشاف الموضوع وافساده.. لهذا الحد وصل نفوذ الالوان.