ينوي لبنان وإمارة دبي إطلاق مشروع اقليمي عملاق تشارك فيه السعودية وسورية والأردن، والعراق لاحقاً، لربط أسواق أوروبا وآسيا وافريقيا براً، ويقلل الاعتماد على استخدام قناة السويس. يُتوقع ان تُقر غداً اللجان المشتركة في مجلس النواب اللبناني الدراسة النهائية ل"مشروع القليعات" الذي يُقام على مساحة 5،5 مليون متر مربع في شمال لبنان، ويشكل الزاوية الأولى من مثلث عملاق تشمل زاويتاه الأخريان منطقة جبل علي الحرة في دبي، ومدينة جدة السعودية على البحر الأحمر. ويمنح القانون مهلة أسبوعين للبرلمان لتبني مشرو ع القرار، بعد موافقة اللجان المشتركة عليه. وكان إعداد المشروع استغرق عامين، وجرت المحادثات في صورة مباشرة بين وزير الأشغال اللبناني نجيب ميقاتي وولي عهد دبي الشيخ محمد بن راشد، في وقت نجحت السلطات اللبنانية في إزالة الاعتراضات الأميركية على تنفيذ مشروع ضخم من هذا القبيل للتعاون الاقليمي لا يخدم قناة السويس ولن تستفيد منه اسرائيل، وفي اقناع واشنطن بتقديم هبة قدرها 155 ألف دولار من "هيئة الاقتصاد والتنمية الأميركية" لتمويل الدراسات الاستشارية للمشروع التي تولتها شركة "بارسونز برينكرهوف" الأميركية وشركة "إيديا". وقال الدكتور حمدي شوق، المدير العام للطيران المدني في لبنان، ل"الحياة" إن المشروع يحمل أهمية شرق أوسطية كبيرة، وهو الأول من هذا الحجم الذي يباشر به لبنان منذ تعافيه من الحرب، وأهميته تكمن في كون أغلب دول المنطقة ستشارك فيه بدءاً من سورية ومروراً بالأردن وصولاً إلى السعودية ودولة الامارات. 22 ألف شخص وأشار إلى أن المشروع الذي سيعمل فيه 22 ألف شخص سيتضمن بناء منطقتين: واحدة للتجارة الحرة مساحتها ثلاثة ملايين متر مربع وستكون الأكبر في لبنان، وأخرى صناعية، بالاضافة إلى بناء مطار مدني سيكون الأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط يُخصص للشحن الجوي ورحلات الطيران العارض. وأضاف "أن هذا المطار سيتيح خدمة مليون لبناني يعيشون في دائرة شعاعها 50 كلم. وسيكون بديلاً اقليمياً عن مطار بيروت والأول في سلسلة من المطارات الثانوية التي ستفتح في العالم العربي لتكون مقراً لشركات طيران قادرة على تأمين رحلات إقليمية ودولية بأسعار متهاودة"، على غرار مطاري لوتن وستانستد المجاورين للندن، واللذين تستخدمهما شركات طيران تبيع تذاكر سفر بأسعار زهيدة مثل شركتي "إيزي جت" و"بوز". وقال "إن سبب اختيار منطقة القليعات يعود الى وجود سهول شاسعة حوله تتيح توسعته لاحقاً، بخلاف مطار بيروت الدولي". ويقع المشروع المتكامل الذي ستبلغ كلفته 74 مليون دولار، منها 40 مليون دولار مخصصة للمطار، على بعد 105 كيلومترات من بيروت، و25 كيلومتراً من مرفأ طرابلس الذي سيتحول الى مرفأ دولي لمناولة الحاويات واستقبال البضائع المصدرة من أوروبا الى جنوب شرقي آسيا أو وسط اسيا عبر ميناء جبل علي، أو بالعكس، وكذلك الأمر بين أوروبا وافريقيا عبر مرفأ جدة الاسلامي الذي يعتبر أكبر مرفأ على البحر الأحمر وبالعكس. ربط الموانىء ويتيح استخدام سكك الحديد لربط الموانىء الثلاثة على البحر الأبيض المتوسط والخليج العربي والبحر الأحمر، وللمرة الاولى، تحقيق وفر كبير للمصدرين والمستوردين في المال والوقت، قد يصل الى مليون دولار لحمولة السفينة الواحدة إذ تتجاوز الرسوم المفروضة على السفينة العابرة لقناة السويس مئات الألوف من من الدولارات، سيما وأن مصر لا تلتزم باتفاقية الترانزيت العربي الموقعة عام 1977، التي تحدد نسبة الرسوم بأربعة في الألف من قيمة الشحنة فقط. كما أن رحلة السفينة تستغرق سبعة أيام للوصول من أوروبا عبر قناة السويس إلى ميناء جبل علي. وقدّرت دراسة أعدتها شركة "بوز أند هاملتون" البريطانية أن البضائع التي ستخرج من المنطقة الحرة في القليعات قادمة جواً، أو من مرفأ طرابلس، لن تستغرق أكثر من 22 ساعة لتصل بالقطار إلى منطقة جبل علي الحرة و20 ساعة للوصول الى جدة. وقال حمدي إن لبنان قام في آذار مارس الماضي بتلزيم مشاريع وصل سكك الحديد التي ستربط طرابلس - القليعات - حمص في سورية، على أن تنتهي الأعمال في آذار المقبل، بعد تجديد وصلة قديمة من هذا الخط، وإزالة التعديات عليه وانجاز عمليات استملاك جديدة. حمص وتعتبر حمص إحدى النقاط الرئيسية لشبكة السكك الحديد في سورية. وستنتقل البضائع القادمة من القليعات عبر حمص فالأردن فالأراضي السعودية باتجاه دولة الامارات، وبالعكس. كما ستنتقل عبر سورية والأردن باتجاه مدينة جدة عبر شبكة سكك حديد تعتمد على خط الحجاز القديم الذي تنوي السلطات السعودية تحديثه وتوسيعه ليصل الى المنطقة الحرة في ميناء جدة الاسلامي، حيث تتولى "شركة موانىء دبي الدولية" التابعة لسلطة موانىء دبي، منذ ثلاث سنوات، إدارة "ساحة الحاويات" في ميناء جدة الاسلامي وكل ما يخص المناولات وحركة الحاويات. وعلمت "الحياة" أن ولي عهد دبي تولى تمويل دراسة الجدوى والدراسات الهندسية الخاصة بمشروع مد سكة حديد بين الأردن وجبل علي، وأنه ينوي تأمين التمويل اللازم لبناء هذا الخط، وأن شركات أميركية وبريطانية كبيرة أبدت اهتمامها بالمشاركة في هذا المشروع، الذي ينتظر أن يتوسع، بعد استقرار الأوضاع في العراق، ليشمل مد خط من طرابلس عبر سورية فالعراق إلى منطقة سرخس الحرة في ايران المرتبطة بشبكات سكك الحديد في بلدان وسط آسيا، بموازاة طريق الحرير. ويستغرق إكمال مد شبكات سكك الحديد نحو خمس سنوات لمد آلاف الكيلومترات من الخطوط الجديدة، إلا أن جزءاً منه سيصبح فاعلاً في مدى عام من الآن.