تكثفت الضغوط الدولية امس على اسرائيل لانهاء اعتداءاتها على الشعب الفلسطيني وفك الحصار عن مقر الرئيس ياسر عرفات، ووجدت الدولة العبرية نفسها معزولة بعد سماح الولاياتالمتحدة، - بامتناعها عن التصويت بدلا من استخدام "الفيتو" - بصدور قرار لمجلس الامن يطالب اسرائيل بأن توقف فوراً التدابير التي تتخذها في رام الله، بما فيها تدمير الهياكل الأساسية المدنية والأمنية الفلسطينية، وبسحب قواتها من المدن الفلسطينية بهدف العودة الى المواقع التي كانت فيها قبل ايلول سبتمبر 2000 راجع ص 5 و 6. واللافت بعد ساعات على صدور قرار المجلس، اعلن الرئيس الاميركي جورج بوش امس ان حصار المقر العام لعرفات في رام الله "لا يساعد" في عملية البحث عن السلام في الشرق الاوسط. وقال بوش للصحافيين في ختام اجتماع لحكومته ان "الاعمال التي قام بها الاسرائيليون تعطي نتائج عكسية". واوضح ان امتناع الولاياتالمتحدة عن التصويت في مجلس الامن على قرار يطلب من اسرائيل رفع الحصار عن المقر العام لعرفات، كان "رسالة" الى الأطراف كي "تبقى على خط السلام". وأضاف الرئيس الاميركي: "علينا جميعاً ان نحارب الارهاب، ولكن في الوقت ذاته يجب ايجاد الشروط من اجل قيام دولة فلسطينية، أؤمن بالسلام في الشرق الأوسط وأحض كل الحكومات على العمل من أجله". وأشار بوش الى "التقدم" الذي احرز في اصلاح المؤسسات واجهزة الأمن الفلسطينية "الضرورية". ليتمكن الفلسطينيون من "العيش يوماً في دولة مستقلة بسلام مع اسرائيل". واستدرك: "نحرز تقدماً على الصعيد الأمني، وفي مجال الاصلاحات السياسية. نحرز تقدماً لنظهر بوضوح انه ينبغي ان تكون هناك ايضاً تسوية سلمية، وعلى الفلسطينيين ان يغتنموا فرصة اختيار قادة مستعدين للعمل من أجل السلام". وتزامن الموقف الاميركي وقرار المجلس مع مطالبة القمة الاوروبية - الآسيوية اسرائيل بإنهاء حصارها مقر عرفات والانسحاب من رام الله. فيما دعا البابا يوحنا بولس الثاني رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون الى وقف الهجوم على رام الله واحترام القرارات والاتفاقات الدولية والعودة الى المفاوضات. وتوالت الانتقادات الدولية الحادة لاسرائيل غداة تنفيذ جيشها مجزرة في مدينة غزة، أوقعت تسعة شهداء فلسطينيين. واعلن مسؤولون اسرائيليون ان الهجوم على غزة مقدمة لعملية عسكرية واسعة تستهدف قادة حركتي "حماس" و"الجهاد الاسلامي". الى ذلك، علمت "الحياة" من مصادر ديبلوماسية عربية في الرياض ان الرئيس المصري حسني مبارك سيصل اليوم الى الرياض وسيبحث مع الأمير عبدالله بن عبدالعزيز نائب خادم الحرمين الشريفين وكبار المسؤولين السعوديين في التطورات الخطيرة في المنطقة سواء، ما يتعلق بالتصعيد الاسرائيلي في الاراضي الفلسطينية، واستمرار حصار الرئيس عرفات، او ما يتعلق بأزمة العراق والتهديدات الاميركية بشن حرب. وأشارت مصادر ديبلوماسية عربية في الرياض الى "خطورة الاوضاع في المنطقة" بسبب عزم الولاياتالمتحدة على ضرب العراق. مجلس الأمن وسمحت الإدارة الاميركية لمجلس الأمن بتبني قرار طالب اسرائيل بأن "توقف على الفور التدابير التي تتخذها في رام الله وفي المناطق المحيطة بها، بما في ذلك تدمير الهياكل الاساسية المدنية والأمنية الفلسطينية"، وذلك بامتناع المندوب الاميركي عن التصويت على القرار بدلاً من استخدام حق النقض الفيتو ضده. وحصل القرار، الذي طرحته أربع دول أوروبية للتصويت على دعم 14 دولة وتبناه المجلس فجر امس. وقال مندوب فلسطين ناصر القدوة ل"الحياة": "يوجد قرار دولي واضح الآن بضرورة انهاء الحصار لمقر الرئيس عرفات، ووقف الهجوم الاسرائيلي على السلطة الفلسطينية ومحاولات تدمير مؤسساتها". وزاد: "تمكنا من منع محاولات اميركية لفرض مواقف هي اسرائىلية أساساً تتعلق بتسمية حركتي حماس والجهاد الاسلامي في القرار، وبمحاولات ربط الانسحاب الاسرائيلي من المدن بحجج أمنية". وأشار الى ان الوفد الاميركي قدم نص مشروع قرار، وقال ان عدم تصويت الولاياتالمتحدة ضد القرار و"تراجعها" عن النقاط الأربع التي وصفها السفير نغروبونتي كشرط لأي قرار يصدره المجلس "جاء في سياق وضع خاص خلاصته ان الولاياتالمتحدة مستاءة من تصرفات شارون، وان هناك ناحية ذات علاقة بالحسابات المعنية بالملف العراقي وبالعلاقات العربية". وقال مسؤول اميركي اشترط عدم ذكر اسمه ان امتناع الولاياتالمتحدة عن التصويت والسماح لمجلس الأمن بتبني القرار يعكسان "انزعاجا اميركياً" من الاجراءات الاسرائيلية الأخيرة، عبر عنه وزير الخارجية كولن باول في اتصال هاتفي مع شارون.