ينطلق تأكيد وزير الخارجية الفرنسي دومينيك دوفيلبان ان خطاب الرئيس الاميركي جورج بوش من العراق يتناسب مع الديبلوماسية الفرنسية، من ارتياح فرنسا الى القرار الاميركي بإبقاء التعامل مع القضية العراقية في اطار الأممالمتحدة، وبجعل القرار في يد مجلس الأمن إذا رفض العراق عودة المفتشين من دون أي شرط. فقبل الخطاب، كان الجانب الفرنسي متخوفاً من قرار احادي اميركي بضرب العراق لتغيير النظام بمعزل عن مجلس الأمن. وهذا التخوف جعل فرنسا توجه رسائل على الساحة الدولية، أبرزها الحديث الذي أدلى به الرئيس الفرنسي جاك شيراك الى صحيفة "نيويورك تايمز". والفكرة التي عبر عنها شيراك تقوم على اعتماد مرحلتين، الأولى تقضي بالمطالبة بعودة المفتشين خلال مهلة حصرها باسبوعين أو ثلاثة، لكنها قد تكون أطول من ذلك ببضعة أسابيع، شرط ألا تغوص في مسار لا نهاية له. اما الثانية فتقترح العودة الى مجلس الأمن لتحديد الاجراءات التي ينبغي اتخاذها في حال رفض العراق عودة المفتشين، من دون اغلاق الباب امام احتمال الموافقة على قرار مجلس الأمن بضرب العراق. وما اعتبرت أوساط اعلامية انه جديد في موقف فرنسا، مرده بحسب مصادر فرنسية مسؤولة الى ان الموقف الفرنسي ليس مماثلا لموقف المستشار الالماني غيرهارد شرودر، الذي أكد مرات ولأسباب انتخابية ان بلاده لن تشارك بأي شكل في عملية عسكرية ضد العراق. وفرنسا لا تحبذ الضربة العسكرية لكنها لم تغلق الباب امام مثل هذا الخيار اذا رفضت بغداد عودة المفتشين. وأوضح دوفيلبان أول من أمس ان هدف الديبلوماسية الفرنسية في العراق هو نزع اسلحته وتدميرها وليس قلب النظام. وعلى رغم ان شيراك ووزير خارجيته انتقدا بشدة النظام العراقي، فإن اياً منهما لم يكشف التفكير الفرنسي إزاء الضربة العسكرية في حال إقرارها. ومن السابق لأوانه القول ان موقف فرنسا من الضربة اصبح أقرب الى الموقف الاميركي خصوصاً ان هذه الضربة لا تحظى بتأييد الرأي العام الفرنسي، ولا بتأييد الأوساط السياسية الفرنسية. وفي امكان باريس، في المرحلة الثانية، اذا تبين ان قرار مجلس الأمن تولد عن ضغط اميركي بحت، ان تمتنع عن التصويت، كما حصل سابقاً خلال اعتماد المجلس قرارات مرتبطة بالعراق، ويمكنها ايضاً التضامن مع الولاياتالمتحدة، وهذا يعتمد على القرار ذاته وعلى المفاوضات التي بدأت أمس في نيويورك.