سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
رفيقه القريب في "المجلس الثوري" وعدوه بعد انشقاقه يروي ل"الحياة" قصة من كان المطلوب رقم واحد في العالم . عاطف أبو بكر : أبلغنا "أبو نضال" بأنه وراء تفجير طائرة "بانام" فوق لوكربي وهدد بقتل من يفشي السر ... حتى وإن كان في حضن زوجته الحلقة الرابعة
قال عاطف أبو بكر رفيق صبري البنا أبو نضال في "فتح - المجلس الثوري وعدوه لاحقاً، إنه صمت طويلاً لأنه رفض وضع المعلومات التي في حوزته في تصرف دولة أو جهاز. وأضاف ان غرضه الوحيد من الحوار الذي تنشره "الحياة" هو فضح "ظاهرة دموية ألحقت أفدح الأضرار بالقضية الفلسطينية". كان أبو بكر يتحدث بمرارة عن تجربته في "المجلس الثوري" التي اضطرته إلى العيش طريداً وبلا عنوان منذ 1989 حين اتخذ "أبو نضال" قراراً بقتله. سألته إن كان قتل أو أصدر أمراً بالقتل أو شارك في قرار من هذا النوع، فنفى بصورة قاطعة، مشيراً إلى أن القرار الوحيد الذي اتخذه وأسال دماً كان حين طلب من مؤيديه، أثناء الانشقاق، التصدي لهجمات العناصر الموالية لزعيم التنظيم. تحدث أبو بكر كيف نجح "أبو نضال" في ارغام دول أوروبية على التعامل معه وتقديم مساعدات أحياناً وغض النظر عن مرور عناصر تابعة له أحياناً أخرى. وروى قصية زورق النزهة البلجيكي. وجاءت المفاجأة حين سألته عن تفجير لوكربي، وهنا نص الحلقة الرابعة: هل لديك شيء خاص يتعلق بتفجير طائرة "بانام" الاميركية فوق لوكربي؟ - هذه المسألة شديدة التعقيد وزادها غموضاً بعض السيناريوات التي روّجت بهدف التضليل. كل ما استطيع قوله في هذا السياق ما سمعته شخصياً في المعسكر في ليبيا خلال اجتماع ضيّق لم يزد عدد المشاركين فيه على خمسة اشخاص. بعد الحادث الذي استأثر باهتمام الحكومات ووسائل الاعلام رفع بعض اعضاء التنظيم تقارير الى "ابو نضال". هناك تقارير تحدثت عن احتمال علاقة اجهزة عربية او جهات اسلامية. وأشارت اخرى الى همس كان يدور حول علاقة محتملة لجهة فلسطينية. قرأ "ابو نضال" التقارير وفاجأنا في الاجتماع بلهجة حازمة "سأقول كلاماً مهماً وخطيراً. أي واحد منكم يخرج هذا الكلام الى الخارج سأقتله ولو كان في حضن زوجته. التقارير التي تنسب العمل لوكربي الى آخرين كاذبة. نحن وراء ما جرى". هنا أريد ان اكون دقيقاً الى أقصى حد. هذا ما سمعته منه. لم يكن من عادته كشف تفاصيل العمليات. لا املك معلومات عن الموضوع ثم انني بحكم معرفتي به ومعايشتي اياه، اعرف انه ينسب احياناً الى نفسه اعمالاً قام بها آخرون ليثبت فعاليته امام الاجهزة والدول. أما بالنسبة الى تفجير طائرة "يوتا" فوق النيجر فإنني لا استطيع ان أنفي او اؤكد. تحدث خارجون من الجماعة لاحقاً عن ثلاث حقائب متفجرة غادرت في اتجاهات مختلفة وان احداها قد تكون انفجرت بالطائرة المذكورة. مصادرة القرار كيف تفرّد "ابو نضال" بقيادة التنظيم؟ - بدأ "ابو نضال" كما قلنا يجري حساباته الشخصية وكانت لديه حاضنة جغرافية العراق. في هذه المرحلة قويت علاقته مع الاستخبارات العراقية خصوصاً مع ب. ت. وحاول في البداية ان يستند الى بعض الاسماء ذات الطابع السياسي والفكري. اول أمين عام لجماعته كان م. ش. الذي لم يستطع ان يتعايش مع هذه الظاهرة حتى قبل ان تغرق في لعبة الدم الفلسطيني. دخل بهدوء وانسحب بهدوء، وبعدما اصدر تعميماً داخلياً بأسباب خلافه وانسحابه قد لا يعرف كثيرون ان م. ش. صاحب الثقافة العالية مرّ سريعاً في هذه المجموعة. كان من اصحاب الاتجاه الرفضوي في "فتح". ثم تولى ن. ع. منصب الأمين العام وكان من بين الاسماء الاخرى في القيادة "ابو نضال" اميناً للسر و"ابو داود" عضواً قيادياً والصيدلي ع. م. ورشاد عبدالحافظ وهو شاب يساري مثقف تركهم وغادر الى بيروت واستشهد في معارك الطيونة. وع. ف. وكان من تلك المجموعة ايضاً شخص لبناني اسمه ج. ط. وكان اسمه الحركي "عادل" اضافة الى شخص يسمّى ابو ز. ج. وهو قائد المعسكر. هذه هي المجموعة القيادية في المرحلة الاولى. انسحب م. ش. وجاء ن. ع. وبقي حتى 1978 - 1979. وكان الاخير واثنان من المجموعة عضوين في المجلس الثوري لحركة "فتح" الام وينتميان الى مجموعة "ابو نضال" سراً. ون. ع. كان معروفاً باتجاهه المعارض. على رغم وجود هذه الاسماء بدا تحكّمها بالوضع الداخلي صورياً وتحوّل هذا الوجود الى نوع من الديكور، وتبين ان القرار الفعلي في يد "ابو نضال". في 1978 - 1979 اشتدت الخلافات مع "ابو نضال" المعروف بتفرده وتسلطه فهو لا يريد اكثر من جهاز وادوات تنفيذ تدار بالريموت كونترول وسرعان ما كان يصطدم بأي اسماء ذات حيثية ولو محدودة. كان لا بد من ان يصطدم بأحد المشاركين مهما كان اللون الرفضوي مشتركاً بينهما. انا أميّز بين رفضوية ن. ع. ورفضوية "ابو نضال". "ابو داود" كان يشار اليه خصوصاً في الجانب العملي اي انه رجل ميداني في قيادة الميليشيا في عمان او معارك الفنادق في بيروت. هناك من يرى ان "ابو نضال" كان يريد استخدام هذه الاسماء كواجهة على ان يتحكّم هو بالوضع الداخلي، فيما يرى آخرون ان بعض تلك الاسماء كان يريد الإفادة من المنبر أي من اقليم العراق. طبعاً كان العمل سرياً بالنسبة الى كثيرين. في تلك الفترة اي في السبعينات وبعد الانشقاق نفّذ "ابو نضال" مجموعة عمليات قال ان رفاقه في القيادة آنذاك وافقوا عليها وشاركوه في القرار. ويقولون هم انه نفّذها من دون علمهم ولم يشاركوه في القرار. وهو يقول ايضاً ان لديه مستمسكات خطّية تظهر انهم كانوا يرسلون اليه اقتراحات تتضمن ترشيحات للقتل. لم يبرز امامي خلال حديثنا في مرحلة لاحقة، أي وثائق تؤكد اقواله، وهو معروف بالتجني ومجافاة الحقائق. تجربتي في العمل معه اظهرت لي انه نفّذ عشرات العمليات من دون علم قيادته التي كنت بين اعضائها. لذا ارجح ان كثيراً من الاغتيالات تم من دون علم هؤلاء. اخضاع الدول وما هي البلدان الغربية التي ابرمت اتفاقات او بلورت تفاهمات معه؟ - ما ذكرته عن البلدان العربية، وبشكل عاجل، يشير الى وجود اتفاقات بشكل او بآخر. بعض البلدان العربية تعامل معه على قاعدة كفّ الشر، واخرى اعتبرته فصيلاً فلسطينياً وأرادت تجربة العلاقة معه، وقسم ثالث أراد الافادة من الخدمات التي يستطيع تقديمها. الاردن لكف الشر وكانت مرحلة عابرة. لكن كل الذين تعاملوا معه، بشكل واسع او مخفف، وصلوا الى استنتاج واحد هو ان أي علاقة معه وان كانت بسيطة تؤدي الى فتح شهيته فضلاً عنه انه لا يلتزم الاتفاقات ويجمع عادة معلومات عن البلد الذي يقيم فيه ويستخدمها لدى حصول اي خلاف. في ليبيا كنت اتحدث عن مسألة تخص البلد فكان يجيبني: "للحيطان آذان". قلت له: "انت وضعت كل بيض التنظيم في سلّة واحدة هي ليبيا فلماذا لا نوزّع وجود التنظيم؟" فكان يرد: "اذا كانوا يعتقدون بأنهم يمسكونني من رقبتي فأنا امسكهم من رقابهم". اي انهم اذا امتلكوا الجغرافيا التي تضغط عليه فإنه في المقابل يمتلك معلومات يمكن ان تؤذيهم. والعلاقات مع الغرب؟ - استطيع القول جملة هي بمثابة قانون ينطبق على كل الدول الغربية: نظرت هذه الدول إلى "ابو نضال" نظرة خاطئة. كل بلد يريد ان يجنّب ارضه الشرور من دون تنسيق مع البلدان الاخرى. وكل بلد اعتقد بأنه يستطيع، بتقديمه اغراء صغيراً الى جماعة "ابو نضال" ان يكف شرها، من دون ان ينتبهوا الى ان "ابو نضال" يتلقف كل تنازل ليطالب بأكثر منه. دول غربية كثيرة ادركت هذه الحقيقة متأخرة. حتى موعد انقسامنا 1989 كان استطاع ان يبتز دولاً كثيرة. قام بعمليات ضد الاردنوبريطانيا وجهات اخرى على ارض اليونان وفرض على اثينا اقامة علاقة سرية معه في عامي 1985 و1986. ارسل اليها مندوباً سرياً، لكن المندوب غادر فجأة الى الاردن فتوقفت العلاقة. فرض على اليونان عدم تسليم بعض المعتقلين من جماعته الى ايطاليا التي كانت تطالب بهم. كذلك نجح في دفعهم الى ما يشبه تسهيل فرار معتقلين من جماعته لديهم. فرنسا تقبل اول عملية جرت في فرنسا كانت في 1973 واستهدفت السفارة السعودية. عام 1982 هاجمت المجموعة المطعم اليهودي "روزنبرغ" في باريس، ثم اغتال عز الدين قلق ووجه ضربات عدة على الارض الفرنسية. استطاع في 1985 ان يفرض على فرنسا استضافة مندوب سري له، وكان قاسياً في الحوارات مع الفرنسيين. كان يستهدف من هذه العلاقة ايجاد ممثل سري والحصول على بعض المساعدات التموينية والفنية كأجهزة تصوير وسيارات اسعاف وحصل على بعض الاشياء. وكان يستهدف ايضاً عدم التعرض لافراد الجماعة اذا ضُبطوا على الارض الفرنسية او مرّوا عبرها. كان الفرنسيون في غاية السخط لكنهم كانوا يعرفون انه قادر على الإيذاء. بقوا على هذه الحال الى حين انفجار ازمتنا معه وتعرض تنظيمه لضربة قوية. استطيع التأكيد انه بعد 1991 لم تعد لفرنسا أي علاقة من قريب او بعيد بجماعة "ابو نضال". ما هي علاقة الجماعة بمحاولة اغتيال السفير الاسرائيلي في لندن شلومو ارغوف والتي استخدمتها الدولة العبرية ذريعة لغزو لبنان في حزيران يونيو 1982؟ - حاولت مجموعة تابعة لجماعة "ابو نضال" اغتيال ارغوف الذي اصيب بجروح. وبغباء سياسي كبير اعطت الجماعة اسرائيل مبرراً لغزو لبنان، علماً ان قرار الغزو كان مُتخذاً اصلاً ويجري البحث عن ذريعة. منفّذو العملية لا يزالون قيد الاعتقال في بريطانيا وهم ثلاثة. بعد ذلك نقلت الجماعة سلاحاً من اسبانيا الى بريطانيا من خلال احد … الفلسطينيين المتجنسين في بلد اوروبي. كان ذلك عام 1985. نقل الرجل السلاح بسيارته ليسلمه الى شخص عربي في بريطانيا، ويبدو ان الشخص العربي كان عميلاً مزدوجاً فاعتقل الفلسطيني متلبساً بالحادث وحكم عليه بالسجن. بريطانيا ترفض كان "ابو نضال" حريصاً على اقامة علاقات مع بريطانيا خصوصاً ان الجماعة كانت اودعت اموالاً في احد المصارف فيها. وصار يطالب لاحقاً باطلاق معتقلين، ووَجَه ضربات إلى ديبلوماسيين ومراكز بريطانية. قَتَل ديبلوماسياً في بومباي وبريطانيين في اثينا. وهاجم شركات بريطانية وقاعدة "اكروتيري" في قبرص التي قصفها بالهاون. كما قتل الصحافي البريطاني اليك كوليت. البريطانيون رفضوا ان يجلسوا معه على طاولة، وان يساوموا معه. معتقلوه في بريطانيا اعتقلوا بعدما استخدموا اسم "منظمة الاشتراكيين المسلمين". حاول ان يشجع اطرافاً على التوسط بين هذه المنظمة الوهمية والبريطانيين لكن هؤلاء رفضوا. الايطاليون لم يساوموا ايضاً ورفضوا اطلاق المعتقلين. و"ابو نضال" محكوم في ايطاليا بأحكام طويلة. الالمان الغربيون لم يقيموا علاقات معه. نفّذ عمليات في بلادهم وهم ورثوا لاحقاً ملف "ستازي" الاستخبارات الالمانية الشرقية. كانت ل"ابو نضال" علاقات مع "ستازي" وكان المترجم المسمى مانفريد يتولى الترجمة بين مسؤولي الجهاز وجماعة "ابو نضال". سُلّم الملف الى الالمان الغربيين بعد الوحدة. جرى اتصال ولكن لا يوجد تمثيل. للجماعة شخص كان سابقاً يمثلهم في المانياالشرقية. جماعة "ابو نضال" اجرت اتصالات مع الامن الاسباني خارج هذا البلد. وكان غرض مدريد كف الشر. حينما كان "ابو اياد" حياً سأله الاسبان وقالوا له ان "ابو نضال" يضغط لاقامة علاقة. سألني "ابو اياد" فقلت له ابلغهم انهم اذا تنازلوا بنقطة سيطلب عشر نقاط والافضل لهم ان يتحملوا الضغوط. وبعد عمليات روما وفيينا كان له اكثر ن ممثل في فيينا. الزورق "سيلكو" بقيت دولة غربية هي بلجيكا. حينما ضل الزورق "سيلكو" في مياه البحر المتوسط سنة 1985 سيطرت عليه جهة عربية. اعلنت العملية باسم جماعة "ابو نضال" للتغطية، وادعت الجماعة انها احتجزت زورقاً في سواحل حيفا يقل يهوداً. وفرض شروطاً كبيرة، علماً ان الزورق كان يقل امرأة فرنسية وبلجيكيين وطفلتين. وفي المكان الذي احتجزت فيه المجموعة ولدت طفلة ثالثة. أرادت الجهة العربية ان تحصل على مطالبها من الفرنسيين والبلجيك وتأخر الاعلان عن العملية الى 1987. حصلت مفاوضات مع الفرنسيين والبلجيكيين وكان يجلس على طاولة المفاوضات اناس من جماعة "ابو نضال" ولكن كشهود زور. قيل ان ركاب الزورق احتجزوا في لبنان وهذا ليس صحيحاً. طاف المحتجزون الفعليون ببعض رهائنهم من مطار الى مطار في دولة واحدة أو إلى دولة مجاورة او الى باخرة في البحر ثم عادوا بهم. وافرج عن الطفلتين في دولة عربية وعن الام في مطار دولة عربية. حصد "ابو نضال" مكاسب اذ ارسل ناطقه الرسمي آنذاك رزق عبدالمجيد سعيد ويسمى وليد خالد وقد قتله لاحقاً في بيروت وادعى ان امن ابو عمار قتله الى بلجيكا لمقابلة اناس في وزارة الخارجية بغرض المساومة. اعتقل الامن البلجيكي الرجل الذي كشف انه جاء بشكل رسمي واقيل اثنان من وزارة الخارجية. في النهاية دفعت بلجيكا مبلغاً من المال وأعطت الجماعة منحاً دراسية. وماذا عن العلاقات مع البلدان الاشتراكية؟ - العلاقة الابرز كانت مع المانيا الديموقراطية وتحديداً مع جهاز الاستخبارات ستازي. اقام "ابو نضال" في المانياالشرقية مؤسسة تجارية بمعرفة السلطة، وهي شركة ذات طابع تجاري تعمل في ميادين مختلفة بينها تجارة السلاح. ونظم في عام 1985 دورتين سياسيتين لكادراته، وفي العام 1986 دورة بالسلاح والمتفجرات. وكانت "ستازي" تشرف على هذه الدورات. وزار "ابو نضال" "ستازي" رسمياً في 1985 وكانت علاقته مع عدد من الاشخاص في قيادة الجهاز. تشيكوسلوفاكيا لم تقم علاقات مع جماعة "ابو نضال" الاّ عام 1988. ذهبت انا الى هناك، وكنت في السابق سفيراً في هذا البلد، وتحاورت مع الامن. كانت لديهم حساسية شديدة حيال اسم "ابو نضال" وقالوا يمكن ان نفتح خيطاً من العلاقة شرط ان يكون عبرك، ومع خروجي انتهى هذا الامر. في المجر انا فتحت العلاقة. وافقت السلطات على علاقة سياسية، لكنه سرعان ما اختصرها بوجود مندوب امني له، وكان الاتفاق ان يرسل طلاباً من تنظيمه وان يغضّوا الطرف عن افراد تنظيمه اذا مروا في البلد. اما بلغاريا فكان يزورها، وكانوا يعرفونه. كانت هناك مؤسسة استثمارية بلغارية تمتلك الجماعة 20 في المئة من اسهمها وهي في الحقيقة شركة لتصدير السلاح. كان "ابو نضال" يزور بلغاريا ويستضاف لدى مسؤولين في الاجهزة وليس على المستوى السياسي. السوفيات طلبوا "ستينغر" السوفيات لم تكن لهم علاقة مع الجماعة. عندما انتسبت اليها فتحت علاقة مع ديبلوماسيين في السفارة السوفياتية في دمشق، وسلّمناهم بعض الاسلحة الغربية التي طلبوها. كانوا يحترمون اسمي كوني عشت طويلاً في العالم الاشتراكي ولكن كانت لديهم حساسية على اسم "ابو نضال". طلبوا منا صاروخ "ستينغر" فلم نستطع تأمينه. سلمناهم رشاشات "عوزي" اسرائيلية وصواريخ "لاو" وبنادق اميركية. العلاقة الابرز كانت للجماعة مع يوغوسلافيا وبعد محاولتها اغتيال "ابو اياد" في بلغراد. اقام اليوغوسلاف علاقة سرية مع "ابو نضال" منذ بداية الثمانينات. وبقيت علاقته معها حتى بعدما انتهت علاقته ببلدان الكتلة الاشتراكية. وحتى عام 1999 كان له مندوب في بلغراد. أما بولندا فأقام فيها بعد 1983 خارج مدينة وارسو وأسس شركة. وبقي يتردد في صورة رجل أعمال من دون أن تعرف هويته الحقيقية. وذات يوم عرفوه فتوجه إلى سورية. كانت له علاقة واسعة مع جهاز الاستخبارات البولندي. ضد إسرائيل ما هي العمليات التي نفذتها جماعة "أبو نضال" ضد إسرائيل؟ - العمليات التي نفذها ضد إسرائيل هي: هجوم على كنيس في انتويرب في بلجيكا، وعلى كنيس في فيينا وآخر في روما، وهجوم على "بيت الرابي" في فيينا، وكنيس في بروكسيل وآخر في اسطنبول. محاولة اغتيال السفير الإسرائيلي شلومو ارغوف في لندن عام 1982. ومحاولة اغتيال السفير الإسرائيلي في لشبونة وهي كانت من دون علمه ومن دون تخطيط. اغتيال هانز نيتل رئيس الجمعية الإسرائيلية - النمسوية وكان صديقاً لكرايسكي. محاولة اغتيال رئيس جمعية يهودية في مدريد وقد قتل محام اسباني في العملية، اغتيال رئيس جمعية التعاون اليهودي - البلجيكي، ضرب وكالة سفر في الدنمارك وأخرى في باريس، ضرب مركز يهودي ديني في باريس، محاولة ضرب ركاب طائرة "العال" في بروكسيل ومكتب "العال" في امستردام ومعرض للجالية اليهودية في سالزبورغ ومطعم "غولدنبرغ" في باريس. الملفت أن جماعة "أبو نضال" كانت تهاجم مراكز يهودية في الخارج، ولم تقم بأي عملية في الأراضي المحتلة، ولم تقم بأي عملية مفصلية ضد الإسرائيليين في الداخل أو الخارج. لم تقم بأي عملية ضدهم في جنوبلبنان المحتل. من يحلل الهجمات يرى أن معظمها استهدف مدارس دينية أو مراكز عبادة أو رجال دين يهوداً. وهذا ينعكس سلباً على القضية الفلسطينية. لم أقتل هل اتخذت قراراً بالقتل؟ - لا، أبداً. هل شاركت في قرار بالقتل؟ - لا. لم أقتل ولم أوقع قراراً بالقتل. لهذا السبب أتحدث بصوت عال. من كان يتخذ القرار بتصفية الناس؟ - كان "أبو نضال" صاحب القرار ومعه مجموعة كان يسميها "لجنة المهمات" أو "لجنة التحقيق" وأحياناً عناصر من "دائرة المعلومات" أي حلقات أمنية ضيقة. كنت عضواً في المكتب السياسي، ألم يكن يطلع المكتب على ما يجري؟ - للأسف حين جئت الى الجماعة كان هناك مناخ يقوم على عدم مناقشة أمرين الجانب المالي والجانب المتعلق بالعمليات. كم تعتقد عدد الضحايا داخل الجماعة؟ - قتل "أبو نضال" المئات داخل تنظيمه في العراق وليبيا ولبنان. قيل ان "أبو اياد" استخدمك لشق تنظيم "أبو نضال". - هذا غير صحيح أنا لا أقبل هذا النوع من الأدوار. هل حاول "أبو اياد" اغتيال "أبو نضال"؟ - "أبو نضال" يقول ان "ابو اياد" حاول. اما "ابو اياد" فيقول انه حماه في البداية وحاول لاحقاً لجمه واعادته الى الصواب. اما "أبو نضال" فحاول مرات عدة اغتيال "ابو اياد" ونجح في تونس بعدما كان فشل في بلغراد والكويت ولبنان. كما حاول اغتيال أبو عمار. أنت أين حاول اغتيالك؟ - ارسل ثلاثة الى تونس، لكنهم لم يستطيعوا الوصول إلي. ثم ان حمزة أبو زيد الذي قتل "ابو اياد" كنت بين أهدافه. حاول استدراجي بطرق مختلفة. في فترة 1995 - 1996 استغل علاقته بشخص جزائري تربطني به صداقة فاستدعاه الى عاصمة عربية وحمله رسالتين الي حاول فيهما ان يتودد قائلاً "اطلب ما تريد". اجبته اجابة واضحة: "اذا مددت يدك مجدداً سأقطعها وإذا حاولت الايذاء سأدخل هذه المرة منطقة المحرمات أي اسرتك". حتى حين كان يهاجمني بشكل شخصي ويهاجم زوجتي كنت أرد عليه من دون التعرض لأسرته وكنت أقول في بياناتي ان زوجته فاضلة وأقبلها حكماً بيني وبينه. أنا لم أصدر قراراً بالعنف في حياتي باستثناء مرة واحدة حين بدأ باغتيال رفاقنا الذين انحازوا إلينا في لبنان طلبت منهم على مضض ان يدافعوا عن أنفسهم فجرت اشتباكات واخرجناهم من عدد من المخيمات. كان "أبو نضال" على وشك الانهيار لكن تدخلات حالت دون استكمال ذلك. أنت تعيش بلا عنوان، هل أنت مصاب بهاجس "أبو نضال"؟ - لست مرتعباً أو مرتعداً لكنني حذر. ان ذلك الانتماء جعل الجغرافيا أمامي أكثر صعوبة. تصور ان بلداناً كانت تخاف ان أقيم فيها أو أمر بها. لكنني لا أقبل بأن تكون وظيفتي في الحياة هي "أبو نضال". انا أعرف ان امكاناته اليوم محدودة والجغرافيا ضاقت في وجهه أثناء اجراء الحوار. هناك فارق بين الحذر وبين ان تضع نفسك في الفوهة. يجب أن أذكر انني سعيد كوني فضحت هذه الظاهرة الدموية وكشفت الوجه الحقيقي ل"أبو نضال" وفتحت الباب لتحرير مئات من الشبان كانوا يعيشون مثل الرهائن. تصور انه كان يمنع اعضاء التنظيم من الاتصال بعضهم ببعض. لم أرد ان أضع هذه المعلومات في تصرف دول أو أجهزة. أنا أحمل مثلاً وأنا شاعر. حلقة خامسة غداً