أسدل الستار مساء الأحد على الدورة ال59 لمهرجان البندقية السينمائي مع إعلان فوز فيلم "أخوات المجدلية" للمخرج البريطاني بيتر مولان بجائزة الأسد الذهبي. ويتوقع أن يثير الفيلم جدلاً كبيراً بسبب عنف الصورة اللاإنسانية التي يقدمها عما تعرضت له أكثر من 30 ألف إمرأة حجرت حرياتهن في أديرة الراهبات الكاثوليكيات في بريطانيا، بذريعة كونهن "خاطئات". وسيضاف هذا إلى السجالات الأخرى التي أثيرت حول السينما العربية وعلى الجزء الذي أنجزه الفنان يوسف شاهين ضمن العمل الكورالي عن أحداث الحادي عشر من أيلول سبتمبر ضمن فيلم "11 دقيقة وتسع ثوان وإطار واحد"، وقد ساهم 11 مخرجاً من أنحاء عدة في صنعه، فجاء كرد فعل ولحظة إعادة تفكير في ما حدث في 11/9، وهؤلاء المخرجون هم الإيرانية سميرة مخملباف والفرنسي كلود لولوش والبوسني دانيس تانوفيتش والأميركي شون بن والهندية ميرا ناير والمكسيكي أليخاندرو إيناريتو والبريطاني كين لوتش والبوركيني إدريسا وودراوغو والإسرائيلي عاموس غيتاي والمصري يوسف شاهين. وبصرف النظر عن أهمية أي جزء وبراعة أي من المخرجين المشاركين في هذا العمل، فإنه جاء، بكليته، عملاً كبيراً ومهماً. وقد أثار جزء البريطاني كين لوتش تصفيقاً طويلاً وكثيراً من الدموع، لأن لوتش ربط بذكاء وحساسية وشاعرية عالية بين ما حدث يوم الثلثاء 9/11/2001 وذلك الثلثاء 9/11/1973 عندما دكت الطائرات والدبابات الأميركية الصنع قصر المونيدا في العاصمة التشيلية سانتياغو لتغتال الديموقراطية الفتية التي كان شعب تشيلي حققها بانتصار سلفادور آليندي. دان لوتش الولاياتالمتحدة على مسؤوليتها في ذلك الانقلاب العسكري الدموي وقيام وزير الخارجية الأميركي آنذاك هنري كيسنجر بزيارة سانتياغو لتقديم التهاني إلى قائد الانقلاب آغوست بينوشيه. فيلم يوسف شاهين أثار مواقف متناقضة ومتضاربة، راوحت بين العدائي وخيبة الأمل من المستوى الضعيف في الفيلم الذي اعتبر، مع فيلم عاموس غيتاي، أضعف حلقتين في العمل الكورالي. المواقف السياسية المعارضة، بل المعادية، للفيلم انطلقت من موقف بليد مفاده أنه "فيلم معاد لأميركا"، وهو ما لا يظهر في الفيلم إطلاقاً وجاء معظم هذه المواقف من دون أن يكون أصحابها شاهدوا الفيلم، حسب ما أكده لنا مدير مهرجان فينيسيا نفسه والمشرفون على البرنامج الخاص للمهرجان. لكن تلك المواقف التي صدرت عن صحافيين أميركيين ومسؤول في إدارة "بينالة فينيسيا" الذي لم يشاهد الفيلم بدوره، تركت أثراً كبيراً في ردة الفعل إزاء الفيلم وأثارت لغطاً كبيراً إلى حد أن شركة الانتاج حذفت من الشريط الدعائي للفيلم والذي وزع على مراسلي محطات التلفزيون في المهرجان باللغات الأصلية للأجزاء وهو شريط من 8 دقائق، الجزء الخاص بفيلم شاهين، كذلك حذفت الجزء الخاص بشريط غيتاي الإسرائيلي. كان من المتوقع أن تتعامل الأوساط المعادية للعرب بسلبية مع فيلم يوسف شاهين، لكن الفيلم نفسه لم يتعامل مع الحدث الاستثنائي بشكل استثنائي الذي يتوقع منه، وهو ما فعله المخرجون الآخرون المشاركون في العمل الكورالي، وعلى رغم أن كثيرين انطلقوا من تجارب ذاتية أو شخصية أو وطنية، كما فعل شاهين، إلا أن فيلمه لم يضف سينمائياً أي جديد بل جاء كجزء من موجة أفلامه الأخيرة.