تبنت المحكمة العليا الإسرائيلية حجج جيش الاحتلال في شأن سياسة هدم منازل ذوي منفذي الهجمات الفدائية داخل الخط الأخضر القاضية بعدم إبلاغهم مسبقا بقرارات الهدم. وقبلت هيئة المحكمة المشكلة من ثلاثة قضاة يرأسهم قاضي المحكمة العليا أهارون باراك موقف وزارة الجيش الإسرائيلي أن الإبلاغ المسبق عن هدم منازل ذوي منفذي هذه الهجمات، ربما يفسح في المجال أمام مقاتلين فلسطينيين لتفخيخ هذه المنازل، ما يشكل خطورة على حياة جنود الاحتلال. وردت هيئة المحكمة التي عقدت جلسة لها أمس للنظر في الأمر التماسا تقدم به اليها المحامي الاسرائيلي أندريه روزنتال موكلا من جانب 35 عائلة من أصل 42 تنوي سلطات الاحتلال الإسرائيلي هدم منازلها في الضفة الغربية على خلفية تنفيذ أحد أفرادها عمليات عسكرية واستشهادية داخل المدن الإسرائيلية. وقالت صحيفة "يديعوت احرونوت" على موقعها على لشبكة الانترنت ان القضاة اقتنعوا "بادعاء الجيش الذي يرفض الإبلاغ المسبق بسبب أن الأمر قد يعرض حياة أفراد الوحدة العسكرية التي ستنفذ عملية الهدم إلى الخطر عن طريق تفخيخ المنزل مثلا". وأوكل القضاة الثلاثة في قرارهم صلاحية الإبلاغ المسبق من عدمه إلى القائد العسكري لجيش الاحتلال، وقالوا في قرارهم أن "كل حال سيتم النظر فيها بصورة فردية وفق ما تقتضيه الضرورة الأمنية في ذلك الوقت. وفي حال رأى الجيش أن من المناسب المخاطرة وإبلاغ العائلة مسبقا فسيتم فعل ذلك". وأشارت الصحيفة إلى أن القضاة لم يطلبوا من الجيش الإسرائيلي إطلاعهم على اعتباراته في القضية. وذكرت المحكمة أن "سياسة هدم المنازل تشكل جزءا من نشاطات القتال التي يمارسها الجيش الإسرائيلي، وعليه فهي خاضعة لجميع إجراءات القتال". ووصف حقوقي فلسطيني قرار المحكمة بأنه "تشريع لممارسات وسياسات منافية للقانون الدولي". وقال مازن شقّورة مدير الهيئة المستقلة لحقوق المواطن ل"الحياة" ان "المحكمة شرّعت ممارسات الجيش الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية وسياساته المنافية للقانون الدولي الإنساني". واعتبر شقّورة أن القرار "يعطي ضوءا أخضر لسلطات الاحتلال لهدم المنازل، وهذا ربما يكون سابقة لإبعاد عائلات منفذي العمليات إلى قطاع غزة". ونسبت الصحيفة إلى روزنتال قوله تعقيبا على القرار: "غالبا ما تقبل المحكمة موقف الدولة عندما يكون الموضوع متعلقا بممارسات الجيش في المناطق الفلسطينية، وإذا كان هناك خطر بتفخيخ البيوت فانا أقول للجيش بكل بساطة أن لا يهدموها". وأضاف روزنتال: "انهم الإسرائيليين ينفذون هذه الخطوة على مدى 50 سنة من دون أن يكون لها أي فائدة وحان الوقت كي يتوقفوا عن فعل ذلك ويجروا حوارا مع الجانب الآخر". وهدمت سلطات الاحتلال الآلاف من منازل الفلسطينيين منذ قيام الدولة العبرية إثر نكبة فلسطين عام 48، وشردوا عشرات الآلاف من سكانها في إطار سياسة تهدف إلى إحلال اليهود محل الفلسطينيين وهم السكان الأصليون، الأمر الذي يعتبر جريمة حرب بموجب اتفاقية جنيف الرابعة. ووصف شقّورة حجة تفخيخ المنازل بأنها "كلام فارغ"، مشيرا إلى أن المدعي العام ذهب إلى المحكمة العليا بموقف أمني وليس بموقف قانوني، ناقلا موقف وزير الدفاع الإسرائيلي بنيامين بن اليعيزر حرفيا". واعتبر أن "ما يثير الاستغراب والاستهجان أن المحكمة العليا أيضا تبنت وجهة النظر الأمنية وليس القانونية". وأشار إلى "عدم وجود سوابق قضائية اتخذت فيها المحكمة العليا قرارات ف ما يتعلق بنشاطات جيش الاحتلال في الأراضي الفلسطينية، لان إصدار مثل هذا الحكم، يعني سابقة قضائية يبنى عليها، وعادة المحكمة ترفض القضايا المتعلقة بنشاطات الجيش هذه". وأضاف شقورة أن "المحكمة اعتبرت سياسة هدم المنازل جزءا من الضرورات الحربية لجيش الاحتلال، فيما يعتبر ذلك من وجهة نظر فلسطينية عقوبة جماعية وتشريدا للسكان المدنيين، أما من وجهة نظر اتفاقية جنيف الرابعة والقانون الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية فان الإخلاء القسري للسكان وهدم منازلهم يعتبر من جرائم الحرب التي يجب معاقبة مرتكبيها ومن أعطى الأوامر بارتكابها".