تحول الخلاف الروسي - الجورجي حول المنطقة الحدودية بين البلدين، ازمة دولية تلعب فيها الولاياتالمتحدة دوراً مهماً. وطلبت جورجيا من مجلس الامن وقف "ارهاب الدولة" الروسية والغارات التي تشنها الاخيرة على وادي بانكيسي الذي تفقده امس الرئىس ادوارد شيفاردنادزه، فيما طالب البرلمان الجورجي بالانسحاب من الكومنولث مع روسيا واخلاء القواعد الروسية في جورجيا. وبدأ التأزم الاخير اثر اشتباك مجموعة شيشانية قالت موسكو انها دائرة من جورجيا، مع قوات الحدود الروسية. وعلى الاثر، طلب الكرملين اتخاذ اجراءات لتصفية ما وصفه ب"قواعد الارهابيين الشيشانيين" في جورجيا. واعترفت تبليسي بوجود عدد من المسلحين "غير الشرعيين" بعدما كانت تنكر وجودهم، ولكنها ذكرت انها عاجزة عن السيطرة عليهم. وتصاعدت حدة الموقف حين اعلن الجورجيون ان طائرات روسية قصفت وادي بانكيسي، وطلب شيفاردنادزة "اعتذاراً" رسمياً وهدد باسقاط اي طائرات مغيرة، وبايعاز من تبليسي، المندوب الجورجي الدائم لدى الاممالمتحدة من مجلس الامن "اتخاذ ما يلزم" لوقف ما وصفه ب"ارهاب الدولة" وانتهاك روسيا للقوانين الدولية. وأصدر البرلمان الجورجي قراراً يدعو الى الانسحاب من كومنولث رابطة الدول المستقلة القائمة على انقاض الاتحاد السوفياتي وانهاء العقود المبرمة مع روسيا ومطالبتها باخلاء قاعدتيها العسكريتين في جورجيا. وفي الوقت ذاته، اجتمع شيفاردنادزه في وادي بانكيسي امس مع مسؤولي وزارات الامن والداخلية والدفاع، فيما كانت قوات جورجية تواصل العملية ضد الاجرام، التي اعلن ان الهدف منها هو انهاء "الوجود المسلح" في تلك المنطقة. كما حضر الرئىس الجورجي قداساً اقيم على روح مواطن جورجي قتل في الغارة التي اعلن ان الطائرات الروسية شنتها. وجددت موسكو نفيها مشاركة طيرانها في الغارات ورجحت ان تكون شنتها طائرات من طراز "سوخوي 25" المصنعة في جورجيا والتي طورت بمساعدة اسرائىلية وتعرف باسم "العقرب". وأشار ساسة ومحللون روسيون الى ان جورجيا ما كانت لتجرؤ على الدخول في مجابهة مع موسكو، لولا دعم او حتى تحريض من الولاياتالمتحدة. وذكر قسطنطين زاتولين مدير معهد رابطة الدول المستقلة ان تبليسي تعمل على اخراج روسيا من جنوب القوقاز لاحلال الولاياتالمتحدة بدلاً منها. وفي هذا السياق، اشار المحللون الى ان واشنطن تضع امام عينها اهدافاً عدة، لا تقتصر على محاصرة نفوذ روسيا في المنطقة، بل ايضاً الضغط عليها لارغامها على تأييد ضربة عسكرية محتملة للعراق. والى ذلك، فمن المعروف ان واشنطن تعارض بشدة مرور الانابيب التي ستنقل النفط من حوض قزوين الى البحر المتوسط عبر الاراضي الروسية. وكان مراقبون شددوا على ان استمرار الحرب الشيشانية يخدم هذا الغرض، ولذا فإن الولاياتالمتحدة لا مصلحة لها في انهاء هذه الحرب. ولم يخف قادة اليمين في روسيا ترحيبهم بوجود اميركي في المنطقة على حساب الكرملين. دعت ايرين خاكامادا نائبه رئىس مجلس الدوما عن "اتحاد قوى اليمين" الى لقاء بين الرئىسين الروسي والجورجي "بمشاركة اميركية".