ما زال "المؤتمر" الذي عقده ناشطون في الجبهة الإسلامية للإنقاذ الجزائرية المحظورة في بلجيكا أخيراً، محور جدل شديد في شأن نتائجه. ففي وقت اتسعت دائرة المعترضين على المؤتمر بضم العضو المؤسس ل"الإنقاذ" الشيخ عمر عبدالقادر صوته الى صوت رفيقيه علي جدي وكمال قمازي، أكد المنظّمون انهم سيكملون ما بدأوا به وسيختارون في أيلول سبتمبر المقبل قيادة "تنفيذية" جديدة لتمثيل الجبهة بعدما كانوا أضافوا في مؤتمرهم البلجيكي 13 عضواً الى مجلس شورى الإنقاذ". وكان رئيس المكتب التنفيذي الموقت ل"الإنقاذ" الشيخ عبدالقادر حشاني أول من طرح فكرة عقد المؤتمر قبل اغتياله في تشرين الثاني نوفمبر 1999. وعملت لجنة تحضيرية من أربعة أشخاص، شكلها قبل اغتياله، على ترجمة فكرته الهادفة خصوصاً الى اختيار قيادة جديدة تتكلّم باسم "الإنقاذ" في الخارج في ضوء تعدد المنابر التي تتحدث باسمها مثل الهيئة التنفيذية التي يرأسها السيد رابح كبير والبعثة البرلمانية التي يرأسها السيد أنور هدام والمكتب التنسيقي الذي يرأسه السيد أحمد الزواي. واستمرت جهود عقد المؤتمر تتعثر بسبب الخلافات التي تعصف بالجبهة وقيادتها، حتى نجح المُعدّون في تنظيمه يومي 3 و4 اب اغسطس الجاري. وثبّت المؤتمر الشيخين عباسي مدني وعلي بلحاج على رأس الجبهة، كما ثبّتوا معظم أعضاء مجلس الشورى وأضافوا اليهم 13 عضواً جديداً بينهم السيد ابراهيم فيلالي والدكتور مراد دهينة. لكن هذه النتائج لم تُرض العديد من الجهات التي كانت تأمل بعقد المؤتمر. إذ اعتبرت الهيئة التنفيذية برئاسة كبير ان ما حصل ليس مؤتمراً ولا يشكك بالتالي في شرعية تمثيلها "الإنقاذ" في الخارج. وأيدها في ذلك الشيخ عبدالقادر بوخمخم، قبل ان ينضم اليه بعد أيام الشيخان علي جدي وكمال قمازي اللذان كانا من العاملين على عقد المؤتمر. ولم يستجب قرارات مؤتمر بلجيكا سوى هدام الذي أعلن حل بعثته البرلمانية. ويبدو ان معظم الانتقادات للمؤتمر البلجيكي جاءت نتيجة مخاوف من ان تيار "الجزأرة"، أحد مكونات جبهة الإنقاذ والذي ينتسب اليه ا هدام، هو الذي خرج مُنتصراً من المؤتمر وان هذا التيار هو الذي سيستحوذ بالتالي على القيادة الجديدة التي ستنبثق عنه. لكن المشرفين على المؤتمر نفوا ذلك في شدة. وقال الدكتور مراد دهينة في اتصال مع "الحياة" ان الزعم بسيطرة تيار "الجزأرة" على مقاليد الأمور في "الإنقاذ" نتيجة مؤتمر بلجيكا هو "زعم سخيف ... لا يردده سوى من فاتتهم الأيام والواقع". وأضاف ان المؤتمر "نقطة تحوّل كبيرة" في مسار الجبهة. وأوضح ان المؤتمر ثبّت قيادة الشيخين مدني وبلحاج، وثبّت أيضاً عضوية "معظم" أعضاء مجلس الشورى وأضاف اليهم 13 عضواً جديداً، وان مجلس الشورى هذا هو من يُمثل الجبهة وفق نظامها الداخلي. وأضاف ان المجلس الذي اختير أعضاؤه الجدد بانتخاب سري، سينتخب الشهر المقبل مكتباً تنفيذياً ورئيساً لهذا المكتب يكون هو الناطق باسم الجبهة. وكشف ان زعيم الجبهة الشيخ عباسي بعث برسالة جديدة أكد فيها دعمه المؤتمر ونتائجه. ونفى معلومات أفادت ان أبناء الشيخ عباسي الذين حضروا المؤتمر في بلجيكا، اختيروا أيضاً الى عضوية مجلس الشورى. وخرج أمس الشيخ عمر عبدالقادر، عضو المجلس التأسيسي ل"الإنقاذ"، عن صمته وضم صوته الى صوت الشيخين جدي وقمازي في معارضة مؤتمر بلجيكا. وقال في بيان أصدره من هولندا ان ما حصل "انحراف عن المسار والأهداف" التي حددها حشاني للمؤتمر، ويُعد محاولة لنقل الجبهة الى العمل السري. وانتقد "أطماع الاستحواذ على الجبهة الإسلامية للإنقاذ التي ما زالت تراود بعض أولئك الذي فشلوا في تحقيقه مرات عديدة وتحت شعارات مختلفة ظاهرها حق وباطنها باطل". وواضح ان المقصود هنا تيار "الجزأرة" الذي يُزعم ان قادته حاولوا في السابق السيطرة على "الإنقاذ" أيام العمل السلمي، ثم انضموا باسم "الإنقاذ" الى "الجماعة الإسلامية المسلحة" في 1994، قبل ان يُصفّوا في نهاية 1995 وبداية 1996 على يد التيار المتشدد في "الجماعة" بقيادة جمال زيتوني. وأضاف الشيخ عبدالقادر في تصريح هاتفي الى "الحياة"، ان "اللقاء الذي حصل في بلجيكا والذي لا يمكن ان نسميه مؤتمراً، إنما هو تقزيم للجبهة ... مجموعة معيّنة هي التي انتهزت الفرصة وعقدت المؤتمر الذي لا يمكن ان نزكي نتائجه". وتابع: "الإخوة ذهبوا بعيداً. هناك منهم من لم يعرف الجبهة في محنتها ولا قبل محنتها. ولفت الى ان مؤتمر بلجيكا "غيّر نصوصاً" في منهج الجبهة. وعن إضافته 13 عضواً الى مجلس الشورى، قال: "هم يعرفون إخوتهم في الداخل، فلماذا يضيفون اليهم".