الذكرى الأولى لاغتيال الشيخ عبدالقادر حشاني تمر اليوم. جبهة الإنقاذ الجزائرية دعت الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة الى كشف ملابسات هذه الجريمة، وهو أمر كان رئيس الجمهورية تعهّد به علناً. يُعالج التقرير الآتي وضع "الإنقاذ" بعد سنة على رحيل الرجل الثالث فيها. تمر اليوم الذكرى الأولى لاغتيال القيادي في الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة الشيخ عبدالقادر حشاني. ويقول مسؤولون في هذه الجبهة انهم يريدون كشف "حقيقة" ملابسات اغتياله، رافضين قبول ما اعلنته وزارة الداخلية في شأن القبض على "متشدد إسلامي" يُزعم انه أقر بقيامه بعملية القتل. وكان حشاني أحد أبرز قادة الصف الثاني في "الإنقاذ". وهو تولى قيادتها إثر مؤتمر الوفاء في باتنة في 1991 والذي عُقد بعد اعتقال السلطات زعماء الصف الأول فيها، وعلى رأسهم الشيخان عباسي مدني وعلي بن حاج في قضية "العصيان المدني". وقاد حشاني "الإنقاذ" في كانون الأول ديسمبر 1991 الى فوز ساحق في الدورة الأولى من الانتخابات الاشتراعية. واعتُقل الرجل في بداية 1992 بتهمة إصدار بيان يُحرّض فيه الجيش على عصيان أوامر قادته. لكنه لم يُحاكم بهذه التهمة حتى صيف العام 1997، حين تقرر الإفراج عنه في ضوء اتصالات كانت تجري بين أجهزة الأمن الجزائرية وقادة "الجيش الإسلامي للإنقاذ" لوقف العمل المسلح. ويُعتقد على نطاق واسع ان محاكمة حشاني والإفراج عنه في صيف ذلك العام كان جزءاً من "صفقة" أدت الى إعلان "جيش الإنقاذ" هدنة في عملياته. ولم يكن حشاني نفسه جزءاً من هذه الصفقة. إذ ما كاد يخرج من السجن، حتى بدأ في توجيه انتقادات حادة لسلوك قادة "جيش الإنقاذ" و"تجاوزهم" قيادتهم السياسية. لكن حشاني، على رغم مواقفه المتشددة في أحيان كثيرة، لم يدع الى أعمال عنف مسلحة ضد الحكم. ولدى اغتياله خلال زيارته طبيب أسنان في العاصمة، كان حشاني يعمل على إعادة إحياء هياكل "الإنقاذ" بعد التشتت الواسع الذي أصابها منذ انتقالها الى العمل السري في اعقاب حظرها في اذار مارس 1992. "رواية لم تُقنع مخرجيها" وقالت "الهيئة التنفيذية" ل "الإنقاذ" التي يرأسها السيد رابح كبير في المانيا، في بيان أمس، ان "الرواية الرسمية عن اعتقال الفاعل المزعوم لعملية الاغتيال لم تُقنعنا لما أحاط بها من غموض وعدم شفافية، بل انها لم تُقنع حتى مخرجيها". وأضافت الهيئة التي كانت على خلاف مع حشاني ساعة اغتياله، انها تدعو "رئيس الجمهورية الى تشكيل لجنة وطنية مستقلة للتحقيق في ملابسات" اغتيال حشاني وانزال العقاب بالمسؤولين عنه. ودعت الهيئة أيضاً الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة الى معاملة جميع الجزائريين "على قدم المساواة"، مشيرة الى "تهميش" تيار الجبهة الاسلامية للإنقاذ. وقالت ان مثل هذه السياسة "تزرع بذور عدم الاستقرار والتفرقة". وطالبت باطلاق مدني وبن حاج ومنح الجزائريين حقوقهم وبينها حقهم في ممارسة العمل السياسي. وأصدر "المجلس التنسيقي" ل "الإنقاذ" بياناً وقعه السيد محمد مصطفى حابس، دان فيه "يد الغدر" التي اغتالت حشاني. وذكّر حابس بمسيرة "الإنقاذ" منذ تأسيسها، لافتاً الى الضربات التي تلقتها على مدى السنوات الماضية من سجن قادتها ومقتل العديد منهم أو انتقالهم الى المنفى في الخارج. وأكد ان جبهة الإنقاذ "ما زالت ضمير الأمة الحي وقلبها النابض وعقلها الواعي". وقال السيد عبدالله أنس، الذي يتولى التحضير لعقد مؤتمر عام تنوي جبهة "الإنقاذ" عقده قريباً - وهو سيكون الأول منذ مؤتمر باتنة في 1991 - ان "رواية السلطة لملابسات اغتيال الشيخ حشاني لا تُصدّق"، مشيراً الى ان الضحية كان رفض قبل مقتله عرضاً من السلطة لحمايته وشكا لوزارة الداخلية من مضايقات يتعرض لها. وقال أنس ل "الحياة" ان المؤتمر المقبل ل "الإنقاذ" سيهدف الى "إحياء عمل هياكلها في الداخل والخارج ... وتثبيت مرجعيتها قيادة ومشروعاً سياسياً". وأضاف ان الجبهة ستعاود نشاطها سلماً، حتى وإن لم تسمح لها السلطة بذلك، لافتاً الى ان ذلك حق مشروع لكل مواطن. وكانت وزارة الداخلية الجزائرية بررت قبل أيام رفضها الترخيص ل "حركة الوفاء" التي يتزعمها الدكتور أحمد طالب الابراهيمي بالعمل السياسي بالقول انها تضم مسؤولين سابقين في "الإنقاذ" وانها ستكون بمثابة "واجهة" للجبهة المحظورة. ويعيش زعيم "الإنقاذ" عباسي مدني في إقامة جبرية في العاصمة، في حين لا يزال الرجل الثاني فيها علي بن حاج مسجوناً في البليدة. ويقوم بعض قادة "الإنقاذ" المفرج عنهم ببعض النشاط غير الرسمي، ومن بينهم كمال قمازي وعلي جدي وعمرعبدالقادر وعبدالقادر بوخمخم. أما في الخارج، فإن وضع "الإنقاذيين" يبدو أكثر سوءاً، بسبب تعدد الهيئات التي تمثّلهم. ويقول أنس، في هذا المجال، ان الدعوة الى المؤتمر المقبل ل "الإنقاذ" لا تستثني أياً من تياراتها. ولا شك ان أنس يعرف جيداً ان هناك فرقاً كبيراً بين "دعوة" هذه التيارات الى المؤتمر و"تلبيتها" الدعوة فعلاً. وذلك لن يُعرف، بالطبع، حتى حصول المؤتمر، وهو ما يقول أنس انه مُتوقع "في غضون بضعة أشهر".