هدأ "فيضان القرن" في مدينة دريسدن الالمانية عاصمة ولاية ساكسن الشرقية أمس بعد أن حوّل معظم أحيائها إلى بحيرات كبيرة، فيما قوي في مدينتي بيترفيلد ومولبيرغ ومناطق عدة أخرى في ولايتي ساكسن - إنهالت وبراندنبورغ الشرقيتين حيث سقطت سدود وجسور وأخليت مدن وبلدات وقرى بكاملها من السكان. وكان منسوب مياه نهر الألب وصل في دريسدن، العاصمة القيصرية السابقة، إلى أعلى مستوى قبل ظهر أمس مسجلاً 40،9 أمتار، لكنه بقي دون التوقعات التي كانت تخشى وصوله إلى 60،9 أمتار، وبالتالي غمر المدينة بكاملها. ومقابل هدوء الوضع في ساكسن تصاعدت كارثة الفيضان في ساكسن - إنهالت مع انضمام نهر مولده إلى نهر الألب ومهاجمة المياه الجامحة مدينتي بيترفيلد ومولبيرغ. وقامت فرق الانقاذ والشرطة والجيش بإخلاء سكان المدينتين البالغ عددهم 30 ألفًا بعدما تخلت عن محاولات تعزيز السدود المقامة. وقال ناطق باسم لجنة الطوارئ في بيترفيلد إنه يخشى وصول موجة جديدة عاتية من مياه النهرين، الامر الذي يهدد بلدات وقرى قريبة. وأكد أن الفيضان لن يصل إلى المصانع والشركات الكيماوية العاملة هناك وعددها 350 مصنعًا، ولن تقع كارثة بيئية في المنطقة. وفي مدينة مولبيرغ فاضت مياه الألب وتجاوزت السد الواقي للمدينة البالغ علوه 10 أمتار. وقال رئيس لجنة الطوارئ في مولبيرغ كريستيان ريشتر قبل إخلاء المدينة: "لقد أوقفنا أعمال دعم السد وسُحب كل الرجال بعدما أصبح الخطر على حياتهم كبيرًا. ولمنع أعمال النهب والسرقة قطعت الشرطة المحلية كل السبل الموصلة إلى المدينة وسيّرت دوريات فيها "على القوارب". ووصل منسوب المياه في المدينة إلى 9 أمتار وأخليت من أهاليها. وأعلنت الشرطة أن طريق برلين - لايبزيغ - دريسدن الذي يمر في المنطقة قطع بعدما غمرته المياه. وفي بريغنيتس عمل آلاف المواطنين المدعومين من 1200 جندي طوال نهار أمس على رفع سد علوه 13 مترًا نصف متر تقريبًا لإنقاذ بلدتهم من النهر الهائج. وقرب مدينة ريزا اجتاحت مياه الألب جسرًا للسكك الحديد ودمرته. وأعلنت الشرطة أن أحدًا لم يصب بأذى وأن السير على الجسر توقف حتى إشعار آخر. وقال رئيس حكومة الولايات وولفغانغ بومر إن الخبراء يخشون سقوط كل السدود المقامة على رغم حالتها الجيدة. وأضاف إن الخوف هو من بقاء منسوب المياه عاليًا لفترة طريلة من الوقت، الأمر الذي سيؤدي إلى تشبيع السدود الترابية بالمياه وانحلالها تدريجًا. ويحاول 4 آلاف شخص في ديساو إنقاذ الاماكن الاثرية في وسط البلدة التي اعتبرتها الأممالمتحدة جزءًا من كنوز الحضارة العالمية. وفي خطوة اعتبرها المستشار الألماني غيرهارد شرودر أحادية الجانب ولها خلفية انتخابية طالب منافسه لمنصب المستشارية إدموند شتويبر الحكومة أمس بتأسيس "صندوق كارثة فيضان 2002" في أسرع وقت وتخصيص بليوني يورو لضحايا الفيضانات. ودعا شرودر المعارضة للتعاون مع حكومته لمواجهة نتائج الكارثة. وأعلن وزير المال هانس آيسل أن الدولة وحكومات كل الولايات الألمانية ستتحمل كل الخسائر التي ستنتج عن الفيضانات، مشيرًا إلى أن حكومته ستدعو إلى مؤتمر وطني شامل لمواجهة الكارثة. وطالب رئيس برنامج البيئة التابع للأمم المتحدة ووزير البيئة الأسبق في ألمانيا كلاوس توبفر برفع ضريبة البيئة لوضع حد لتزايد استهلاك الطاقة. وقال أمس إن ارتفاع الاستهلاك هو سبب تغيّر المناخ في العالم ووقوع أكبر فيضان عرفه نهر الألب حتى الآن. وتشهد البلاد حاليًا حملة واسعة لجمع التبرعات من المواطنين لمصلحة ضحايا الفيضانات، وجمع في أمسية تلفزيونية واحدة أكثر من 10 ملايين يورو.