تبدو مهمة لجنة المتابعة المنبثقة عن لجنة المتابعة العليا للقوى الوطنية والاسلامية الآن، بعد أربعة أيام على تأجيل الإعلان عن الوثيقة السياسية، أكثر مشقة من أي وقت مضى. فبعد أن اعتقد أعضاء لجنة الصياغة، خصوصا ممثلي فصائل منظمة التحرير الفلسطينية التسعة من اصل 12 عضوا هم أعضاء لجنة المتابعة، أنهم نجحوا في تقريب الحركة الإسلامية الفلسطينية من برنامج سياسي ضمنوه الوثيقة يعتمد على أدبيات هذه الفصائل وبرنامج المنظمة السياسي، وجدوا أنفسهم في "مواجهة" حامية مع ممثلي "حركة المقاومة الإسلامية" حماس و"الجهاد الإسلامي" و"حزب الخلاص الوطني" الإسلامي. ودارت "معارك صياغية" على مدى الأيام الماضية بين الطرفين استخدم فيها كل طرف قدراته ومهاراته اللغوية والسياسية ومفرداته التي تعبر عن مواقفه وأيديولوجيته، أرجأت إلى إشعار آخر الإعلان عن الوثيقة الذي كان متوقعا أول من امس بعد إرجاء دام 48 ساعة. والتأمت لجنة الصياغة مرة أخرى في مقر المجلس التشريعي بمدينة غزة امس للبحث في التعديلات التي تقدم بها ممثلو حركتي "الجهاد الإسلامي" و"حماس" التي تغيب ممثلها عن الاجتماع . وكانت الحركتان قدمتا اول من امس تعديلات جديدة على الوثيقة التي كان إسماعيل ابو شنب ومحمد الهندي أعطيا السبت الماضي موافقة مبدئية عليها. وقال كايد الغول عضو اللجنة المركزية ل"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين"، عضو لجنة المتابعة ان "حماس" تطالب بإدخال تعديلات على الوثيقة لما يتعارض مع برنامجها ولا تؤكد ما في هذا البرنامج ، بل وتلجأ إلى صيغ مبهمة وقابلة لأكثر من تفسير". ولم يستبعد الغول في حديث ل"الحياة" أن تصدر الوثيقة باسم تسعة فصائل من أعضاء لجنة المتابعة ال12 في حال فشلت كل المحاولات للتوصل إلى صيغ مقبولة من الجميع بما فيها "حماس" و"الجهاد" و"الخلاص"، مشددا على أن "المخرج الوحيد من الأزمة الراهنة استمرار الحوار والنقاش وبحث كل التعديلات، حتى لا تصل الأمور إلى طريق مسدودة". وكان مصدر في لجنة المتابعة العليا قال ل"الحياة" ان التعديلات التي تقدمت بها "حماس" و"الجهاد" لا تحقق الإجماع الفلسطيني المطلوب "خصوصا وان أهمية الوثيقة تكمن، كما قال الدكتور زكريا الاغا عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، في أنها ورقة إجماع وطني". من جانبه، قال الدكتور محمد الهندي احد قياديي "حركةالجهاد الإسلامي" وممثلها في لجنة الصياغة ان "للحركة جملة من الاعتراضات على الوثيقة". وأشار الهندي في حديث الى "الحياة" إلى أن أهم هذه الاعتراضات حول البند الذي يتحدث عن إقامة دولة فلسطينية مستقلة "في الأراضي المحتلة عام 67"، الأمر الذي ترفضه الحركة وتعتبر أن فلسطين محتلة من النهر إلى البحر وارض وقف إسلامي لا يجوز شرعا التنازل عن أي شبر منها. ورفض التسليم بأن إقامة الدولة فوق الأراضي المحتلة عام 67 تمثل برنامج الحل الوسط قائلا ان ذلك "هو برنامج منظمة التحرير الفلسطينية"، لافتا إلى وجود اقتراحات كثيرة في هذا الشأن تحتاج إلى مزيد من النقاش. واعتبر الهندي أن النص في الوثيقة على اعتبار الدولة فوق أراضي 67 هو برنامج الانتفاضة الحالي "ويمثل ربما مخرجا مقبولا لدى الجميع، مع التشديد على عدم تحديد حدود الدولة". وفي خصوص البند المتعلق بحق العودة رأى الهندي انه يمكن تضمين الوثيقة نصا يدعو إلى عودة اللاجئين إلى ديارهم التي شردوا منها من دون الإشارة إلى القرار 194 الذي "أسس للاعتراف بالدولة اليهودية" وينص على العودة أو التعويض، وهذا الأخير التعويض ترفضه الحركة. واعتبر الهندي أنه يمكن إرجاء البحث في القضايا الخلافية بين الأطراف إلى الحوار الوطني الشامل لحلها. وأشار إلى أن لجنة المتابعة العليا اجتمعت امس وستجتمع اليوم الخميس في مقر المجلس التشريعي سعيا الى "تقريب وجهات النظر وابداء الآراء في النقاط المختلف عليها ليس من جانب حماس والجهاد فقط بل ايضا من جانب فصائل أخرى"، مشددا على أن "الحوار لم يصل إلى نهايته بعد".