يرفع مارلبورو رالي لبنان الدولي ال26 الجولة الثالثة من بطولة الشرق الاوسط للراليات هذا العام راية الافتخار بمواكبة 48 متسابقًا لمنافساته، ما يمهّد للصراعات الميدانية الاكثر احتدامًا في البطولة. إلا أن هذا الافتخار لا يكتمل بملازمة المتسابق العماني حمد الوهيبي مقاعد المتفرجين على رغم تواجده في لبنان ما يجسّد ظاهرة "خجل" رياضة الراليات العربية عمومًا، التي يفترض أن تبني استحقاقاتها البارزة على الحضور الفاعل لسائقيها العالميين وليس على غيابهم. بلغ افتخار مشجعي رياضة الراليات العربية أوّجه في الاعوام الماضية برؤية نخبة سائقيهم "يغزون" منافسات بطولة العالم للراليات وفي مقدمهم العماني حمد الوهيبي الذي كاد يكتب حكاية التتويج العربي الاولى في البطولة ضمن مسابقة كأس الفرق عام 2000 لولا مجانبة الحظ له في الجولة الاخيرة. وهو استحق بالتالي رفع شعار "سائق كل العرب" الذي حمّله المشجعون أنفسهم إياه في بادرة غير مسبوقة بادلها الوهيبي بأمانة البطل الواثق من قدراته، والمتطلع الى قيادة مسيرة رياضة الراليات العربية الى أبعاد تتخطى الانجازات المرتبطة بشخصه الى إيجاد ركائز تكريس حالة التألق الدائمة والتي تخدم هدفي احتضان المواهب الصاعدة الكثيرة وتطويرها وهي ليست قليلة في أي حال من الاحوال في الدول العربية كلها. ولعل حرص الوهيبي على توفير معطيات التعامل المثالي مع هذه الامانة في الاعوام السبعة السابقة التي رافقت مسيرة احترافه حتى الآن، والذي تجسد خصوصًا في ارتقائه السريع سلم النجومية في بطولة الشرق الاوسط بانتزاعه لقب الفئة "ن" عام 1997، وتحوله الى منافس شرس في بطولة العالم ضمن مسابقة كأس الفرق تحديدًا في الاعوام الثلاثة التالية، يوجد لديه شعور الخيبة الكبيرة اليوم في ظل ابتعاده القسري عن المنافسات لاسباب خارجة عن إرادته، علمًا أنه تخطى الاطار العالمي هذا الموسم، حيث لم يواكب إلا منافسات رالي كورسيكا الدولي، الى مارلبورو رالي لبنان الدولي ال26، المدرج ضمن الجولة الثالثة من بطولة الشرق الاوسط هذا العام، والذي انطلقت منافساته أمس. واللافت أن الوهيبي تواجد في لبنان في موعد الاستحقاق الذي ينظر إليه الجميع باعتباره الجولة الاهم في البطولة الاقليمية، وحمل "أمانة" ارتباطه بالحدث في المستقبل، والذي يرى أنه يضمن له التواصل مع جمهور أكثر حرارة، عبر التعرف على الطرقات ومعطيات الصراعات الفنية والتقنية عليها من خلال تدريبات ميدانية راعت التدابير التنظيمية كلها، والتي عكس إعجابه الشديد بها ورأى أنها لا تختلف عن المعايير التنظيمية في أي استحقاق عالمي آخر. وآسف الوهيبي لاقتصار دوره في تجسيد "أمانة" التألق العربي الكبير في الرالي الحالي الذي لم يسبق أن شارك فيه على المتابعة البعيدة للاحداث، "إلا أنني افتقدت حيلة تغيير واقع أزمتي المالية الحالية، والتي أرى أنها تمثل واقعًا غريبًا بالنسبة إليَّ تصيبني بالاحباط الشديد بعد أعوام عدة من البروز والتألق في بطولة العالم المتطلبة". وشرح الوهيبي معاناته بالتفصيل، وأعلن أنها نتجت من عدم الموافقة السريعة على طلب حصوله على الرعاية الرسمية من سلطات بلاده بعد تقديمه ملف الرعاية المرتقبة إليها في كانون الثاني يناير الماضي، والذي تضمن محصلة مشاركاته في العام الماضي، وتفاصيل طموحاته المستقبلية، على غرار ما اعتاد في الاعوام السابقة. وأعلن الوهيبي بالتالي أن عدوى عدم تقدير الرياضات الفردية في بلاده على غرار معظم الدول العربية انتقلت إليه في شكل مفاجئ ومن دون سابق إنذار "لاسباب غير رياضية بالتأكيد تتعارض مع الاهداف التي أنشدتها دائمًا في رفع راية الحضور المميز لبلادي والبلاد العربية عمومًا، وتحقيق هدف التطور الفني والتقني من خلال الاحتكاك القوي والراقي في الاستحقاقات العالمية. وهنا لا أخفي سرًا في أن أملي الوحيد يبقى معلقًا في الالتفاتة الكريمة من السلطان قابوس بن سعيد، والتي رافقت مسيرتي دائمًا، من أجل إعادتي الى ميدان المنافسات وانتشالي من دائرة الاحباط الكبير الذي أعيشه اليوم". وأضاف الوهيبي: "أدرك جيدًا أنني أواجه صعوبات أكبر مقارنة بأي رياضي آخر في الالعاب الفردية كوني أمارس رياضة ذات تكاليف باهظة، إلا أنني ما زلت أؤمن بأن سجلي المشرف في ميدان المنافسات والذي اعتقد أنه عكس الطموحات كلها في رياضة الراليات استنادًا الى الامكانات المتوافرة لي بالتأكيد، سينتشلني من مأزقي الكبير حتى في حال جاء متأخرًا". واعتبر الوهيبي أن حال اقتران الرعاية بالمسؤولين البارزين في الرياضة العربية الجماعية أو الفردية لا يمكن تغييره اليوم، إلا بتبني المسؤولين خططًا مدروسة تعالج المشكلات كلها التي تعترض تطورها سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي، خصوصًا على صعيد تأمين التمويل المناسب. "وعمومًا لم تشكل الرعاية الرسمية لي طوال مسيرتي الرياضية إلا نقطة في بحر حاجاتي الحقيقية، إذ أنفقت نحو سبعة أضعاف المبالغ التي حصلت عليها، ما حتم وصول مسيرتي الى حائط شبه مسدود اليوم. ولا أخفي أنني طرقت معظم أبواب مصادر التمويل بنفسي ولا أزال، بالاستناد الى إنجازاتي وموقعي في هذه الرياضة، والذي أسعى للحفاظ عليه وتعزيزه، خصوصًا أنني متمسك بمسؤوليتي تجاه المشجعين الكثر، الذين يطرحون علي اليوم الاسئلة بإلحاح عن الاسباب الفعلية لغيابي". وأعلن الوهيبي رفضه مقولة عدم توافر مصادر التمويل في البلدان العربية، وخصوصًا لدى شركات النفط، "لكنني أطالب بذهنية عمل متطورة على الصعيد الجماعي تستطيع الافادة من هذه الامكانات"، في حين لفت الى أن رعاية الشركات العالمية المصنعة للسيارات لا يمكن أن تكون كبيرة في أي حال من الاحوال، باعتبار أن أسواقها الاقليمية، والتي تقترن بها استراتيجيتها الترويجية، محدودة، "علمًا أن أرباحها لا تتجاوز نظيرتها في دولة أوروبية واحدة". من هنا اعتبر الوهيبي أن النجاحات الكثيرة للسائقين العرب لا يمكن أن تشكل ضمانة اجتذاب الشركات المصنعة للسيارات إليهم، في حين أن مبادرة الدول الى تشكيل فرق لتمثيلها ظاهرة حيوية يجب أن تشمل الدول كلها، "علمًا أن مبادرة السلطان قابوس بن سعيد الى رعايتي بدءًا من عام 1998، ضمن مشروع يؤمن حضور عمان الدولي البارز، اتخذته سلطات دول عدة أخرى نموذجًا يحتذى في الاعوام الماضية على غرار بيرو والارجنتين وقطر بدءًا من العام الحالي". عالم غريب وعمومًا، رأى الوهيبي أن رياضة الراليات العربية تعيش في عالم غريب لا يوجب التكاتف المطلوب بين الجميع لتحقيق النهضة في أي رياضة مهما بلغ شأنها، "من هنا فشلت الانجازات العربية التي حققتها في منافسات بطولة العالم الى جانب الاماراتي محمد بن سليم والسعودي عبد الله باخشب في الاعوام الماضية في إحداث القفزة النوعية لتأمين الرعاية المطلوبة وتعزيز وسائل التطوير للاجيال التالية، وبناء عليه أدعو الى تغيير ذهنية العمل الجماعي المتضامن والبعيد عن الحساسيات لمعالجة هذه الثغرة التي منعت على سبيل المثال لا الحصر تشكيل فريق عربي يضمن مقومات اجتذاب مصادر التمويل غير المحلية، والمشاركة الدائمة الفاعلة في بطولة العالم، أو يطلق منافسات بطولة الشرق الاوسط للكارتنغ التي تشكل جسر عبور مثالي للسائقين البارزين، علمًا أن غالبية البطولات الاقليمية في هذه الرياضة يشارك فيها سائقون أجانب، ما يمهد ربما لتنظيم بطولة فورمولا 3000 على مستوى المنطقة، خصوصًا في ظل ظهور مشاريع تشييد حلبات في لبنان والامارات والبحرين ومصر تمهيدًا لاستضافة مراحل بطولة العالم للفورمولا واحد". وهنا أمل الوهيبي في أن يتبلور مشروع إنشاء اتحاد للسائقين العرب على أرض الواقع في المستقبل، ووضعه أطر مشاريع التطوير المستقبلية، "وهو مشروع يشهد ترحيبًا واسعًا في الكواليس". "أمانة" رالي عُمان من جهة أخرى، كشف الوهيبي أنه يحمل "أمانة" إعادة إطلاق رالي عمان الدولي في روزنامة بطولة الشرق الاوسط بدءًا من العام المقبل، تمهيدًا لادراجه في بطولة العالم للراليات بعد عامين، على هامش مارلبورو رالي لبنان الدولي الحالي، من خلال اجتماع مسؤولي أندية السيارات في المنطقة، والمقرر الاثنين المقبل، أي بعد إسدال الستار على السباق. واعتبر الوهيبي أن هذه "الامانة" تولد لديه شعور السعادة المفقودة حاليًا في مسيرته الرياضية، "علمًا أنني اعتقد أن فرصة إدراج رالي عمان في بطولة العالم كبيرة نظرًا لميزات طرقاته الفريدة في منطقة الشرق الاوسط عمومًا على غرار لبنان، كونها تتميز بطبيعة مساراتها الحصوية ضمن مراحل جبلية متعرجة في بيئة غير صحراوية".