"الحلم المحطم" عنوان كتاب الصحافي الفرنسي شارل اندرلان، مراسل القناة الثانية في التلفزيون الفرنسي منذ تسع سنوات، يروي فيه قصة فشل مسيرة السلام في الشرق الأوسط والعقبات التي واجهتها من 1995 حتى 2002. يبدأ الكتاب بيوم تشييع رئيس الحكومة الإسرائيلي اسحق رابين، ويغطي فترة تولي شمعون بيريز هذا المنصب خلفاً له. يتوقف أندرلان عند القرار المتعلق بتسريع وتيرة مسيرة السلام والانسحاب الإسرائيلي من عدد من المدن واغتيال المهندس يحيى عياش، والاغتيالات الكبرى خلال شهري كانون الثاني يناير وشباط فبراير 1996 التي أعقبت الانتخابات الفلسطينية. ويتناول قمة شرم الشيخ وهزيمة بيريز الانتخابية بعد عملية "عناقيد الغضب"، ويستعرض مطولاً فترة تولي بنيامين نتانياهو رئاسة الحكومة الإسرائيلية والسياسة التي اعتمدها وسياسة الفلسطينيين. ويعرض أيضاً بالتفصيل ما دار خلال المفاوضات السورية - الإسرائيلية في واي بلانتيشن وكيف توقفت، ويروي وقائع قمة واي ريفر بين رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات ونتانياهو، ثم ينتقل إلى فترة تولي ايهود باراك رئاسة الحكومة الإسرائيلية. يروي أندرلان في كتابه كيف تم التوصل إلى مذكرة تفاهم في شرم الشيخ، وكيف عمل باراك بعد ذلك على صرف انتباهه عن الملف الفلسطيني وتوجيهه نحو الملف السوري. ويتطرق إلى المفاوضات السرية التي دارت بين الجنرال الإسرائيلي اوري ساغي والمستشار القانوني في وزارة الخارجية السورية رياض الداودي في بون سويسرا، ثم في واشنطن بين ساغي والجنرال إبراهيم عمر، أحد كبار المسؤولين في الاستخبارات السورية. ويكشف أندرلان أن الجنرالين حاربا على جبهة الجولان سنة 1967. ويقول إن ساغي كان مقتنعاً بأن السلام مع سورية في متناول اليد، إلا أن صحيفة "يديعوت احرونوت" نشرت تحقيقاً أفاد أن 54 نائباً إسرائيلياً يعارضون الانسحاب من الجولان، فيما أيده 53 نائباً، وأعرب ثلاثة وزراء إسرائيليين هم: شلومو بن عامي وأمنون شاحاك وماتان فيلناي عن موقف متردد من الموضوع. ويقول أندرلان إنه لدى هبوط طائرة باراك في واشنطن في 15 كانون الأول ديسمبر، استدعى مارتن انديك، الذي كان في حينه مساعداً لوزير الخارجية الأميركي، ليبلغه ان المشاكل التي يواجهها في إطار تحالفه الحكومي تحول دون موافقته على الاتفاق الذي كان قيد التفاوض مع سورية. ويذكر أن مفاوضات "بلير هاوس" بدأت على رغم أن الجانب الأميركي كان على علم مسبق بأن باراك لن يوقع اتفاقاً مع السوريين. وينتقل إلى قمة الرئيسين الأميركي بيل كلينتون والسوري حافظ الأسد في جنيف، ليظهر كيف أعد الأميركيون والإسرائيليون بشكل سيئ لهذا الاجتماع وما تخلله وكيف عاد باراك وصرف اهتمامه عن الملف السوري ليوجه الجهود نحو الملف الفلسطيني. ويتضمن الكتاب مجموعة من المحاضر التي لم تنشر من قبل، ويعرض كيف وعد باراك عرفات بالقرى المحيطة بالقدس، ولم يف بوعده، فينقل عن مستشار الأمن القومي الأميركي في حينه ساندي بيرغر قوله للإسرائيليين في واشنطن انهم يحطمون الثقة. ويخصص أندرلان حوالى 80 صفحة من كتابه لتفاصيل قمة كامب ديفيد، بناء على شهادات المشاركين فيها، تحت رعاية ديبلوماسي أميركي، لم يكشف عن اسمه. الكتاب وثيقة تاريخية لصحافي يتكلم العبرية ويعرف إسرائيل والمناطق الفلسطينية معرفة جيدة. وصوّر اندرلان كل اللقاءات التي أجراها خلال إعداد الكتاب، ويعتزم استخدامها في فيلم وثائقي. وعن التشاؤم الشديد الذي يتسم به كتابه بالنسبة إلى تطور الوضع الفلسطيني - الإسرائيلي، قال أندرلان ل"الحياة" إن شعبية شارون تنبع من شعور الإسرائيليين بغياب الأمن وخوفهم من العمليات، وانه طالما بقي هذا الخوف قائماً، فإنهم سيبقون على تأييدهم لشارون الذي يعتمد سياسة أمنية ناشطة. ولاحظ أن في إسرائيل يقظة يسارية، لكنها محدودة من جراء الوضع الأمني الذي يشكل كارثة على الإسرائيليين، وكارثة أكبر على الفلسطينيين. وأكد أن شارون غير مهتم بأي مفاوضات أو اتفاق مع سورية، كونه مقتنع بضرورة الاحتفاظ بالجولان، وردد مراراً أن "حرب سنة 1983 مستمرة"، ويريد التمسك بالجولان ووادي الأردن والابقاء على مناطق أمنية في الضفة الغربية وبقاء المستوطنات في غزة والتمسك بالقدس عاصمة موحدة لإسرائيل. وتوقع أندرلان شن إسرائيل هجوماً كبيراً على "حزب الله" وسورية، إذا نفذ الحزب عمليات كبرى في منطقة شبعا.