أنهى المخرج السوري هيثم حقي منذ أيام تصوير مسلسله الجديد "ردم الاساطير". وهو مسلسل بوليسي - اجتماعي على خلفية سياسية، وقد يكون الأول من نوعه في الدراما التلفزيونية السورية، وحتماً الاول في موضوعه. فالمسلسل يظهر من خلال ثلاثين حلقة صراع العرب الحضاري مع العدو الصهيوني. تقع احداث المسلسل بين عامي 1982 و1984 وهي فترة خطيرة في تاريخ سورية ولبنان، ففيها جرى اجتياح لبنان ومحاولة التسلل الى تنقيبات مدينة "ايبلا" وتجيير مكتشفاتها لمصلحة العدو في صراع استخدمت فيه كل الاسلحة من اجل تحقيق هدف الصهيونية باثبات وجودها التاريخي في المنطقة وهو ما كذبته كل المكتشفات الاثرية. والمسلسل يقدم هذا الصراع من خلال قصص انسانية فردية وهو الخيار الذي غالباً ما ميز اسلوب هيثم حقي في المعالجة الدرامية، فهو يحافظ دائماً على الايقاع السردي الحياتي لشخصيات مسلسلاته وعلى اهمية وجودهم الواقعي القريب من صورة البشر العاديين. واذا كان المسلسل على هذا القدر من التأريخ والسياسة فإن هيثم حقي يعرف بنبرته الخافتة كيف يدخل الاحداث في حيز درامي مختلف فتتحرك الأفكار الكبرى تحت سطح المشهد ويذوب ثقلها الايديولوجي في الايقاع العام للعمل من دون مبالغة او تهويل بصري او فكري. صور المسلسل بين لبنان وسورية واشترك في تمثيله: خالد تاجا، عباس النوري، سلاف فواخرجي، نادين، صباح عبيد، عمر حجو وكثيرون غيرهم من سورية، إضافة الى ورد الخال ومي صايغ وماغي ابو غصن من لبنان. وهو من تأليف عبدالرحمن الضحاك وسيكون جاهزاً للعرض في نهاية تموز يوليو المقبل ومن المتوقع توزيعه كمسلسل رمضاني. ومن المعروف انه سبق لحقي ان اخرج في لبنان مسلسل "رماد وملح". وعن العلاقة بين "ردم الاساطير" وأعماله السابقة التي تناولت الصراع مع العدو الصهيوني يقول حقي: انه "يختلف عنها بزاوية الرؤية وموضوع الصراع الذي هو هنا صراع حضاري لا صراع ارض واحتلال فقط. ففي مسلسل "عز الدين القسام" الذي اخرجته عام 1980 كان الحديث عن الكفاح المسلح باستعادة مسيرة المجاهد القسام خصوصاً بعد كامب ديفيد، اما مسلسلا "هجرة القلوب الى القلوب" و"الايام المتمردة" فيتعرضان جزئياً لهذا الموضوع من خلال تاريخ سورية، اما مسلسل "رماد وملح" فهو يتناول الصراع في علاقته بالحرب الاهلية اللبنانية وتأجيج العدو للصراعات الطائفية ووقوف الشعب اللبناني في وجه هذا الاجتياح والتبشير بانتصار المقاومة". هيثم حقي الآتي الى التلفزيون من الاخراج السينمائي يتابع في عمله الجديد مزج مخيلته السينمائية ورؤيته الفكرية بمعطيات الدراما التلفزيونية في محاولة جادة لكسب تأثير لغة التلفزيون وهو الامر الذي نجح فيه على مدى مسلسلات كثيرة باتت تشكل سيرة تلفزيونية لمخرج عرف كيف ينحاز الى الواقع ويصوره كنشيد يومي وحياتي لا ينتهي.