واشنطن - رويترز، أ ف ب - رأى محللون في واشنطن أن الرئيس الاميركي جورج بوش انحاز في حديثه الذي طال انتظاره عن الشرق الاوسط الى موقف مستشاريه من انصار اسرائيل بدعوته لقيادة فلسطينية جديدة محل الرئيس ياسر عرفات. غير انهم اعتبروا انه لم يتضح ما اذا كان بوش اخمد أخيراً المعركة الدائرة بين المتشددين والمعتدلين داخل ادارته والتي كثيراً ما شلت عملية صناعة القرار في ما يتعلق بالصراع الاسرائيلي - الفلسطيني وقضايا رئيسية اخرى في السياسة الخارجية مثل كوريا الشمالية والعراق. وأيدت لجنة الشؤون العامة الاسرائيلية - الاميركية، أكبر جماعة ضغط موالية لإسرائيل في اميركا، حديث بوش وقالت ايمي بريدكين رئيسة اللجنة انه "يوضح ان الدولة الفلسطينية لن تقام بالارهاب بل بالاصلاح". لكن جيمس زغبي، رئيس المعهد العربي - الاميركي، وصف حديث بوش بأنه "كارثة حقيقية". وأضاف: "بدا وكأنه حديث عاطفي ثم ألغى العاطفة بايديولوجية المحافظين الجدد واضعاً عقبات مستحيلة في طريق تحقيق الفلسطينيين أبسط اهدافهم وهو اقامة دولة موقتة". وقال ان الحديث "اعاد الديبلوماسية الاميركية عقوداً إلى الوراء. شعرت صراحة بالدهشة من ان تنتصر وزارة الدفاع وتهزم وزارة الخارجية هزيمة منكرة في هذا الامر". وانتقد هنري سيغمان من مجلس العلاقات الخارجية الخطاب كذلك قائلاً: "المتشددون هم الذين يسودون، واطار العمل الجديد سيكون غير فعال على الاطلاق" في انهاء العنف. واعتبر سيغمان ان بوش فشل في طمأنة الفلسطينيين إلى أن الدولة التي ستدعمها الولاياتالمتحدة بعدما يتعامل الفلسطينيون مع قضايا الارهاب واصلاح السلطة "هدف يستحق الانتظار". وتابع: "ان تتحدث عن ان اقامة الدولة امر ظاهر في الأفق مسألة تختلف عما قاله بوش الذي عزز شكوك الفلسطينيين" في ان الافق يتراجع كلما اقتربت منه. ويقول الخبراء ان حديث بوش لم يحدد متى سيعقد مؤتمر السلام في الشرق الاوسط الذي اقترحه باول او ما اذا كان سيعقد اصلاً، ولم يورد التزاماً واضحاً أو خطة لمشاركة اميركية مستمرة في عملية السلام حتى يبدأ الفلسطينيون بالعمل أولاً. وقال ايفو دالدر من معهد بروكينغز المساعد السابق للرئيس بيل كلينتون: "لا اعتقد ان هناك ما يشير الآن الى ان الخط الذي يمثله وزير الخارجية كولن باول ما زال موجوداً". وقال مسؤول أميركي بارز: "اعتقد ان السبب هو استمرار تباعد وزارة الخارجية عن اسلوب تفكير بقية الوزارات. انهما معسكران منفصلان تماماً". واضاف إن "محاولة تسوية الخلافات أو التوصل الى سياسة متجانسة مضيعة للوقت. انها مشكلة ظهرت في ما يتعلق بالعراق وبالشرق الاوسط". وقال محلل جمهوري إن هذا الصراع الداخلي "يؤثر في السياسة بدرجة كبيرة لأنك لا تعرف من الذي سينتصر في أي يوم معين. والرئيس يتأرجح بين المعسكرين". وقوبلت تصريحات الرئيس الاميركي بلهجة تميل الى الانتقاد في عدد من الصحف الاميركية الكبرى التي وصفت هذه التصريحات بأنها "مقاربة من جانب واحد". وتحدثت صحيفة "واشنطن بوست" عن دعوة الرئيس الاميركي "الى قيادة ومؤسسات فلسطينية جديدة" قائلة ان بوش لم يستطع ان يكون واضحاً في شأن تحفظات اسرائيل حيال تشجيع حل يمر عبر التعايش بين دولتين اسرائيلية وفلسطينية. وأضافت الصحيفة: "اذا لم يملأ الخطاب هذه الصفحات البيض فإن الخطر"، يكمن في ان يتحول الى "مادة محفوظات" فيما يستمر العنف ويتصاعد. وكتبت صحيفة "نيويورك تايمز" ان الخطاب يمثل "خطة من دون خريطة" متفقة مع "واشنطن بوست" على ان اقتراحات بوش احادية الجانب. واضافت "ان الاسرائيليين والفلسطينيين بحاجة الى خريطة طرق يبدو فيها ان ما يقدمه اي طرف من تنازل يتبعه تنازل من الطرف الاخر". وأكدت الصحيفة ان "الخطاب لم يقدم الكثير في شأن هذه النقطة". وتابعت: "يبدو ان بوش لا ينتظر شيئاً على الفور من الاسرائيليين مستبعداً أي تحسين في حياة الفلسطينيين طالما بقي ياسر عرفات" في السلطة.