افرز لقاء عقده القادة التاريخيون لتنظيم "الجماعة الإسلامية" في مصر والذين يقضون عقوبة السجن في قضية اغتيال الرئيس انور السادات مع مجلة "المصور" الحكومية تفاعلات شديدة داخل التنظيم، الى درجة ان احد قادته محكوم غيابياً بالاعدام يقيم في أوروبا، اعلن قطع صلته بالتنظيم، فيما فند اصولي بارز لاجئ في هولندا ما ذكره القادة التاريخيون من معلومات. لكن لوحظ ان كل الردود لم تصل ابداً الى حد الرجوع عن النهج السلمي الذي تبناه التنظيم. وبدا أن الخلافات تتعلق بالتفاصيل، وأن الاجماع على مواصلة النهج السلمي لازال قائماً. وكان القادة التاريخيون اعلنوا انهم مدانون باعتذار للشعب المصري عن "الجرائم" التي ارتكبها عناصر التنظيم في عقد التسعينات، وحملوا زملاءهم في الخارج المسؤولية عن مذبحة الاقصر في تشرين الثاني نوفمبر 1997، وشرحوا الاسس التي استندوا اليها في تحولهم السلمي واطلاقهم مبادرة سلمية أفضت إلى قرار اتخذه "مجلس شوى" التنظيم في آذار مارس العام 1999 قضى بوقف شامل للعمليات العسكرية داخل مصر وخارجها، وشرحوا ما جاء في اربعة كتب طرحوها بداية العام الجاري تتناول أسانيد شرعية وعملية للتوجه السلمي. وجاء رد الفعل الأقوى من جانب القيادي البارز أحمد مصطفى نواوة المحكوم غيابياً العام 1992 بالاعدام امام محكمة عسكرية في قضية "العائدون من افغانستان" واللاجئ حالياً في هولندا. إذ اعلن قطع كل صلاته ب"الجماعة الاسلامية". واعلن في بيان بثه على شبكة الانترنت: "اقولها وأنا مطمئن القلب نعم لوقف الدماء، دماء ابناء الشعب المصري، نعم للم الشمل، نعم للحب، نعم ونعم، نعم للعائلة الواحدة، واقول لمن اخطأ وسار على خطئه اكثر من عقدين من الزمن كفى، اتقِ الله فينا، اتق الله في شعب مصر واخرج من حياتنا وحياتهم من غير رجعة وكفى جهلاً بالواقع، ولا للغش والخديعة، واكون اول من يقول لأهل مصر عموماً واهل بلدتي ديروط خصوصاً انني لا احمل لكم اي كراهية او حقد ولم احمل السلاح يوماً على احدكم، ولا حتى بالتلميح خنتكم، والله على ما اقول شهيد، واقول وبالله التوفيق، اعلن قطع كل علاقتي بالجماعة الاسلامية داخل وخارج مصر والله على ما اقول شهيد". واضاف: "ها هم اعترفوا انهم كانوا على خطأ وانهم كانوا في ضلال وهداهم الله، فاسمحوا لي بما اني مواطن مصري ان اقول نعم لمبارك ولا وألف لا للجماعة الاسلامية لا للجماعة التي كانت نائمة لمدة عقدين من الزمن، لا للجماعة التي ضللت ابناءها، ولا للجماعة التي خانت عدها، ولا للقيادة التي تفضل نفسها. قال الشيخ ناجح ابراهيم مدعياً، ان عملية الاقصر من مسؤولية اعضاء الجماعة في الخارج، وهذا كذب وخلط للاوراق والجميع بمن فيهم اجهزة الامن يعلمون ان الجماعة غير مسؤولة عن هذه العملية ولكن من باب إن جاء الطوفان ضع ابنك تحت رجلك". وفي السياق ذاته رد الاصولي البارز اسامة رشدي اللاجئ في هولندا والذي وضعته مصر العام 1998 ضمن لائحة ضمت 14 اصولياً اعتبرتهم "اخطر الارهابيين المقيمين في الخارج" على ما جاء في حديث القادة التاريخيين، وكتب في موقع "المحروسة" الذي يديره على شبكة الانترنت، "سألني البعض على ما نشر حول حادث الاقصر لكوني سبق ان تصديت للموضوع وكتبت فيه من قبل ودخلت بسببه في مواجهة وصلت لحد التراشق الاعلامي بيني وبين الشيخ رفاعي احمد طه، والذي أنا متأكد منه يقيناً ان هذا الحادث كان معزولاً، وان من قاموا به قتلوا جميعاً، وثبت عندي ان طه عندما اصدر بيان التبني في نفس ليلة الحادث، ارتكب خطأ كبيراً لانه كان قد سمع بالموضوع من الاذاعة ولم يكن لديه اي علم مسبق او اي مسؤولية عما حدث، ولكنه اجتهد في محاولة توظيف الحادث سياسياً. وكان هذا موقفا غير موفق منه وادخل الجماعة في متاهة كبيرة وحملها وزر ما لا تستطيع أو يمكنها تحمله من الفساد المترتب على قتل كل هذا العدد من الاجانب الذين ليس لهم ناقة ولا جمل في هذه القضية". واضاف رشدي "ان الشباب الذين قاموا بحادثة الاقصر تصرفوا تحت ضغط الظروف والممارسات التي كان يتعرضون لها". واعتبر ان ما جاء على لسان القادة التاريخيين من ان تخطيط العملية جاء من الخارج "فيه ظلم كبير للشيخ رفاعي طه نفسه والذي تسلمه النظام اخيراً من النظام السوري... ورغم اختلافي الكبير يومها مع الاخ طه اقول إن خطأه كان فقط في اصدار بيان التبني ومحاولة توظيف الحدث سياسياً وقد يكون اراد ايضا بتبنيه رغبة التشويش على المبادرة ووأدها في مهدها لأنه كان يعرف بالتأكيد ان هذا الحدث سيمثل منعطفاً خطيراً سيصعب تجاوزه وهو ما اختلفنا معه فيه ايضاً". وعن الخلاف على معلومات تتعلق بالجانب المتسبب في عنف التسعينات، قال رشدي "إذا كان البعض مُصر على نبش هذا الماضي ومعرفة الحقيقة فلماذا لا نفعل مثل الدول المتحضرة فتتشكل لجنة تقصي حقائق يسمح لها بالاطلاع على كل الملفات والاستماع لكل الشهود لتضع تقريرها عما حدث في الفترة ما بين عام 1988 وعام 1998". ووجه عتاباً الى القادة السجناء قائلاً : "تجربة هؤلاء الشباب، امثال الشيخ كرم زهدي وناجح ابراهيم، الذين بدأوا فكرهم ودعوتهم على مخالفة الاخوان واتهامهم بالتقصير والبحث والتنقيب في تاريخهم وتجربتهم، هذه التجربة ستتكرر حتماً في حقهم وسيخرج من يتجاوزونهم ويتهمونهم بما اتهموا به من سبقهم ويزيدون. فهل أدرك الاخوة عواقب ذلك على صورتهم وعلى رصيدهم في قلوب اخوانهم ومحبيهم ممن يعرفونهم وممن سمعوا بهم؟. نعم لقد تحمل هؤلاء الاخوة ما لا يمكن وصفه بكلمات على مدى الواحد والعشرين سنة الاخيرة، ولكن هل يبرر ذلك هذا الانقلاب الحاد على الثوابت التي كان ينبغي الاستمساك بها؟!".