القدس المحتلة، الناصرة، واشنطن، نيويورك، لندن - "الحياة" - اتصل الرئيس جورج بوش برئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون امس معزياً اثر العمليتين الانتحاريتين في القدس، معرباً عن تصميمه على "العمل من اجل السلام والامن لاسرائيل والفلسطينيين". ورداً على نداء الرئيس ياسر عرفات الذي رفضته حركتا المقاومة الاسلامية "حماس" و"الجهاد" لوقف العمليات ضد المدنيين الاسرائيليين قال بوش انه يريد "افعالاً لا اقوالاً". واتصل وزير الخارجية الاميركية كولن باول بنظرائه في دول عربية واوروبية وحضهم على العمل لتأمين مناخ يتيح لبوش عرض وجهة نظره لتسوية النزاع في الشرق الاوسط. وفيما اعتبر الامين العام للامم المتحدة كوفي انان ان حل ازمة الشرق الاوسط مرتبط "اولاً وقبل كل شيء بتفكيك اسرائيل مستوطناتها في الاراضي الفلسطينية ووضع حدٍ لاحتلالها"، دعا وزير الخارجية السوري فاروق الشرع الى جدول زمني واضح لعملية السلام في الشرق الاوسط. واستدعت اسرائيل جزءاً من قوات الاحتياط، في مؤشر الى نيّتها احتلال الاراضي الفلسطينية مدة طويلة، ووضع شارون السلطة في "محور الشر" متهماً ايران وسورية والعراق واسامة بن لادن بدعمها. بثت الاذاعة الاسرائيلية الرسمية امس ان الجيش أصدر أوامر عاجلة لاستدعاء جزء من الاحتياط، فيما توغلت قواته في عدد من المدن والقرى الفلسطينية وفرضت سيطرتها التامة على قلقيلية وجنين وطولكرم وبيت لحم وبيتونيا رام الله. وجاء في بيان اصدره الجيش امس ان هذه القوات ستبقى في المناطق التي احتلتها الى ان "يتحقق هدف العمليات". وأعلن رائد عباس، أحد مسؤولي "الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين" ان وحدة عسكرية اسرائيلية دمرت مقر هذه الجبهة الرئيسي في جنين. وهاجم مسلحون فلسطينيون مساء امس مستوطنة ايتامار قرب مدينة نابلس، فقتلوا اربعة اسرائيليين وأوقعوا عدداً من الجرحى قامت المروحيات الاسرائيلية بإخلائهم. وذكر ان المسلحين تحصنوا في احد المنازل حيث حاصرتهم قوات اسرائيلية وتبادلت معهم اطلاق النار. وأضافت الاذاعة ان الحكومة تدرس عدداً من الخيارات وفي مقدمها توسيع نطاق الاحتلال "ليخرج عن الرد المتبع بعد كل عملية انتحارية"، أو القبول بتوصية رئيس جهاز الأمن العام شاباك آفي ديختر اعادة احتلال كامل أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة والبقاء فيها حتى الانتهاء من اقامة المناطق العازلة والسياج الأمني. واضافت ان عدد الوزراء المطالبين بنفي الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات يرتفع بعد كل عملية و"هناك من يطالب بتصفيته جسدياً". ولفتت الاذاعة الى ان وزير شؤون البيئة تساحي هنغبي يعكف على بلورة اجراءات لمعاقبة عائلات الاستشهاديين أو تهجيرها. واتهم شارون في خطاب ألقاه أمس امام أعضاء الكونغرس الصهيوني المجتمعين في القدس كلاً من طهران وبغداد ودمشق واسامة بن لادن بدعم السلطة الفلسطينية "التي تقف وراء موجة الارهاب الأخيرة"، وقال: "نزلت بنا في اليومين الأخيرين، ضربات مؤلمة في القدس، ان شعبنا يواجه وقتاً عصيباً ولحظات طارئة واسرائيل تعاني منذ 21 شهراً من هجوم ارهابي بشع، فيما تتأجج موجة الكراهية واللاسامية في الخارج". لكن بن اليعيزر، قال ان ليس أمام اسرائيل خيار سوى تعميق تواجدها العسكري في الأراضي الفلسطينية "لمحاربة أوكار الارهاب"، مضيفاً، في حديث الى الاذاعة ذاتها انه يعارض السيطرة الدائمة على هذه المناطق وتحمل اسرائيل مسؤولية ادارة شؤون المدنيين من جديد. وزاد انه يعارض نفي الرئيس الفلسطيني لأن اجراء كهذا سيعزز مكانته "فضلاً عن ان النفي كالغارات الجوية على أهداف فلسطينية لن يسفر سوى عن تصعيد الارهاب وسفك الدماء". مضيفاً ان حل النزاع لن يتحقق إلا من خلال ايجاد أفق سياسي. وردّ البيت الابيض امس بتحفظ على النداء الذي اصدره عرفات في بيان بوقف العمليات التي تستهدف المدنيين الاسرائيليين وأكد ان بوش يريد "افعالاً وليس اقوالاً". وقال الناطق باسم البيت الابيض آري فلايشر "ان التقدم الذي يتوقعه الرئيس يتمثل في الافعال. ان التقدم الذي ينتظره الرئيس ليس في الاقوال فحسب. بل يجب ان تكون الافعال ملموسة وما زال ينتظرها". وكان بوش استدعى امس كبار مستشاريه لمناقشة الخطوات التي سيتخذها في ما يتعلق بقضية الشرق الاوسط وقال رداً على سؤال عن خطته لإقامة الدولة الفلسطينية انه سيعلنها "في الوقت المناسب". واضاف مخاطباً اجتماعاً خُصّص لجمع التبرعات للحزب الجمهوري "اعتقد بأن هذا البلد العظيم اذا وقفنا صامدين وتمسكنا بمبادئنا، نستطيع المساعدة في تحقيق السلام". وأكدت "حماس" امس انها مستمرة في المقاومة الى حين "رحيل الاحتلال" عن الارض الفلسطينية على رغم نداء عرفات الذي دعا فيه الى وقف العمليات. وقال اسماعيل هنية، احد قادة "حماس" ان "القاعدة التي تنطلق منها الحركة هي ان طالما هناك احتلالاً فمن حق شعبنا ان يقاوم". اما نافز عزام وهو من قادة "الجهاد" فقال: "نحن في عملية دفاع مشروعة عن النفس. اسرائيل هي التي تقتل الاطفال والنساء الابرياء. هذه الحرب فرضت علينا وسنقاوم" ودعا الشرع الى جدول زمني واضح لعملية السلام كأساس لمؤتمر دولي لحل النزاع العربي الاسرائيلي، خلال رئاسته اجتماعاً مغلقاً لمجلس الامن امس الخميس للاستماع الى تقرير من الامين العام كوفي انان. وشدد انان من جهته على ضرورة معالجة المؤتمر الدولي "للقضايا الرئيسية والاساسية" للتوصل الى "تسوية نهائية ودائمة". وقال ان تحقيق هذا الهدف يتطلب العمل على الاصعدة الامنية والاقتصادية والسياسية "بجهود متوازية ومن دون شروط مسبقة"، واكد "اننا في حاجة الى أطر زمنية واضحة وقابلة للتحقيق".