شهدت الاراضي الفلسطينية أمس تدهوراً في الوضع الانساني واضطر مستشفى رام الله الى دفن جثث شهداء تعذر تسليمها الى ذويها في حديقته. وواكب ذلك تصعيد للهجوم الاسرائيلي الشامل في الضفة الغربية واتهامات من حركة المقاومة الاسلامية حماس لرئيس جهاز الامن الوقائي في الضفة الغربية العقيد جبريل الرجوب ب"تسليم" ناشطين من الحركة الى القوات الاسرائيلية لدى مهاجمتها مقره قرب رام الله. راجع ص 3 و4 و5 وقال نبيل ابو ردينة، مستشار الرئيس الفلسطيني، تعقيباً على اعلان رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون انه مستعد "لاعطاء تذكرة باتجاه واحد" للرئيس ياسر عرفات لمغادرة مقره المحاصرفي رام الله الى خارج فلسطين ان عرفات "لم يلتفت حتى الى هذه التصريحات التي تؤكد ان شارون فقد عقله". واضاف ان "الرئيس سيبقى في وطنه وعلى ارضه يقود شعبه وعلى شارون ان يوقف عدوانه ومجازره ضد الشعب الفلسطيني". وجاء اعلان شارون عن رغبته في ابعاد عرفات بينما كانت حشود من القوات الاسرائيلية تستعد لاجتياح مدينتي نابلس وجنين بعد استباحة بيت لحم بيوتاً ودر عبادة. واعلن الكرملين في بيان ان الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والاميركي جورج بوش عبرا في محادثة هاتفية بينهما، عن قلقهما الكبير حيال الوضع في الشرق الاوسط. وقال البيان ان رئيسي الدولتين "عبرا عن قلقهما الاكبر من التدهور الذي لا سابق له للوضع بين الفلسطينيين والاسرائيليين واتفقا على توحيد جهودهما في اطار عملية السلام في الشرق الاوسط". وفي حين رفض وزير الخارجية الاميركي كولن باول كلام شارون عن ابعاد عرفات، قال انه يتوقع ان يستمر توغل الجيش الاسرائيلي في رام الله اسبوعين آخرين. واضاف ان لعرفات دورا مهما في عملية السلام في الشرق الاوسط ولا ينبغي اخراجه الى المنفى. ورد ناطق باسم المفوضية الاوروبية على تصريحات شارون بالقول ان عرفات هو "محاورنا في اي مفاوضات". وازدادت الاعتداءات الاسرائيلية واتسع نطاقها امس الى درجة ان الولاياتالمتحدة قررت السماح لعائلات ديبلوماسييها المعتمدين في قنصليتها في القدس بمغادرة اسرائيل. وقال مسؤول في وزارة الخارجية الاميركية طالباً عدم ذكر اسمه: "لقد سمحنا بمغادرة العائلات" وستتحمل الدولة الاميركية نفقات الترحيل. واشار هذا المسؤول الى ان القرار اتخذ اول من امس بسبب مضاعفة العمليات الانتحارية في اسرائيل وتصاعد العنف بين الاسرائيليين والفلسطينيين في الاراضي الفلسطينية. وتجلى تصاعد العدوان الاسرائيلي في وسط مدينة بيت لحم حيث اطلقت قوات الاحتلال نيرانها بغزارة في ساحة كنيسة المهد فضربت القذائف الاسرائيلية كنيسة في بيت لحم واصابت الكاهن جاك اماتيس بجروح بالغة الخطورة كما اصابت ست راهبات بجروح داخل الدير في بيت لحم، ودمرت تمثال السيدة مريم العذراء وقصفت بشدة محيط ساحة المهد. وفي طولكرم قصفت القوات الاسرائيلية احد المساجد. وقبل ساعات من تصريح شارون برغبته في ابعاد عرفات بدأت قواته العسكرية في الثالثة صباحا قصف مقر جهاز الامن الوقائي في الضفة الغربية القائم على المشارف الغربية لمدينة رام الله. وحمل الدكتور عبد العزيز الرنتيسي، احد كبار قادة "حماس" الرجوب مسؤولية تسليم "مطلوبين" لاسرائيل من الحركة، ورد عليه الرجوب بأن كلامه "عار عليه". ووصف الرجوب ل"الحياة" ما حصل قائلاً: "كان في المقر نساء وعائلات ومدنيون عندما بدأ الاسرائيليون بقصف المقر بالطائرات والدبابات على مدى 15 ساعة، قلنا للجميع غادروا. وكان من بينهم من اراد البقاء وقاتل معنا". وأضاف انه جرى الاتفاق مع الاميركيين على وقف النار لكن الاسرائيليين جددوا القصف بعد عشرين دقيقة. وزاد ان الاسرائيليين اعلنوا انهم لا يريدون وقف النار و"الشباب كانت اوامرهم الدفاع حتى الرمق الاخير. لكن نفد ما عندهم من طعام وماء". ونفى الرجوب ل"الحياة" نفياً قاطعاً "حصول اتفاق تسليم او استسلام"، كما نفى وجود "مطلوبين كبار لاسرائيل" في مقره. وذكر ان الذين كانوا داخل المقر يُقدّرون ب300-400 وبينهم عائلات و60 فتاة. وعلى صعيد ردود الفعل الدولية، قال منسق السياسة الخارجية الأوروبية خافيير سولانا أمس ان الوقت حان لكي يفسح شارون وعرفات "الفرصة لجيل جديد من القادة". وأضاف انهما خاضا "مواجهات كثيرة في السنوات الأخيرة وهناك أمور شخصية بينهما في هذه المعركة". وجدد وزير الخارجية الفرنسي هوبير فيدرين دعوته الى ارسال مراقبين دوليين الى الأراضي الفلسطينية "بعد الخروج من الجحيم الحالي"، وأعرب عن ذهوله للتناقض الصارخ بين قرار مجلس الأمن 1402 الذي يدعو اسرائيل الى الانسحاب والواقع على الأرض. واعترف بأن الأوروبيين منقسمون. وفيما أعلن وزير الخارجية الاسباني جوزيب بيكه أمس انه سيدعو وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الى اجتماع عاجل لمناقشة الوضع في الشرق الأوسط، اعترفت الناطقة باسم الاتحاد ايما ادوين بعجز الأوروبيين عن اطلاق أي مبادرة، مستبعدة اتخاذ أي قرار بتعليق اتفاق الشراكة مع اسرائيل. وعلى الصعيد العربي، يعقد وزراء الخارجية العرب اليوم اجتماعاً طارئاً لدرس اجراءات التصدي للعدوان الاسرائيلي. واكد وزير التخطيط والتعاون الدولي الفلسطيني نبيل شعث وجود اجماع على المشاركة في الاجتماع.