رام الله الضفة الغربية - أ ف ب - هذا هو المخرج الوحيد من كانتون رام الله: طريق يبرود او كما يطلق الفلسطينيون عليه تندراً تورا بورا حيث شقت جرافة على وجه السرعة بطن الجبل وبات على السيارات المغادرة والقادمة ان تعبر من دون الالتفات الى سلامة المسافرين. وحسب مقاييس العيش في مناطق حولها الجيش الاسرائيلي الى معازل وكانتونات، تغيرت الالويات وبات التنقل من مكان الى اخر كابوسا يقض مضاجع نحو ثلاثة ملايين فلسطيني يقيمون في الضفة الغربية وقطاع غزة. وتقتضي رحلة من رام الله الى اريحا شرقا 45 كيلومتراً باتجاه المعبر الحدودي مع الاردن نحو ست ساعات يتخللها سير على الاقدام وعبور طرق وعرة مثل طريق يبرود الذي تخفق معظم السيارات في عبوره. واكثر من ذلك احتمال ان تصل مشارف اريحا ولا تتمكن من دخولها في يوم تحتجز فيه دوريات الجيش الاسرائيلي السيارات المسافرة عبر الطرق الترابية واستخدامها حواجز لمنع المسافرين الاخرين من المرور. ويبقى الانتقال من اي نقطة في الضفة الغربية باتجاه الحدود مع الاردن، على صعوبته، يسيرا مقارنة بالتنقل بين مناطق الضفة المختلفة وشبه مستحيل بينها وبين قطاع غزة. واكد محمد صادق الذي يعمل في احد المصارف في رام الله وسط ويقطن قرب مدينة جنين شمال انه يضطر الى الاقامة في رام الله شهرين أو ثلاثة قبل ان يفكر بالعودة الى عائلته في جنين. واضاف ان الانتقال من رام الله الى جنين يتطلب سفر يوم كامل وعبر طرق وعرة يواصل الجيش الاسرائيلي اغلاقها الامر الذي يزيد احتمال عدم الوصول. ومنذ اندلاع الانتفاضة قبل نحو عامين والخطة الاسرائيلية بتقسيم المناطق الفلسطينية الى كانتونات ومعازل قائمة. ويقول المؤرخ العسكري الاسرائيلي مارتن فان كرفيليد "لدى ارييل شارون خطة ويعمل على تطبيقها وسيطبقها .. لقد عمل شارون دوما بهذه الطريقة وكان له ما اراد". ويضيف: "يؤمن شارون ان القضاء على الارهاب يقتضي شل حركته على رغم انه يعلم ان 99 في المئة من الفلسطينيين لا علاقة لهم بالعمل المسلح فإنه لا يكثرت بعواقب تطبيق هذه السياسة على السكان". واشار كرفيليد ان شارون اتبع الاسلوب نفسه في قطاع غزة اوائل السبعينات عندما شن حملته العسكرية على المقاومة الفلسطينية هناك. وخلال الانتفاضة الحالية عمل الجيش الاسرائيلي على خلق منطقة عازلة بعمق 500 متر على حدود قطاع غزة البرية. وليس الأمر جديداً بالنسبة الى شارون اذ شرع في اولى خطوات الفصل والعزل هذه منذ 1982 عندما شغل منصب وزير الدفاع وفي 1990 عندما كان وزيراً للاسكان في حكومة رئيس الوزراء السابق اسحق شامير. ويقول الخبير الجغرافي خليل التفكجي "بدأ شارون العمل على تقسيم الضفة الغربية الى كانتونات منذ 1983 وهو الآن في المراحل الاخيرة لخطته مع وجود ثمانية كانتونات على ارض الواقع". ويقوم حوالى 25 حاجزاً عسكرياً ثابتاً وأكثر من 80 حاجزاً موقتا بخدمة هذه الكانتونات في حين تستعد اسرائيل لاقامة جدار يفصل على طول الخط الاخضر الوهمي بين حدودها والمناطق الفلسطينية. وفي ايلول سبتمبر الماضي ضم الجيش الاسرائيلي منطقة فيها 11 قرية من قرى منطقة طولكرم المحاذي للخط الاخضر لاسرائيل حيث يقيم نحو 20 الف فلسطيني ضمن خطة اقامة الجدار. ويقول المؤرخ كرفيليد "ليس من حل سوى اقامة الجدار، الرأي العام في اسرائيل يؤيد اقامته وشارون سيجعله حقيقة على الارض".