لندن - "الحياة"، أ ف ب، رويترز - ستطغى قضايا افغانستان والشرق الاوسط والعراق على المحادثات التي سيجريها رئيس الوزراء البريطاني توني بلير مع الرئيس الاميركي جورج بوش في الولاياتالمتحدة التي يزورها اليوم، وسط اتساع الاستياء في صفوف حزب العمال إزاء احتمالات شن هجوم على العراق. ونقل عن الرئيس صدام حسين أمس قوله ان العراق "قادر على مواجهة الأخطار التي تهدده"، ولا يريد سوى "منع الشر الذي يختلق بذرائع". وقال ناطق باسم بلير في لندن أمس انه سيناقش مع بوش خلال لقائهما في تكساس السبل الكفيلة بالعمل لانهاء الازمة في الشرق الاوسط و"دفع الفلسطينيين والاسرائيليين بعيداً عن حافة الهاوية". واضاف أن بلير يشعر بالقلق من "تزايد معدلات العنف" في الشرق الاوسط ويعتبر الوضع الحالي "الأسوأ منذ سنوات طويلة". ورأى أن السبيل الوحيد هو اقرار عملية سلمية تماثل ما هو قائم في ايرلندا الشمالية. وزاد أن بلير يبحث في ما يمكن أن تفعله بريطانيا كقوة ثالثة لانهاء الازمة. والمحادثات التي ستجري في مزرعة الرئيس الاميركي قرب كراوفورد في تكساس هي الثالثة بين الزعيمين منذ هجمات 11 ايلول سبتمبر. وتساءل مراقبون عن فحوى الرسالة التي سيحملها بلير الى الضفة الاخرى من الاطلسي، وهل تتضمن انحيازاً كلياً الى نهج واشنطن العسكري ضد العراق ام الدعوة الى الاعتدال. ولا يشكك الرأي العام في بريطانيا أو حزب العمال الحاكم في الالتزام البريطاني في افغانستان، حيث يتواجد جنود بريطانيون على جبهتي حفظ السلام ضمن قوة "ايساف"، وجبهة ملاحقة فلول "طالبان" و"القاعدة". اما موضوع العراق فهو مثير للغضب، ووقع 122 نائباً من حزب العمال من اصل 412 في مجلس العموم أخيراً مذكرة للتعبير عن "استيائهم الشديد" من احتمال توجيه ضربة الى العراق. واعرب عدد من الوزراء البريطانيين بينهم وزيرة التعاون الدولي كلير شورت عن وجهة نظر مماثلة. ومنذ زمن طويل، شكلت العلاقات المميزة مع واشنطن جزءاً من الديبلوماسية البريطانية، ولكن كما كتب اللورد وليم والاس الاربعاء في صحيفة "ذي فايننشال تايمز" فإن "بإمكان بلير هذه المرة الانتباه الى ان الفجوة بين ضفتي الاطلسي مهمة جداً كي يبقي قدماً ثابتة في كل ضفة". واضاف اللورد والاس الاستاذ في كلية لندن للاقتصاد ان الرأي العام الاوروبي والاميركي لم يعودا كما كانا بعد اعتداءات 11 ايلول. واشار الى "صعوبة تفهم الزائرين الاوروبيين الروح الوطنية العدائية المفعمة بالتدين والتي اجتاحت الولاياتالمتحدة منذ 11 ايلول". ورأت جولي سميث من المعهد الملكي للشؤون الدولية ان "رد الفعل الاول لبلير كان دعم بوش، لكن المعارضة الآخذة في الازدياد في بريطانيا تجعل الامور اكثر صعوبة بالنسبة إليه". وقالت لوكالة "فرانس برس" ان النواب العماليين الذين ابدوا معارضة لضرب العراق ينتمون الى "الجناح اليساري في الحزب وهم اقلية اليوم". لكنها استطردت: "انهم يعكسون وجهة نظر الرأي العام، كلما اشتدت المعارضة في صفوف النواب ازدادت معارضة وسائل الاعلام لضرب العراق، مما سيجعل الامر اكثر صعوبة لبلير". وتعتبر حقيقة تأجيل وزارة الخارجية البريطانية نشر تقرير عن التسلح العراقي المحظور دليلاً على الاحراج الذي تواجهه الحكومة البريطانية ازاء هذا الملف، على رغم انشغال وسائل الاعلام بوفاة الملكة الام السبت الماضي، كما قالت سميث. ورأى والاس ان اول شيء على بلير ان يبلغه لبوش هو وجوب ايجاد حل للنزاع الفلسطيني - الاسرائيلي وفي شكل عاجل. ونقلت صحيفة "ذي الغارديان" عن مصادر حكومية بريطانية ان رئيس الوزراء ينوي مطالبة بوش بضمانات بهذا الخصوص. في بغداد، قال الرئيس صدام حسين ان العراق قادر على مواجهة الأخطار التي تهدده، في اشارة الى الضربة الاميركية المحتملة، معتبرا ان العراق "على حق" ولا يريد سوى "منع الشر الذي يختلق تحت ذرائع لا تنتهي". ونقلت الصحف العراقية أمس عن صدام قوله خلال لقائه نائب رئيس الوزراء وزير التصنيع العسكري عبدالتواب الملا حويش "انهم الاميركيين يأتون في كل يوم بذريعة وعنوان جديد ليضربوا العراق، لكنه قادر على مواجهة الأخطار التي تهدده، وقوي لأنه على حق". ودعا القادة العرب الى "الاعتماد على قدرات شعوبهم وطاقاتها بدلاً من الاعتماد على الاجنبي".