على دقات الطبول و"القلوب المتسارعة" لا تزال تحتفل اوروغواي بتأهلها الصعب للمونديال المقبل من خلال "الملحق" الذي خاضته امام استراليا، فهي لحقت بالقطار في آخر عرباته وأهدت الفرحة الى جماهيرها بعدما كانت سبباً في قض مضاجعها شهوراً طويلة. وتعلقت انظار الشعب الاوروغوياني بأكمله، وربما غيره من الشعوب المحبة لكرة القدم وما أكثرها، بالمواجهة الفاصلة امام استراليا تحديداً بدافع عاملين مهمين: اولهما ان اوروغواي قدمت الكثير لهذه اللعبة الشعبية الأولى منذ مهد المونديال حين استضافت دورته البكر وفازت بلقبها، وثانيهما أن حضورها في دورة الالعاب الاولمبية عام 1924 في باريس غير مفهوم اللعبة تماماً بإدخال الأداء اللاثنيني المعروف الى جانب قوة الالتحام التي عرفت عن المدارس الاوروبية... فكان من العيب ان تخرج من التصفيات، ومن الخيبة الا يشاهدها محبوها في هذا المحفل العالمي الذي ولد على أرضها. لكن الأكيد ان المنتخب الذي سيظهر في كوريا الجنوبيةواليابان سيكون شبحاً قياساً على ما قدمته الكرة الاوروغوانية في المناسبات السابقة، لأنه يفتقد هذه المرة الكثير من عناصر النجاح اللازمة على رغم التحسن الذي طرأ عليه اخيراً تحت قيادة مدربه فيكتور بوا. عندما فازت اوروغواي على استراليا في المواجهة الفاصلة لتحديد هوية المتأهل من بينهما الى نهائيات كأس العالم لكرة القدم المقررة من 31 أيار مايو الى 30 حزيران يونيو المقبلين في كوريا الجنوبيةواليابان، صار المدرب فيكتور بوا الشخصية الأولى في البلاد... وتصاعدت شعبيته الى درجة ان عمدة العاصمة مونتفيديو اهداه مفتاح المدينة. الصعود بهذا البلد الذي ولدت فيه نهائيات كأس العالم عام 1930 وللمرة الاولى منذ مونديال ايطاليا عام 1990، كان كافياً لإعلان بوا بطلاً قومياً وشعبياً وزعيماً للحركة الكروية في البلاد. خصوصاً ان التأهل جاء بفضل مشروع تقدم به الى الاتحاد المحلي ونفذه هو بدءاً من حرف الألف الذي تمثل بوصول اوروغواي الى المباراة النهائية من بطولة العالم للشباب دون 20 عاماً عام 1997 في ماليزيا وبلوغ الدور نصف النهائي من البطولة ذاتها عام 1999 في نيجيرياوغانا معاً تحت قيادته... الى حرف الياء الذي يتمثل ببلوغ النهائيات ومن ثم الاعداد لخوض مبارياته بصورة تليق وعراقة كرة بلاده. نجح اللاعبون الشباب تحت قيادة بوا في تحقيق انجازات كبيرة للكرة الاوروغوانية، ولذا حين تولى قيادة المنتخب الاول بدلاً من الارجنتيني دانيال باساريللا لجأ فوراً الى "ابنائه" فضم مجموعة كبيرة منهم. خاض بهم ما تبقى من التصفيات التي مثلت عنق الزجاجة لهم وله، من دون ان يستغني طبعاً عن اسماء كبيرة من عجينة الفارو ريكوبا الذي علق "اتذكر جيداً ايام باساريللا، لقد ساعدنا كثيراً في مرحلة معينة من التصفيات. لكن بوا كان معنا في كل المراحل، ولذا فهو الاقدر على قيادتنا في النهائيات". وكانت الصحافة الاوروغوايانية وعلى عكس الحالة الشعبية، طالبت بإبعاد المدرب الذي كان مساعداً لباساريللا أيضاً، وعدم تجديد عقده بعد التأهل اذ اعتبرت ان المرحلة المقبلة تتطلب كفيات خاصة ربما تكون غير متوافرة في بوا... بيد ان الاتحاد المحلي تمسك بالارادة الشعبية وأبقاه في منصبه، على رغم ما تردد من ضعف شخصيته وعدم قدرته على السيطرة على ابرز اللاعبين. ورأى هداف التصفيات داريو سيلفا ان صمت بوا ازاء الاشاعات التي ترددت من حقه لضعف موقفه "لن اسامحه قط على موقفه، كان يجب ان يرد على الصحافة ويوضح كل الحقائق ويثبت انه الرجل المناسب في المكان المناسب في الوقت المناسب". واليوم، لم يعد الوقت مناسباً كي يواصل الاعلام حملته الشرسة عليه... فهو سيقود المنتخب في مهمته الكبيرة في المونديال، شاء الاعلاميون ام ابوا. ولذا عاد الهدوء الى الاجواء، ولم يعد احد يهتم الا بالاستعدادات الجارية من اجل التشريف المشرف على اقل تقدير. واللافت ان بوا يدرك ان مهمته "المونديالية" ستكون الاخيرة مع منتخب بلاده، ولذلك فهو دائم الاتصال بالسماسرة من اجل توفير عقد مناسب له مع احد الاندية الاوروبية... وان لم يحدث، فليكن محلياً. وسيعتمد بوا في المناسبة الكبرى الى جانب ريكوبا وسيلفا على مجموعة من الشباب الذين يعرفهم عن ظهر قلب، امثال غوستافو فارلا وروبن اوليفيرا وداريو رودريغيز، وريتشارد مورالس. اما كيف حجزت اوروغواي بطاقات السفر الى كوريا الجنوبية، فكان بتغلبها على بوليفيا 1-صفر وشيلي 2-1 و1-صفر وفنزويلا 3-1 واكوادور 4-صفر والبرازيل 1-صفر وبيرو 2-صفر، وخسرت امام باراغواي صفر-1 وصفر-1 والارجنتين 1-2 وفنزويلا صفر-2، وتعادلت مع البرازيل 1-1 وبيرو صفر-صفر وبوليفيا صفر-صفر وكولومبيا 1-1 واكوادور 1-1 والارجنتين 1-1. واحتلت المركز الخامس في التصفيات القارية، وخاضت "الملحق" امام استراليا بطلة اوقيانيا فخسرت الاولى صفر-1 ثم فازت 3-صفر. وعلى طريق الاستعدادات للنهائيات، كان يفترض أن تلتقي اوروغواي مع غانا السبت المقبل بيد أن بوا ألغى اللقاء لعدم رغبته في خوض اللقاء من لاعبيه المحترفين في اوروبا. وعموماً يتبقى للاوروغوانيين ثلاث وديات أخرى امام الولاياتالمتحدة في 12 أيار مايو المقبل، وفريق شنغهاي الصيني ويوكوهاما مارينوس اليابان في 16 و25 من الشهر ذاته على التوالي. ورأى بعض النقاد أن الدافع الحقيقي وراء إلغاء مباراة غانا كان حادث المرور الذي وقع لنجمي المنتخب ريكاردو مورالس وغوستافو فارلا. وكان اللاعبان يقودان سيارتيهما عندما اصطدما ببعضهما البعض أول من أمس! وتفيد التقارير الطبية أن اللاعبين تعرضا لاصابات طفيفه لن تعوقهما عن مواصلة التدريبات.