تعترض طريق عمليات التفجير العشوائي مشكلة أخلاقية هي سقوط ضحايا من الأطفال. وهؤلاء ابرياء حتماً، ولا معترض على ذلك. ولكن يتحمل جرمهم ذووهم الذين صوتوا لآرييل شارون. كما يتحمل جرمهم المجتمع الدولي، وخصوصاً العقل الاميركي والاوروبي المجتمِع على عدم اعطاء الفلسطينيين حق التسلح. فهم باقفال الابواب امام الفلسطينيين لا يتركون من خيار سوى عمليات التفجير. ويمكن، على رغم ذلك، ان يلاحظ المراقب ان عمليات التفجير تحدث ليلاً، في وقت يسعى فيه المجاهدون ما استطاعوا الى تجنب قتل الاطفال، او في ساعات الصباح التي يكون فيها الاطفال في المدارس، او في وسائل نقل خارجية يتأكد فيها منفذ العملية ان لا اطفال على الحافلة. وهي ملاحظة واعية وواقعية. وليس وقوع طفل قتيل، هنا او هناك على رغم بشاعته، سوى خطأ قدري لم يتمكن المجاهدون من تفاديه. اما على الجانب المقابل في ان اكثر من 30 في المئة من شهداء الانتفاضة اطفال. ونسبة كبيرة منهم سقطت برصاص اصاب الجزء العلوي من اجسامهم، اي برصاص القناصة، ما يلقي بظلال ثقيلة على كل المتقولين بانسانية الاسرائىليين. ولو تجاوزنا كل التفسير السابق فإن ما يسمى اسرائىل اخذت طريقها للوجود من خلال عمليات تفجير وقتل جماعي لم يفرق بين الطفل او المسن او المرأة. وكل تلك العمليات نفذت بحق مدنيين لا غبار على براءتهم. فلم يكن في فلسطين آنذاك لا جيش ولا دولة لتحارب. وحتى الساعة يرفض هذا الكيان الاعتراف بمسؤوليته الاخلاقية عن تلك الجرائم، والاعتذار عنها، والتعويض عن المتضررين المباشرين منها، بل ويستمر في ارتكابها في شكل منهجي واضح. كما ان الانتقال من القتل بالاغارة الليلية على القرى الآمنة، كما كانت الحال قبل 1948، الى الاغارة بالطائرات، هو تبديل في الوسائل، نظراً لتبدل الامكانات، وليس تبدلاً في الفكر، كما يروج بعضهم. فنحن هنا امام عقل كلي يؤمن بالجريمة والقتل وسيلة للاستمرار والوجود، لا بالتعايش. جدة - حسام مطلق