برزت معارضة جدية للحرب على الارهاب من جانب مجموعة من المثقفين الاميركيين رفضوا تصنيف الادارة الاميركية لتلك الحرب بأنها "عادلة" واعتبروا انها حرب عنصرية، ودعوا في رسالة نظراءهم الاوروبيين الى ابداء معارضتهم للتوجه الحربي لادارة جورج بوش. كذلك ابدى الكونغرس استياءه من طلب البنتاغون زيادة موازنة المساعدات الخارجية لدعم الحملة الاميركية على الارهاب، معتبراً انه ينبغي في المرحلة الاولى التأكد من ان الدول المستفيدة لا تنتهك حقوق الانسان. واشنطن - أ ف ب، أ ب - أعلنت مجموعة من 128 مثقفاً ومفكراً اميركياً معارضتهم تقديم "الحرب على الارهاب" بصفتها "حرباً عادلة"، وذلك في رسالة الى نظرائهم الاوروبيين طالبوا فيها توجيه "انتقاد اوروبي صريح لسياسة الحرب التي تخوضها الادارة الاميركية". وعكست الرسالة معارضة الموقعين عليها لاعتبار الحرب على الارهاب، حرباً بين "الخير والشر" وكذلك معارضتهم التفسير الذي يقدمه الرئيس جورج بوش للشعور المعادي للولايات المتحدة. وقال ادوار هرمان وهو احد الموقعين على الرسالة: "شعرنا بضرورة مواجهة مفهوم الحرب العادلة". وقالت جويل بليفوس رئيسة تحرير صحيفة "ان ذيس تايمز" المستقلة الاشتراكية ان الرسالة "تسعى الى طرح فكرة موازية للمغالاة في التعصب القومي في الصحف الاميركية ولدى واشنطن، وبين الجمهور الاميركي، وهي نزعة اعتادت الصحف عدم توجيه اي انتقادات لها". وإضافة الى هرمان وبليفوس، فإن من بين الموقعين المؤلف غور فيدال والمؤرخ هوارد زين والناشطة المناهضة للانتشار النووي هيلين كالديكوت والمحامي الدولي فرانسيس ا. بويل. وأكدت الرسالة ان "الكثير من المطلعين داخل حكوماتكم وخارجها يدركون مخاطر الجنون المتأتي عن مسار الحرب الذي تنتهجه ادارة بوش. لكن قليلين يجرؤون على التعبير عن رأيهم بصراحة". ومضت: "انهم يخشون ان ينعتوا بأنهم ضد اميركا وهو النعت الذي يتهم به الاميركيون الذي يناهضون سياسات الحرب والذين يتم خنق احتجاجاتهم وسط جوقة من العصبية القومية الشوفينية المهيمنة على وسائل الاعلام الاميركية". وتابعت ان "انتقاداً اوروبياً صريحاً وسليماً لسياسة الحرب التي تخوضها ادارة بوش سيساعد في إسماع اصوات الاميركيين المناهضين للحرب". وهاجمت الرسالة التفسير الذي قدمه بوش للمشاعر المعادية للاميركيين التي كانت وراء هجمات 11 ايلول سبتمبر. وورد في الرسالة: "في هذا السياق، هناك جواب واحد عن سؤال: لماذا يكرهوننا؟ المطروح بعد 11 ايلول سبتمبر، وهذا الجواب هو: لأننا ناجحون. اما ان يتم الادعاء بأنهم يكرهوننا بسبب قيمنا فهو امر خاطئ". وتابعت الرسالة: "ان معظم المواطنين الاميركيين لا يدركون ان ما يخلفه استخدام القوة العسكرية الاميركية في الخارج، لا علاقة له ابداً بالقيم التي يحتفى بها في الداخل، وهي غالباً تستخدم لحرمان شعوب دول اخرى من فرصة التمتع بهذه القيم". الكونغرس ومن جهة اخرى، ابدى المشرعون الاميركيون الذين يدرسون طلب وزارة الدفاع البنتاغون تخصيص 130 مليون دولار للمساعدات العسكرية الخارجية لدعم الحرب على الارهاب، امتعاضهم الشديد. وقال رئيس لجنة التخصيصات المالية للمساعدات الخارجية الجمهوري جيم كولبي: "لن نعطي فخامة الرئيس شيكاً على بياض". وكانت ادارة بوش طالبت في وقت سابق برفع نفقاتها هذا العام بنحو 27 بليون دولار، يذهب 14 منها الى البنتاغون. وأضاف كولبي الذي قام بجولة استمرت ثمانية ايام في خمس دول افريقية: "اعتقد ان الكونغرس سيصر على معرفة اين تنفق الاموال. يجب على الرئيس ان يكون اكثر صراحة في الافصاح عن قنوات الاموال". وأبدى رئيس مجلس التخصيصات الخارجية السيناتور باتريك ليهي بعض القلق حيال ادارة الرئيس بوش، فقال: "يجب ان ندرس هذا الطلب دراسة معمقة، خصوصاً من ناحية أبعاده ونطاقه". وأضاف: "هذا سيفتح المجال امام المزيد من المساعدات الخارجية، بينما قوانين حقوق الانسان الموجودة لا تدرس بما يكفي، لا في الكونغرس ولا في وزارة الخارجية". وتحرص وزارة الخارجية التي تشرف على المساعدات الخارجية العسكرية على الا تخرق الدول المستفيدة قوانين حقوق الانسان او تدعم الارهاب. ويسعى البنتاغون في مشروع الموازنة الذي تقدم به، الى الحصول على 100 مليون دولار ليقدمها كمساعدات الى الدول المناهضة للارهاب "وفق الشروط التي يحددها وزير الدفاع". وتتضمن هذه المساعدات معدات دفاعية وخدمات وتدريبات عسكرية. كذلك طلب البنتاغون استخدام مبلغ اقصاه 30 مليون دولار "لدعم القوات المحلية التي تقوم بنشاطات تتماشى وأهداف الأمن القومي الاميركي ومن ضمنها المطالبة بالحريات ومناهضة الارهاب". ولا تحدد اي فقرة الجهة المستفيدة من هذه المساعدات. وسئل كولبي اذا كان من الخطأ اعطاء هذه الصلاحيات الى وزارة الدفاع بدلاً من وزارة الخارجية، فأجاب: "هذا امر يحتاج الى توضيح".