أسواق المال الأميركية حذرة من انخفاض سعر صرف الدولار أكد مهندس سياسة أميركا النقدية أن الاقتصاد الأميركي دخل مرحلة تمدد منهياً أقصر فترة ركود في تاريخه، لكن أسواق المال الأميركية، التي حققت مكاسب دراماتيكية منذ بداية الشهر الجاري وتعرضت لإخفاقات معتدلة، إختارت التزام الحذر مع استمرار انخفاض أسعار صرف الدولار الأميركي مقابل العملات الرئيسية الأخرى، لا سيما الين واليورو، وتعاظم ،هتمام الوسط الاستثماري باليابان والأسواق الناشئة. قال آلان غرينسبان في شهادة أمام الكونغرس أول من أمس نشر مجلس الاحتياط الفيديرالي نصها على موقعه في الانترنت، إن "الاقتصاد الأميركي واجه ضغوطات حادة منذ تموز يوليو الماضي وتعرض الناتج للانكماش لبعض الوقت وارتفع معدل البطالة وبذلنا جهداً حثيثاً في تعديل السياسة النقدية للحد من الهبوط واستعجال نهايته، وعلى رغم الفوضى التي أحدثتها الهجمات الإرهابية في 11 أيلول سبتمبر عادت ديناميات الدورة الاقتصادية إلى الظهور وهي تعمل الآن على تعزيز النشاط الاقتصادي". انخفاض أسعار الطاقة ولفت غرينسبان إلى تعاظم المؤشرات أخيراً على بدء مرحلة تمدد محذراً في الوقت نفسه من أن الاقتصاد لا يزال عرضة لعوامل سلبية قد تحد من قوة اندفاعته. وأوضح أن انخفاض أسعار الغاز الطبيعي ووقود التدفئة والبنزين في الشهور الأخيرة وفر بعض الدعم للمستهلك الأميركي إلا أن استمرار نمو الانفاق الاستهلاكي الذي يشكل ثلثي الاقتصاد الأميركي، يحتاج إلى انخفاض أكبر في أسعار الطاقة وإن كان استبعد حدوث ذلك قياساً إلى اتجاه أسواق الصفقات الآجلة. وأصدرت وزارة التجارة ومجلس الاحتياط أخيراً سلسلة من المؤشرات التي خالفت التوقعات إذ رفعت الوزارة نسبة النمو التي حققها اجمالي الناتج المحلي في الفصل الرابع من العام الماضي من 0.2 إلى 1.4 في المئة، وأظهرت حدوث تمدد في قطاع الصناعات التحويلية الشهر الماضي بعد 18 شهراً من الانكماش علاوة على ارتفاع مؤشر توقعات الطلبيات في كانون الثاني يناير إلى أعلى مستوى له منذ 8 أعوام وكذلك تقدم كل من الانفاق الاستهلاكي والدخل الشخصي 0.4 في المئة. واعتماداً على جملة المؤشرات المذكورة عدلت "ميريل لينش" توقعاتها عن نمو الناتج المحلي في الفصلين الأول والثاني من السنة الجارية صعوداً إلى 3.5 في المئة بينما أبقت على توقعاتها في شأن الفصلين الثالث والرابع 5 في المئة كما ركزت على متانة الإنفاق الاستهلاكي مشيرة إلى أن أسعار الطاقة ومعدلات الفائدة والخفض الضرائبي ستضخ في جيب المستهلك الأميركي 200 بليون دولار من الدخل الإضافي القابل للإنفاق هذه السنة. وخالفت "مورغن ستانلي" نظيرتها في شأن قوة النمو المتوقع إذ ذكرت أن المعطيات المتوافرة عن أداء الاقتصاد في كانون الثاني يناير وشباط فبراير الماضيين تشير إلى أن الناتج ينمو بنسبة 4.5 في المئة في الفصل الأول، لكن المؤسستين العملاقتين إتفقتا في توقع أن تبلغ نسبة النمو الحقيقي هذه السنة 2.6 في المئة وهي نسبة تقترب من توقعات مجلس الاحتياط الفيديرالي الذي أجرى 11 خفضاً على سعر الفائدة الأساسي لحفز الاقتصاد، ويتوقع الآن أن تراوح نسبة النمو للعام الجاري بين 2.5 و3 في المئة. وحققت المؤشرات الرئيسية في أسواق المال الأميركية مكاسب دراماتيكية منذ جلسة التداول الأولى للشهر الجاري وتجاوز مؤشر داو جونز للأسهم الممتازة حاجز 10500 نقطة للمرة الأولى منذ 7 شهور على رغم تراجعه مرة واحدة في أربع جلسات متتالية، إلا أن إعلان غرينسبان إنتهاء فترة الركود للمرة الأولى وصدور مؤشرات إيجابية جديدة عن أداء الاقتصاد لم ينجحا في وقف تراجع كل المؤشرات في جلسة تداول أول من أمس. وترافق تراجع المؤشرات مع ما يعتقد المحللون أن يكون السبب الرئيسي وراء حذر المستثمرين، إذ سجل الدولار أكبر انخفاض له مقابل الين في يوم واحد منذ اعوام ليرفع بذلك خسارته منذ بداية الشهر الجاري إلى 4.6 في المئة ويستقر أول من أمس عند مستوى 127.24 ين للدولار، كما انخفض مقابل اليورو إلى 0.88 دولار رافعاً خسارته لصالح العملة الأوروبية الموحدة في الفترة نفسها إلى 1.9 في المئة. وربط المحللون بين انخفاض سعر صرف الدولار وعمليات بيع نشطة في أسواق السندات الأميركية من قبل المستثمرين اليابانيين الذين رفعوا قيمة أصولهم من السندات الأميركية في الفصل الرابع من العام الماضي إلى 338 بليون دولار، ما يناهز 27 في المئة من إجمالي الاستثمارات الدولية في السندات الأميركية، لكنهم تحمسوا للاستفادة من الانخفاض الحاد الذي سجله سعر صرف الين في الشهرين الأخيرين. إلا أن ارتفاع سعر صرف الين ترافق في الوقت نفسه مع تعاظم حماسة المستثمرين الدوليين للأسهم اليابانية لا سيما "ميريل لينش" التي أجرى كبير استراتيجيي الاستثمار الدولي لديها ديفيد باورز الأربعاء الماضي تعديلاً مفاجئاً على حصص الأسهم العالمية في المحافظ الاستثمارية، مانحاً أسهم الأسواق الناشئة المرتبة الأولى والأسهم اليابانية المرتبة الثانية وذلك على حساب أسواق الأسهم الأميركية التي تراجعت إلى المرتبة الثالثة.