أول الكلام: للشاعر السعودي/ علي الدميني، من أصداء جزر الخليج ... القديمة جداً: - زجاج بابك انكسرْ والريح: صاخبهْ والبحر يقذف الحيتان باتجاه بيتكم والشمع يحترقْ خطر ... خطر ... خطرْ من البعيد كالوميض: دقّة الطبول وصرخة الغَجَر!! إشهدوا عليه ... هذا القارئ العزيز الذي كتب لي بتوقيع عجيب، هو الآمر/ الناهي في الحلم ... وجاءت كلمات رسالته "الإيميلية": غاضبة، متوترة، شائطة ... وهو يلومني ويُقرّعني، قائلاً: - أقرأ لك في عمودك كل صباح خميسي ما تسمّيها: "وجدانيات" أو رومانسيات ... وأغتاظ وأكاد أصبّ عليك لعناتي برغم انجذابي الى ما تكتبه منذ كنتَ فرّوج كاتب في صحفنا المحلية، وركضت وراءك وأنت تتمدّد: كاتباً عربياً، وأصفّق لك: كاتباً عروبياً! ولكن ... هل نحن اليوم في حال يسمح لكاتب مثلك: يوميّ الإطلالة تِهاتي صارخاً ولا مجيب، فتكتب لنا غزلاً في عبلة، وليلى، وجولييت؟! وعليك السلام ... إن كنت من المُصْغين!! و... لهذا الأخ القارئ العزيز: الآمر/ الناهي في الحلم، أقول: ألا تحلم أنت؟! حتى أحلام يقظتنا ... لا بد أن نرشّها بغشقة من البوح الإنساني والوجداني! ألا تشاهد قنواتنا الفضائية التي تقول لمشاهديها: أنتم وقضاياكم الوطنية، ومعاناتكم الإنسانية في واد ... ونحن الفضائيات في وادي الرقص والغناء بالسيقان والصدور؟!! ولكني لا ألومك على هذا الصدق الذي أطلقه عليَّ قلمك كرصاص منهمر .. واقرأني - من فضلك - في هذه الكلمات التي أهمس بها إليك: في ذات الإنسان الخفية عن الناس: ملحمة من الحزن، ورغبة من الفرح ... وفيها أيضاً: إمكانات القدرة، ودواعي الضعف، وجنون الغرور، وفجائع الارتطام. إنها "مسافات" الإنسان النفسية ... هذه التي قد تضيع في امتدادها: انفعالاته ومواقفه وكلماته ... وقد تتكشّف أيضاً بنفس الامتداد! إن وجه الانسان غير قلبه ... وقلبه: لم يعد القادر الذي يتفوّق على كدر المعاناة. لكن الإنسان - اليوم - يحاول أن ينزع قلبه من صدره، فيضعه مرة على وجهه، ويضعه مرة على لسانه، ويضعه مرة ثالثة خلف ظهره !! إنه يحمل قلبه ويشدّه، مثل "أم" لم تجد لطفلها مأوى ... ورغم ذلك: فلا بد أن تبدأ الحياة بالحب، وتنتهي بالحب ... ولا بد ان يصاحب العمر: لون من التجارب العاصفة التي تطوّح بالإنسان في زوابع من الأحقاد، والكراهية، والأنانية، والنسيان ... وهو يفتش عن: مرفأ، وصدر حنون، وهمسة الدفء! ولا بد أن يثرثر هذا الإنسان ويحاول أن يؤكد - في ما يقوله - انه يعني تماماً كل ما ينطق به لسانه بصوت عقله، وكل ما يخفق به قلبه الذي يحيا بنبضات وجدانه. فهل يعني الانسان كل ما يقوله ... في جميع الحالات من الناس ... وهل يصدق بكل ما يعبّر به عن الحب للناس، أم ان التعبير عن الحب أصبح من انواع المجاملة او التهذيب الموقت، او ... التضييع للوقت؟! لا بد أننا في أهم حالاتنا النفسية والذهنية، نعني ما نقول: تلفظاً، أو تصرفاً، أو ... حتى حلماً، نردّد قول الشاعر: - منىً ان تكُن ... تكن أحسن المنى وإلا فقد عشنا بها زمناً رغدا!!