يبدأ العاهل المغربي الملك محمد السادس اليوم زيارة للمحافظات الصحراوية تشمل مدينتي العيون، عاصمة الصحراء، والداخلة الواقعة على الساحل الأطلسي والتي تُعتبر مركزاً لوادي الذهب الذي طاولته فكرة "التقسيم" التي رفضتها الرباط. وقالت مصادر رسمية ان الزيارة كانت مقررة منذ تشرين الثاني نوفمبر الماضي، إذ أعلن العاهل المغربي إقرار خطة للنهوض بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في الإقليم بالتشاور مع ممثلين للسكان المحليين. لكن خيار التقسيم الذي تضمنه التقرير الأخير للأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان ضمن خيارات أخرى تشمل العودة الى الاستفتاء أو تكريس "الحل السياسي" او الانسحاب من الإقليم، أضفى على زيارة العاهل المغربي الحالية بُعداً خاصاً، خصوصاً انها أيضاً تأتي بعد أيام من زيارة قام بها الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة الى مخيمات جبهة "بوليساريو" في تندوف والتي اعتبرتها أوساط مغربية "نوعاً من الاستفزاز". ومن المقرر ان يلقي الملك محمد السادس خطاباً يعرض فيها تطورات قضية الصحراء ويعلن إنشاء مؤسسة جهوية للتنمية على غرار وكالة التنمية في المحافظات الشمالية للبلاد. واللافت ان زعامات الأحزاب السياسية والمركزيات النقابية وتنظيمات غير حكومية، إضافة الى شيوخ قبائل صحراوية ومنشقين عن "بوليساريو"، سيشاركون العاهل المغربي في هذه الزيارة التي تُعتبر الثالثة من نوعها خلال بضعة شهور. ويُعطي ذلك الانطباع بأنها زيارة على نحو من الأهمية، خصوصاً انها تأتي في ظل توتر شديد في العلاقة بين المغرب والجزائر. ورجحت مصادر ديبلوماسية ان يكون الوضع الراهن محور محادثات في مدينة سرت الليبية التي تستضيف قمة تجمع دول الساحل والصحراء في حضور رئيس الوزراء المغربي السيد عبدالرحمن اليوسفي. الى ذلك، وصف الديبلوماسي المغربي السيد محمد التازي، السفير السابق في تونس والسعودية، طرح الجزائر فكرة تقسيم الصحراء بأنها بمثابة "إعلان حرب". وعرض في مقال نشرته أمس صحيفة "العلم" الناطقة باسم حزب الاستقلال، إبرام الجزائر صفقات لاقتناء اسلحة من روسيا بكلفة تردد انها تصل الى بليوني دولار، إضافة الى قيامها ب"استنفار عسكري ضخم" على الحدود الشرقية للمغرب. وقال ان ذلك يُمهّد ل"عدوان جزائري مفاجئ" على المغرب. وطلب إعادة النظر في الاتفاقات المبرمة مع الجزائر وفي مقدمها "اتفاق ترسيم الحدود وحسن الجوار" الذي ابرمه الملك الراحل الحسن الثاني والرئيس الراحل هواري بومدين العام 1972. واعتبر ان الجزائر لم تحترم التزامها، إذ لم تلتزم الحياد من قضية الصحراء. ورأى الديبلوماسي المغربي ان من مصلحة بلاده ان يُعاود النظر في مواقفه "طالما ان طرفاً آخر يؤثر مصالحه ومطامعه"، في إشارة الى الجزائر. وذهب الى حد المطالبة بتجميد اتحاد المغرب العربي، قائلاً: "إذا كانت احلامنا في إقامة مغرب عربي متكامل ومتعاون، فماذا سيضيرنا إذا ارجأنا تحقيق الحلم لأجيال قادمة". ورأى ان هناك مبررات قانونية وسياسية لالغاء الاتفاقات بحسب مقتضيات القانون الدولي، وفي مقدمها اعتبار الاقتراح الحزائري بتقسيم الصحراء بمثابة إعلان حرب على المغرب.