"يا ليل يا عين"، "بيبسي ميوزيكا" و"يا قاتل يا مقتول" من شبكة برامج الLBC، "القمر عالباب"، "يا عمري" و"ليلة أنس" من "المستقبل"، "على مسؤوليتي" و"ميوزيكانا" من "أم بي سي"، و"هيصة من الMTV... وغيرها من البرامج، اجتمعت على لوح واحد معلق في مكتب انطوان رحال، ليس بهدف حجز اعلانات ولا بهدف اجراء استفتاء على نسبة المشاهدين، بل بهدف تأمين جمهور يشارك من داخل الاستديو في تصوير الحلقات. وكل ذلك في مقابل اجر، جعل المشاركة عملاً، والجلوس على المدرجات مهنة جديدة في عالم التلفزيون. تحت ذاك اللوح، اجتمع شبان وشابات ينتظرون الحصول على اجرهم الشهري في مقابل حضور بعض الحلقات، وهم يشكلون مجموعة من زهاء 800 شخص يتبدلون وينتقلون شهرياً وعلى مدار الاسبوع من برنامج الى آخر ومن استديو الى آخر. فالمهنة التي انطلقت مع رحال منذ ست سنوات في تلفزيون لبنان، تعمم اليوم على 90 في المئة من البرامج المصورة في لبنان. يختلف الأجر الشهري لكل شاب او شابة بحسب البرامج وعدد الحلقات. ويتقاضى كل منهم 10 او 15 دولاراً في مقابل حضور حلقة واحدة مهما طالت ساعات التصوير. لذلك يضطر الشباب الى المشاركة بأكثر من 20 حلقة للحصول على 200 دولار. بينما يشارك بعضهم الآخر بثلاثين حلقة شهرياً، لتأمين 300 دولار، وهو مبلغ يشكل راتباً بحد ذاته الحد الادنى للأجور في لبنان يساوي 250 دولاراً. اما رحال فيتقاضى 30 في المئة عمولة على عدد الاشخاص الذي يؤمنه لحضور اي حلقة، وذلك "بموجب القيمة القانونية المحددة من الدولة اللبنانية"، بحسب تعبيره. بهذه العملية، تدفع المحطات بين ألف و1500 دولار في الحلقة، في مقابل الحصول على جمهور يغطي مدارجها، اي بين اربعة آلاف وستة آلاف دولار شهرياً للبرنامج الواحد. اللافت ان بعض البرامج يعتمد على الجمهور فقط، لتسجيل تصفيقه وردود فعله من دون تصويره. وتدفع المحطات هذا المبلغ الى شركة انطوان رحال من دون التعاطي المباشر مع اي من الشباب الذين يحضرون تصوير حلقاتها، الامر الذي يؤكد نفيها انها تدفع هذه المبالغ في مقابل الحضور الى استديواتها. علماً انها توجه في احيان كثيرة الدعوات الى الجمعيات والكليات... للمشاركة في برامجها، وذلك من دون مقابل. يتراوح عدد الاشخاص المطلوب في كل حلقة من كل برنامج، بين 75 و250 شخصاً بحسب سعة الاستديو او متطلبات الديكور، يعمد رحال الى تأمينه كاملاً في بعض الاحيان، او جزء منه اذا ما حضر اعضاء الجمعيات او الطلاب في احيان اخرى. كما يلجأ الى تبديل الوجوه الحاضرة بين حلقة وأخرى وبرنامج وآخر، كونه الوحيد الذي يملك شركة خاصة بهذا الغرض. ويوضح بهذا الخصوص، ان احدى المحطات بدأت بتكليف احد موظفيها تأمين الجمهور، بهدف ايجاد نوع من المضاربة والمنافسة، الا انه ما زال مسؤولاً عن جمهور اكثرية البرامج المنتجة في لبنان. من الطرائف التي حصلت مع انطوان رحال، انه اضطر في احد الايام، الى تأمين اكثر من 500 شاب وشابة بسبب تزامن تصوير خمسة برامج لأربع محطات في اليوم نفسه، اضطرت احدى المحطات، في يوم آخر، الى انتظار انتهاء تصوير برنامج لمحطة اخرى، لتستفيد من جمهوره، بعد ان اعاق الطقس العاصف وصول جمهورها. وبذلك، يكون الجمهور نفسه قد ظهر، وبالملابس نفسها، على محطتين مختلفتين من خلال برنامجين مختلفين. ولكن ما رأي الشباب من كل هذا؟ في الواقع لم يعد الشباب يستمتعون بالمشاركة في تصوير البرامج، كون الامر اصبح روتيناً، يشكل عملاً بالنسبة لهم. حتى ان بعض الحلقات لا تقدم الا الملل الذي يطول مع ساعات التصوير الطويلة ويتفاقم مع التكرار الذي يصيب البرامج وضيوفها. غير ان الافادة المعنوية الوحيدة التي يحصل عليها الشباب جراء مشاركتهم هي مشاهدة بعض النجوم والاستمتاع بأغانيهم. الجدير ذكره ان الجمهور داخل الاستديو يشكل ضرورة ملحة في كل برنامج، كونه يعكس تفاعله مع مجريات الحلقة الى المشاهد داخل بيته. ومن الجيد ان تؤمن المحطات، ولو لم تتعمد ذلك، فرصة عمل ولو صغيرة للشبان والشابات.